مطالب شعبية بإعدام مختطفي الأطفال في الجزائر

05 اغسطس 2016
طالبوا بإعدام المختطفين (فيليب ديسمازي/Getty)
+ الخط -
كُشفت أخيراً حقيقة لغز اختطاف الطفلة الصغيرة (نهال سي محند) ذات الأربع سنوات بقرية صغيرة وسط منطقة القبائل شرق الجزائر، لتزيح الغطاء عن حرقة انتظار العائلة والأهل والأقارب والجيران لعودة الطفلة أو سماع خبر مفرح عنها، لكن يد المختطف التي امتدت لقتلها حرمتهم من رؤيتها إلى الأبد، حيث وجد رأسها مفصولا عن جسدها وبقايا شعرها الذهبي الذي تحلل مع مرور الأيام.

"نطالب السلطات بالتحرك، إنها كارثة، أولادنا يخطفون منا ونحن لا نستطيع فعل شيء، هل نغلق عليهم البيوت؟"، هي صرخة الحسرة التي أطلقها سكان قرية "آيت علي" ببلدية آيت تودرت بدائرة واسيف بولاية تيزي وزو (110 كيلومترات شرقي) عقب إعلان مقتلها، بعدما اختفت عن الأنظار منذ 21 يوليو/ تموز الماضي.

حزينة هي القرية والمدينة على فقدان الطفلة الصغيرة، ومعها فتح جرح كل العائلات التي فقدت أبناءها بنفس الطريقة البشعة، لتتداعى صور ياسين وخولة وأنيس وكريم وأحمد والآخرين إلى الأذهان، بل أكثر من ذلك فالجميع "يشد على ابنه بيديه" وكأنهم يقولون "استيقظنا على كابوس، وأصبحنا نشك في كل شيء، هؤلاء أكبادنا".


كثيرة هي عبارات التنديد والشجب والاستنكار التي أطلقها الجزائريون، ومتعددة الصور التي نشرت والتعليقات التي كتبت بعد الإعلان عن مقتل الصغيرة "نهال"، بل طرح الكثيرون سؤال "من هي الأم التي تتجرأ أن تسمي ابنتها نهال؟ وكم من نهال في الجزائر هي اليوم مرعوبة؟".

الجرح كبير داخل الأسر الجزائرية، صفحات بالعشرات على واجهة الفضاء الأزرق "فيسبوك" تطالب بـ"الإعدام للقتلة"، وهناك من ذهب أبعد بكثير بأن يتم الإعدام في ساحة عمومية وعلى مرأى عائلات الضحايا حتى يكونوا عبرة لغيرهم.



وبحسب إحصائيات غير رسمية، يقدر عدد الأطفال المختطفين بأكثر من 120 حالة السنة الماضية، حيث يقوم المختطفون باغتصابهم وقتلهم، وكانت أعنف قصة للطفلة شيماء التي اختطفت نهاية سنة 2014 بمنطقة "المعالمة" بالضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية، وقضية اختطاف الطفلين "هارون" و"إبراهيم" التي هزت الشارع الجزائري وخرج الآلاف إلى الشوارع في مسيرات للمطالبة بإعدام المختطفين.

من جهة ثانية، طالب نشطاء في الجزائر بضرورة تفعيل عقوبة الإعدام المتوقف تنفيذها منذ سنة 1993، حيث قال النائب في البرلمان عن حركة مجتمع السلم (كبرى الحركات المحسوبة على التيار الإسلامي في الجزائر) ناصر حمدادوش لـ"العربي الجديد" لم نجن من تعطيل العقوبة إلا المزيد من تنامي هذه الظاهرة، التي تحولت إلى كابوس يهدد الأبرياء، ويهدد الحق المقدس في الحياة". 

كما ذكر النائب بأن حركة مجتمع السلم دافعت في وقت سابق عن تفعيل عقوبة الإعدام أثناء تعديل قانون العقوبات الجزائري، وذلك عقب ما سماه "انفجار" ظاهرة اختطاف الأطفال وخصوصا في سنتي 2013 و 2014، معتبراً بأن تجميد تنفيذها مشاركة في الجريمة وتواطؤ عليها وتشجيع على تناميها.

كذلك شدد المتحدث على أن عدم تنفيذ العقوبة و"الرضوخ للضغوط الأجنبية هو مساس بالسيادة على التشريع الوطني" موضحا أنه "احترام زائف لحياة المجرم على حساب قداسة حياة الضحية".

ولفت حمدادوش إلى أن تكرار الفعل يعزز استمرار العمليات في غياب عقوبة رادعة لهذه الجرائم، إلا بعقوبات مكافئة لها في حجمها، وما ينجم عنها من آثار مدمرة للقيم والقانون والأمن والنظام العام.

وذهب المختص في علم الاجتماع، الدكتور ناصر جابي، في تحليله للظاهرة على صفحته الرسمية بـ"فيسبوك" إلى القول بأنها تعبر عن أزمة جنسية حادة وتدهور في القيم الأخلاقية في الجزائر، موضحا بأنه "لا يمكن تنفيذ عقوبة الإعدام، وتطبيقها ليس هو الحل، كما لم يكن حلا في المجتمعات التي طبق فيها في الغرب والشرق".

ومن وجهة نظر الأستاذ جابي، فإننا أمام ظاهرة لا يمكننا القضاء عليها تماما لأن "الجريمة جزء من الإنسان ومن المجتمع ولا يوجد مجتمع بمستوى جريمة صفر"، خصوصا مع انتشار المخدرات بين أوساط الشباب، داعيا إلى علاج الظاهرة عن طريق معرفة دقيقة لظروف هذه الجرائم ومن يقوم بها وأسبابها العميقة للحد منها.

 

دلالات