مضايا وحزب الله

19 يناير 2016
+ الخط -
يبدو أن حزب الله اللبناني مُصرٌّ على أن طريق تحرير القدس يمر عبر تجويع آلاف السوريين، وقتلهم وتهجيرهم، وتغيير وجه المنطقة الديموغرافي، فبعد تهجير أهالي القصير، ثم الزبداني، ثم أهل منطقة الوعر، والسيطرة على هذه المناطق، أطبق النظام السوري وحزب الله، وفي تحدٍّ صارخ للعالم ولمنظمات حقوق الإنسان، الحصار على منطقة مضايا السورية، وحرم أهلها من الغذاء والدواء، وتعيش المنطقة الآن في ظروف إنسانية صعبة، حيث تم نشر ألغام على كامل حدود المنطقة من أجل شل حركة الأهالي، ومنعهم من الخروج أو الدخول إليها، لتجويعهم وتركهم بلا طعام ولا شراب، من أجل إجبارهم على الركوع واللجوء إلى صفقة تبادل مخزية، كالصفقات التي تمت سابقاً في مناطق، كانت عصية عسكرياً على النظام، معلنين عن هدفهم من الحصارات، عبر عبارات كتبوها على جدران هذه المنطقة، تقول إحداها: "الجوع أو الركوع".
ويجري حصار مضايا بسبب ما تملكه من أهمية استراتيجية في مشروع النظام السوري وحلفائه في إقامة الدويلة التي يطمحون لإقامتها، والتي تسمى "سورية المفيدة". ربما لم يكن الحصار وحده كافياً لإشعال نار الفتنة الطائفية التي يسعى إليها حزب الله، من خلال الوقوف الكامل مع إيران، وتمددها الذي أصبح كثيرون ينظرون إليه تمدداً شيعياً في المنطقة، عبر صبغ مناطق كاملة بالصبغة الشيعية، وإجبار سكانها الأصليين على ترك منازلهم، والرحيل إلى مناطق أخرى.
كان لافتاً في ظل هذا الحصار، أنه، بعد حملات التضامن مع المحاصرين في مضايا، التي قام بها ناشطون عبر صفحات التواصل الإجتماعي، وحازت على تعاطف كبير من رواد هذه المواقع، وانتشرت على نطاق واسع، ردّ مناصرو النظام السوري وحزب الله على هذه الحملات بنشر صور تسخر من الأهالي المحاصرين داخل مضايا، عبر "هاشتاغ متضامن مع حصار مضايا"، والتي نشرت فيه صور لموائد طعام وحلويات وصور ساخرة لأطفال وشيوخ منطقة مضايا التي ترك الجوع آثاره على أجسادهم. وهذا يدل على كمية الحقد المدفونة تجاه أبطال الثورة السورية الذين يدفعون أرواحهم في سبيل نيل حريتهم وكرامتهم والوقوف أمام مشروع التقسيم الذي يعمل لأجله النظام السوري وحلفاؤه.
أجبر حزب الله، وبعد أن أخذت قضية مضايا تتفاعل، وحازت على اهتمام إعلامي عالمي، بنشر تقارير عبر وسائل الإعلام وبفضل المظاهرات والإعتصامات في أكثر بلدان العالم على تبرير هذا الحصار، بالقول "إن الحديث عما يشاع عن حصار الحزب منطقة مضايا هو تشويه لدور الحزب "المقاوم والممانع"، وكأن كل المجازر التي قام بها الحزب بحق الشعب السوري تندرج تحت شعاره المقاوم، ويبدو أن جر المنطقة إلى حرب طائفية من شأنها تدمير المنطقة برمتها، ليست خدمة مجانية للعدو الصهيوني الذي يعيش بمأمن عمّا يجري في المنطقة.
السكوت الدولي عن هذه الممارسات التي يقوم بها النظام السوري وحزب الله في كل مكان من سورية، وليس في مضايا فقط، بمثابة ضوء أخضر لقتل مزيد من الأبرياء في سورية، وتدفع لظهور مزيد من الحركات المتطرفة فيها.
CC54BAF0-40B6-4D45-BED3-88A50246096D
CC54BAF0-40B6-4D45-BED3-88A50246096D
محمد جهاد نيعو (سورية)
محمد جهاد نيعو (سورية)