مصير قاتم لمهاجرين من آسيا الوسطى في موسكو

25 سبتمبر 2016
مصنع الخياطة الذي احترق في أغسطس(فازيلي ماكسيموف- فرانس برس)
+ الخط -
عرض بيليك حسنبيكوف الذي غادر قرغيزستان للعمل في موسكو، صور الأصدقاء الذين لقوا حتفهم جميعاً في حريق عندما كانوا يعملون في أحد المخازن.


وكانت واحدة من المستأجرين السبعة غولبارا بوبيكوفا وهي أم لولدين، على وشك الانتهاء من يوم العمل في 27 أغسطس/آب الماضي، عندما تسبب مصباح باندلاع النيران في كمية كبيرة من المواد القابلة للاشتعال، ومواد ورقية.


ولم يترك الحريق أي فرصة للمرأة البالغة من العمر 45 عاماً بالنجاة، وكذلك 13 من زملائها القرغيزستانيين. وهذا الحريق كان الأخير في سلسلة من الحوادث المفجعة التي ضربت مهاجرين من آسيا الوسطى في روسيا.


ويواجه هؤلاء المهاجرون العنصرية، والإجراءات البيروقراطية البطيئة، والأجور المنخفضة. وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، قُتل 13 مهاجراً من آسيا الوسطى بينهم ثلاثة أطفال في حريق اندلع في ورشة للخياطة في موسكو.


ويعمل في روسيا نحو 550 ألف قرغيزستاني، أي تسعة بالمائة من سكان هذا البلد تدفعهم الأوضاع الاقتصادية الصعبة للهجرة. وتشكل الأموال التي يحولونها إلى عائلاتهم في قرغيزستان أكثر من 30 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي لهذا البلد، حسب أرقام البنك الدولي.


ووعدت السلطات الروسية بإجراء تحقيق، ومعاقبة المسؤولين عن حريق المستودع، حيث لقيت غولبارا حتفها.


وقال مكسيم ريشيتنيكوف الذي يترأس دائرة الاقتصاد والتنمية في بلدية موسكو: "حدث إهمال ومخالفة لقواعد السلامة للوقاية من الحرائق التي تنص عليها القوانين الروسية". وأكد في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" أنه "نظراً لحجم المأساة سيكون الرد (البلدية) قاسياً بالتأكيد".


من جهته، قال المدعي العام إن المطبعة التي سلم صاحبها نفسه للشرطة لم تخضع للرقابة منذ عام 2012.


وصرحت باكتيغول كالديباييفا الموظفة السابقة في المطبعة حيث قتلت زوجة شقيقها "لم يأخذوا في الاعتبار قواعد الوقاية من الحرائق". وأضافت متسائلة أن "أرباب العمل يعتبرون أنه ليس عليهم احترام معايير السلامة في الأماكن التي يعمل فيها المهاجرون، فلماذا ينفقون الأموال على ذلك؟".




وقبل أن يدمرها الحريق، كانت هذه المطبعة تدفع لهؤلاء العمال 1.36 يورو في الساعة. ورغم هذا الأجر الضئيل، كانت من الشركات التي يوصي القرغيزستانيون بالعمل فيها، لأن إدارتها تدفع الأجور دون أي تأخير.


وفي روسيا، عادة يبقى المهاجرون تحت رحمة أرباب العمل الذين لا يترددون في التوقف عن الدفع لأشهر، كما تؤكد منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان.


وقالت فارفارا تريتياك من لجنة المساعدة المدنية المتمركزة في موسكو إن "أصحاب العمل لا يستغلون عدم المساواة في ظروف العمل بين المهاجرين والروس فقط، بل يستغلون أيضاً جهل (المهاجرين) لحقوقهم".


وتؤكد هذه المنظمة غير الحكومية لمساعدة اللاجئين والمهاجرين أن محاكم موسكو أصدرت أكثر من 58 ألف أمر بالطرد "في انتهاك فاضح للإجراءات القضائية ومعايير أخرى".


وإلى جانب شروط العمل الصعبة والمساكن السيئة والمكتظة، يواجه المهاجرون عنصرية واسعة النطاق. ومنذ يناير 2016 قُتل أربعة أشخاص على الأقل وجرح 34 آخرون في أعمال عنف "دوافعها إثنية" في ثماني مناطق روسية بينها موسكو، كما يقول مركز "سوفا" مجموعة الأبحاث التي تدرس كره الأجانب، والنزعة القومية في روسيا.


كما يعاني المهاجرون من تشديد قوانين الهجرة أيضاً. فقد أصبح على مواطني بعض الجمهوريات السوفياتية السابقة دفع 4200 روبل (58 يورو) شهرياً وهو جزء كبير من الراتب، للحصول على حق العمل في روسيا.


وتؤكد بلدية موسكو أن هذه الإجراءات الجديدة تهدف ببساطة الى ضبط تدفق المهاجرين.


ورغم الصعوبات، تؤكد باكتيغول كالديباييفا "لا تهم الأسماء التي يطلقونها علينا، ولا الإهانات التي يوجهونها لنا، فالناس سيواصلون المجيء للعمل هنا".

 

(فرانس برس)

المساهمون