مصر وكأس أفريقيا.. وجه جديد لبطل قديم

17 يناير 2017
تأهلت مصر للنسخة الحالية بعد تصدرها المجموعة الثالثة(فرانس برس)
+ الخط -
بثقةِ بطلٍ اعتاد صعود منصة التتويج، وخوف وافدٍ جديد على المنافسات، يدخل المنتخب المصري كأس أفريقيا التي تستضيفها الغابون في الفترة بين 14 يناير/كانون الثاني الجاري و5 فبراير/شباط المقبل.

وأخفقت مصر في التأهل لكأس أفريقيا في آخر ثلاث نسخ (2012 -2013 -2015) بعد التتويج بالثلاثية التاريخية تحت قيادة المدرب المحلي حسن شحاتة أعوام (2006 و2008 و2010).

وتأهلت مصر للنسخة الحالية بعد تصدرها المجموعة الثالثة من التصفيات برصيد 10 نقاط متفوقة على نيجيريا وتنزانيا. وأوقعت القرعة الفراعنة مع غانا ومالي وأوغندا في المجموعة الرابعة. وتلعب مصر، اليوم الثلاثاء، أمام مالي في افتتاح مشوارها بالبطولة.

سَبْع عجاف
حين رفع أحمد حسن، القائد السابق لمنتخب مصر، كأس أفريقيا في 31 يناير/كانون الثاني 2010 في العاصمة الأنغولية "لواندا"؛ لم يكن أحد يتوقع أن يكون هذا التتويج بداية لسبع سنوات عِجاف غابت مصر خلالها عن المنافسات القارية.

احتجاجات يناير 2011 ضد نظام الرئيس محمد حسني مبارك وما تلاها من أحداث؛ دفعت المسؤولين عن الكرة في مصر لتجميد النشاط الكروي أكثر من مرة، خاصة بعد أحداث بورسعيد في فبراير/ شباط 2012 ما أثر سلبًا على المنتخب الذي يعتمد بشكل رئيس على اللاعبين المحليين.

خلال تلك الفترة، أخفق حسن شحاتة في قيادة المنتخب للبطولة التي احتضنتها الغابون في 2012، وتكرر الإخفاق مع الأميركي بوب برادلي وشوقي غريب في النسختين التاليتين عامي 2013 و2015. كما أخفقت مصر، كعادتها، في التأهل للمونديال.

وبعد تولي هيكتور كوبر المسؤولية الفنية للفراعنة في مارس/ آذار 2015، بدأ الأرجنتيني المخضرم محاولات جادة لإخراج الفراعنة من هذه السنوات العجاف، وبعد قرابة 18 شهرًا بدأت البشائر بعام جديد "فيه يُغاث الناس".


المدرب الذي جاء إلى مصر بعدما شهدت مسيرته التدريبية انكسارات كثيرة في السنوات الأخيرة تمكن من قيادة الفراعنة لكأس أفريقيا، وحقق أيضًا نتائج إيجابية في التصفيات المؤهلة لكأس العالم المقرر إقامتها في روسيا عام 2018.

وجه جديد
السمة الأبرز في المنتخب المصري قبل بدء السنوات العجاف كانت قوة هجومه، والقدرة على الفتك بأقوى المنافسين. وفي البطولات الثلاث التي توجت مصر بألقابها، سجل اللاعبون 42 هدفًا في 18 مباراة. وذاقت فرق كبرى هزائم قاسية مثل الجزائر (4-0) في 2010 وكوت ديفوار (4-1) في 2008.

وكان المنتخب مع حسن شحاتة المُلقب بـ"المعلم" يميل للاستحواذ على الكرة وفرض تفوقه على الخصم والمحاولات المستمرة لهز الشباك.

أمّا الفريق الحالي، الذي يبدأ مشواره في الغابون بعد ساعات، فيبدو على النقيض من الجيل السابق؛ إذ إن السمة الغالبة على أدائه هي التكتل الدفاعي، من دون الاكتراث بالاستحواذ على الكرة أو محاولة الهجوم على الخصم.

ونجح كوبر في تنظيم مصر دفاعيًا، بتطوير وتحسين مهام رباعي الدفاع؛ القلبين والطرفين، وباستثناء هفوات قليلة بدا لاعبو الخط الخلفي، على غير المعتاد، منتبهين وحريصين على إبعاد الخطورة عن منطقة الجزاء بسهولة دون مخاطرة.

كمّا طالب المدرب لاعبي الوسط بالارتداد أمام منطقة الجزاء، وقيّد بعضهم بمهام دفاعية ساهمت في إغلاق كل المنافذ المؤدية للدفاع وحارس المرمى أمام المنافسين ما جعل منتخبي غانا ونيجيريا عاجزين عن زيارة الشباك المصرية في مباراتي "برج العرب".

