يعاني سكان محافظة حضرموت، شرقي اليمن، من جرّاء استمرار إغلاق مطار الريان الدولي، في مدينة المكلا، أمام المسافرين المدنيين، لا سيما المرضى منهم، فيضطر المسافر لقطع أكثر من 300 كيلومتر، من أجل الوصول إلى مطار مدينة سيئون.
تسببت الحرب في اليمن في كثير من المعاناة لأهل البلاد والمقيمين فيها منذ عام 2015. وبينما تستمر العمليات الحربية في بعض المناطق لتحصد الأرواح وتتسبب في موجات نزوح، فإنّ مناطق أخرى تعاني من الحصار ومن غياب احتياجات الحياة الأساسية، وكذلك من غياب المرافق العامة الضرورية لحياة المواطنين، والتي تشكل أساس الحياة المدنية. يأتي وقف الحركة في مطار الريان الدولي بمدينة المكلا، الواقعة في محافظة حضرموت، شرقي اليمن، في هذا الإطار، إذ يؤدي ذلك إلى معاناة كثيرين في المحافظة ككلّ.
يقول محمد حسن: "بعد إصابة والدي بالفشل الكلوي وتردي الخدمات الصحية في المكلا، قررت السفر معه إلى الخارج من أجل العلاج، لكنّ استمرار إغلاق مطار الريان الدولي كان عائقاً أمام سفرنا. انتظرنا طويلاً مع الأمل بفتح المطار أمام المسافرين المدنيين لكن من دون جدوى، لذلك قررنا السفر عبر مطار سيئون بالرغم من بعد المسافة بين المكلا وسيئون إذ تستغرق الطريق نحو خمس ساعات، فضلاً عن متاعب السفر الطويل براً على والدي المريض". يؤكد حسن لـ"العربي الجديد" أنّ المسافرين عبر مطار سيئون كثر جداً: "تفاجأت بالازدحام الشديد، بالإضافة إلى عدم انتظام الرحلات الجوية". يتابع: "وصلنا إلى الأردن، وهناك توفي والدي بعد خمسة أيام، لأنّه تأخر بحسب الأطباء. كذلك، كلفتني الرحلة من المكلا إلى سيئون ومن ثم إلى الأردن ما يفوق طاقتي، خصوصاً مع قراري بإعادة جثمان والدي، لدفنه في مسقط رأسه بالمكلا".
من جهته، يوضح علي النهدي أنّ القوات الإماراتية المشاركة في التحالف السعودي- الإماراتي هي المسؤولة عن فتح مطار الريان، لكنّ ذلك لم يحدث منذ تحرير مدينة المكلا من العصابات المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة، قبل نحو ثلاث سنوات. يضيف النهدي لـ"العربي الجديد": "الرحلات العسكرية مستمرة بشكل شبه يومي، بالإضافة إلى رحلات المسؤولين اليمنيين الموالين للإمارات على وجه الخصوص". ويتساءل النهدي: "لماذا المطار مغلق أمام المدنيين ومفتوح لقوات التحالف والموالين لها؟". يشير النهدي إلى أنّ الإمارات "جعلت من المطار قاعدة عسكرية لها، وهناك أخبار تؤكد أنها تحتجز بعض المناوئين لسياساتها من أبناء حضرموت، لذلك ترفض الاستغناء عنه وإعادة تشغيله". يطالب الحكومة الشرعية والسلطات المحلية في المحافظة بالضغط وإعادة فتح المطار من أجل التخفيف عن المواطنين. كذلك، يتساءل النهدي عن الأسباب الحقيقية لإغلاق المطار أمام المسافرين: "حضرموت كبيرة وبإمكانهم ايجاد بدائل لهذا الموقع العسكري في أماكن أخرى. أما إذا كانت هناك مخاوف أمنية فعليهم أن يطلعونا عليها". يلفت إلى أنّ "الحديث عن الاستمرار في صيانة وتجهيز المطار غير منطقي، لأنّ الفترة الزمنية منذ تحرير المكلا حتى اليوم طويلة جداً، كما أنّ الطائرات تهبط وتقلع من المطار بشكل طبيعي".
