لا يزال الإهمال الطبي في السجون، والتعذيب في مقار الاحتجاز المختلفة في مصر، يحصدان أرواح المعتقلين على خلفية قضايا سياسية، خلال السنوات التي أعقبت الانقلاب العسكري في مصر في الثالث من يوليو/تموز 2013، وزادت الوتيرة أخيراً بوفاة ستة معتقلين في مقار الاحتجاز المختلفة، إما بسبب الإهمال الطبي أو التعذيب.
ففي 22 يوليو الماضي، توفي عمر عادل (25 عاماً) في سجن طرة بسبب الإهمال الطبي والتعذيب، بعد حبسه في زنزانة انفرادية لمدة أربعة أيام. وفي اليوم نفسه توفي الكيلاني حسن في سجن المنيا بعد منع العلاج عنه. وفي الأول من أغسطس/آب الحالي، توفي محمود السيد (50 عاماً) في سجن الزقازيق بعد تعرضه لغيبوبة لم يفق منها نتيجة إصابته بالسرطان. وقبله بيوم، في 31 يوليو الماضي، توفي السعيد محمد في قسم شرطة الدخيلة. وتبيّن لأسرة الضحية، التي توجهت لاستلام جثمانه الموجود في مستشفى قصر الشفاء الخاص في الدخيلة بمحافظة الإسكندرية، ظهور آثار ضرب على الوجه ووجود دماء على ملابسه ووجهه، وهناك علموا أيضاً أن شخصا آخر قُتل معه في السجن، كان يحاول الدفاع عنه.
وكان مركز "عدالة للحقوق والحريات" (منظمة مجتمع مدني مصرية) قد وثّق في تقرير حديث 22 حالة وفاة نتيجة الإهمال الطبي داخل السجون المصرية منذ بداية العام 2019 وحتى أواخر يوليو الماضي، مؤكداً ازدياد العدد بمرور الوقت، إذ إن هناك المزيد من الحالات التي ما زالت تعاني من الإهمال الطبي، وتنتظر تلقي العلاج كي لا يلحقوا بمصير من سبقوهم. ولا يوجد عدد محدد لقتلى السجون المصرية، سواء نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي أو حتى الوفاة الطبيعية، فكل الأرقام الصادرة من جهات رسمية وغير رسمية توضح فقط حجم الكارثة بشكل تقديري، وليس بشكل كلي. ففي الفترة ما بين تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك وحتى إبريل/نيسان 2016، رصد تقرير لمركز "دفتر أحوال" (منظمة مجتمع مدني مصرية) 834 حالة وفاة داخل أماكن الاحتجاز (أقسام شرطة وسجون). وفصّل التقرير أعداد الضحايا، موضحاً أن العام 2011 شهد 235 حالة وفاة. وفي 2012 حصلت 65 حالة وفاة، وفي 2013 حدثت 131 حالة. وفي 2014 توفي 172 شخصاً، وفي 2015 توفي 181، فضلاً عن 50 حالة وفاة في الثلث الأول من 2016.
أما الرواية الرسمية للفترة نفسها، فإنها تقول إن عدد المواطنين الذين توفوا داخل السجون والأقسام بشبهات جنائية يقدرون بـ235 شخصاً، فضلاً عن 384 شخصاً نتيجة وفاة طبيعية، و215 شخصاً ماتوا لأسباب غير معروفة في الفترة من 2011 وحتى 2016. تجدر الإشارة إلى أنه تم بناء 26 سجناً جديداً من 2013 حتى 2018 تماشياً مع منهجية التوسع في الاعتقالات وإغلاق المجال العام والمحاكمات غير العادلة. ووصل عدد السجون في البلاد إلى 68 سجناً، يوجد فيها نحو 60 ألف سجن، بالإضافة إلى 320 مقر احتجاز داخل أقسام ومراكز الشرطة. أما أماكن الاحتجاز غير المعروفة والسرية لا يعرف عددها، وفق تقديرات حقوقية.