لكن هذا النهج الدفاعي، الذي ساعد مصر في التأهل لكأس أفريقيا بعد غياب 7 سنوات، لا يلقى رواجًا بين الجماهير التي يصف قطاع كبير منها "كوبر" بالمدرب الدفاعي الذي يُقدم "كرة قبيحة".

وسرت بين الجماهير نبرة تشاؤمية في الفترة الأخيرة دفعت كثيرين للحديث عن خروج مصر المبكر من البطولة وتوديعها من الدور الأول.

وعزز هذه النغمة إصرار كوبر على استبعاد بعض اللاعبين من ذوي الشعبية الكبيرة على رأسهم حسام غالي قائد الأهلي؛ الذي يصر كوبر على أنه "غير مفيد للمنتخب" بالإضافة لباسم مرسي وأيمن حفني ثنائي الزمالك.

واكتفى المدرب الأرجنتيني بلاعبين فقط في مركز المهاجم الصريح هما أحمد حسن "كوكا" ومروان محسن خلافًا لما اعتاده المنتخب مع حسن شحاتة حيث اعتاد خوض البطولات بـ4 مهاجمين في قائمته، وأحيانا 5 مهاجمين مثلما حدث في بطولة 2006 حين ضم حسام حسن وأحمد حسام "ميدو" وعبد الحليم علي وعمرو زكي وعماد متعب.

نقطة قوة
إضافة إلى التنظيم الدفاعي، يمتلك المنتخب الحالي نقطة قوة ندُر وجودها في الأجيال السابقة وهي السرعة. وباستثناء محمد زيدان لاعب بوروسيا دورتموند السابق لم يضم المنتخب في عهد شحاتة لاعبًا من أصحاب السرعات الفائقة.

وخلال تحليل إحدى مباريات المنتخب الأخيرة، قال وائل جمعة المدافع الأسطوري للفراعنة إن جيله "كان في حاجة للاعب مثل (محمود حسن) تريزيجيه" وفسّر "لم يكن لدينا لاعبون بهذه السرعة والقدرة على نقل الهجمة من الدفاع للهجوم".

ويملك كوبر ثلاثة لاعبين من أصحاب السرعات الفائقة هم على الترتيب محمد صلاح ومحمود حسن "ترزيجيه" ومحمود عبد المنعم "كهربا".

ويعتمد كوبر على صلاح وتريزيجيه بشكل أساسي، فيما عاد "كهربا" مؤخرًا للمنتخب بعد غياب. وأثار استدعاء تريزيجيه في فترات سابقة للفراعنة أسئلة كثيرة في ظل عدم مشاركة اللاعب بشكل أساسي مع فريق أندرلخت البلجيكي.

ووظف مدرب المنتخب المصري لاعبه الشاب في مركز الجناح الأيسر مع تقييده بمهام دفاعية، اعتمادًا على قوته البدنية وعلى سرعة ارتداده من الهجوم للدفاع. وهو ما جعله يحجز مكانًا أساسيًا على حساب رمضان صبحي المتألق مع الأهلي الموسم الماضي قبل انتقاله لستوك سيتي الإنكليزي.

ويعهد كوبر لتريزيجه بمهمة أخرى، هي الركض بالكرة ومحاولة نقل الهجمة إلى منتصف ملعب الخصم بأقصى سرعة.

أمّا صلاح، فمهامه مع الفراعنة هجومية بالأساس، ويعتمد لاعب روما الذي يصنف ضمن أسرع لاعبي العالم على انطلاقاته في المساحات الخالية خلف مدافعي الخصم.

وقد يصبح لكهربا دور في مركز المهاجم الصريح، بدلاً من اللعب على طرفي الملعب المحجوزين لصلاح وتريزيجيه. وسبق لكوبر اللعب بـ"مهاجم وهمي" يتحرك يمينًا ويسارًا ويبتعد عن منطقة الجزاء مثلما فعل في مباراة مصر وغانا الأخيرة في الشوط الثاني.

يُذكر أن القائمة الحالية تضم، خلافًا لآخر ثلاث مشاركات للمنتخب، 11 محترفًا و12 لاعبًا محليًا. وكان المنتخب يعتمد بشكل رئيس على اللاعبين المحليين ولم تضم قائمته في بطولة 2010 إلا 4 محترفين خارج مصر، وفي 2008 تواجد 6 لاعبين، وفي 2006 كان هناك 3 محترفين فقط.
المساهمون