في السياق، تؤكد الإعلامية أماني باخريبة، أنّ مطار الريان الدولي توقف عن العمل بعد سيطرة تنظيم القاعدة على مدينة المكلا في شهر إبريل/ نيسان 2015. تضيف لـ"العربي الجديد": "السلطات المحلية بمحافظة حضرموت وعدت مراراً بإعادة تشغيله، بعد استكمال عمليات الصيانة، لكنها لم تفِ بوعودها". تؤكد باخريبة، أنّ معاناة المواطنين تزداد يوماً بعد آخر: "لا يبدو أنّ المطار سيعاد فتحه قريباً". وتشير إلى أنّ المطار "مفتوح لرحلات بعض المسؤولين، ومقفل أمام المدنيين، وتعلل السلطات هذا، بعدم جاهزيته لاستقبال الرحلات المدنية".
أمّا الناشط الإنساني صالح بامخشف، فيقول إنّ معاناة المواطنين كبيرة، جراء إغلاق المطار، لا سيما المرضى الذين يحتاجون السفر إلى الخارج لتلقي العلاج، مع العلم أنّ حالة بعضهم الصحية لا تسمح له بالسفر إلى مطار سيئون الذي يستغرق الوصول إليه أكثر من خمس ساعات. يؤكد بامخشف لـ" العربي الجديد" أنّ إغلاق المطار ليس له علاقة بالجانب السياسي أو الأمني أو عدم جاهزيته، لأنّه يستقبل طائرات بعض المسؤولين وقوات التحالف، ما يؤكد زيف مبررات السلطات بعدم جاهزيته. يضيف: "المحافظ أكد مراراً أن استمرار إغلاق المطار يرجع إلى عدم جاهزية الصالة الخاصة، مشيراً إلى العمل على بناء صالة جديدة". ويلفت بامخشف إلى أنّ الأسباب الحقيقية لإغلاق المطار غير معروفة.
تجدر الإشارة إلى أنّ مطار الريان الدولي أغلق بعد سيطرة تنظيم القاعدة على المكلا في إبريل/ نيسان 2015. واستعاد الجيش اليمني السيطرة على المدينة بدعم من قوات التحالف السعودي - الإماراتي في إبريل/ نيسان 2016، وما زال المطار مغلقاً حتى الآن بحجة أعمال الصيانة، بحسب السلطات المحلية بمحافظة حضرموت.
ويعتبر مطار الريان الدولي، ثالث أكبر مطار في اليمن في معيار الحركة الملاحية، بعد مطاري صنعاء وعدن، إذ يربط مدن محافظة حضرموت برحلات دولية إلى عدد من الدول الإقليمية، بالإضافة إلى الرحلات الداخلية. ويضم اليمن ستة مطارات دولية، اثنان منها فقط يعملان حالياً.
وكان رئيس الوزراء اليمني السابق، أحمد عبيد بن دغر، قد أكد عام 2016 أنّ "العمل جارٍ على قدم وساق مع دول التحالف العربي لإعادة فتح مطار الريان بمدينة المكلا". وهي التصريحات والوعود نفسها التي أطلقها محافظ حضرموت السابق اللواء أحمد بن بريك، وكان آخرها التأكيد على أنّ افتتاح المطار سيكون في منتصف يناير/ كانون الثاني 2017، أي قبل أكثر من عامين. كذلك هناك تصريحات نائب الرئيس ورئيس الحكومة السابق، خالد بحاح، المقرب من الإمارات. وأخيراً تصريحات، محافظ حضرموت الحالي، فرج سالمين البحسني. لكنّ كلّ الوعود لم تصل إلى التنفيذ حتى اليوم.
ويضطر المسافر من اليمن إلى الخارج، للانتظار أكثر من شهر بعد قطع بطاقة السفر. ويعود ذلك إلى الازدحام الشديد للمسافرين، بالإضافة إلى أنّ معظم مطارات البلاد متوقفة عن العمل جراء الحظر الجوي المفروض من التحالف السعودي- الإماراتي منذ بدء عملية "عاصفة الحزم" في مارس/ آذار 2015. يُذكر أنّ ينفّذ ناشطون ومنظمات محلية في حضرموت بين الفينة والأخرى فعاليات وأنشطة للمطالبة بفتح مطار الريان الدولي.