مصر نحو مراقبة مواقع التواصل: حرب على الإرهاب أم الحريات؟

27 نوفمبر 2017
(الأناضول)
+ الخط -
تعالت الصيحات المطالِبة بفرض الرقابة التشريعية على منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة "فيسبوك"، والتي تتجدد كل فترة في مصر. إذ يعقد مجلس النواب المصري اجتماعا طارئًا، اليوم الاثنين، لمناقشة جميع التشريعات المرتبطة بالإرهاب، على خلفية الحادث الإرهابي الذي استهدف مسجد الروضة في العريش بسيناء المصرية، من قبل مسلحين وقتل ما يزيد عن 300 وإصابة أكثر من 110 آخرين.

وخرج نواب في البرلمان المصري بتصريحات مطالبة بتشديد وإحكام الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي، باعتبارها "منبع الإرهاب".

ويناقش البرلمان المصري، اليوم، مجموعة تشريعات لمراقبة الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي والرسائل النصية وغيرها، في إطار الخطوات الاستباقية للكشف عن أي مخططات إرهابية.

وقال عضو الهيئة العليا في حزب مستقبل وطن، محمد عمارة، وهو صاحب مقترح تقنين وضع فيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي، إنه سيجتمع خلال الأيام القليلة المقبلة بلجنة الاتصالات بمجلس النواب، لعرض مقترح تقنين "فيسبوك" على أعضاء اللجنة تمهيدًا لمناقشته في البرلمان.
وأضاف في تصريحات صحافية، أن هناك استجابة من وزير الداخلية ومجلس النواب لضرورة تقنين وضع مواقع التواصل الاجتماعي، وأن ذلك خطوة إيجابية على الطريق الصحيح.

وتابع "حسم فوضى مواقع التواصل الاجتماعي سيبدأ من مصر، من خلال خطوات علمية تهدف إلى حماية الشعب المصري من الإيقاع بهم في مصيدة الوجه الآخر لمواقع التواصل الاجتماعي، لنأخذ منهم ما ينفعنا ونرد لهم ما يضرنا".

كما تقدم النائب تادرس قلدس، بمشروع قانون "مكافحة الإرهاب الإلكتروني"، من أجل تقنين محتوى ما يتم نشره من أفكار متطرفة ودعاوى إرهابية على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال قلدس، في تصريحات صحافية، إن مشروع القانون جاء على أثر الأحداث الأخيرة التي شهدتها مصر، فكان لا بد من تشريع جديد للتصدي لتلك المحاولات الخسيسة من قبل أصحاب الفكر المتطرف.

وأفردت صحف مصرية صفحاتها لنشر أضرار ومخاطر وسائل التواصل الاجتماعي على المجتمع المصري وحربه على الإرهاب.

اللافت أن الحديث عن إصدار تشريعات لإحكام السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ليس جديدًا داخل البرلمان المصري، بل إن الساحة الإعلامية المصرية تنتظر خلال الأشهر القليلة القادمة، حفنة من القوانين والتشريعات التي تكمل الإطار التشريعي نحو مزيد من التضييق والقمع، من بينها 4 قوانين لمواجهة "فوضى التواصل الاجتماعي"، كان قد تقدم بها عدد من النواب في أوقات سابقة.

حيث تقدم النائب رياض عبد الستار، عضو مجلس النواب عن محافظة المنيا، بمشروع قانون لمجلس النواب. ويهدف مشروع القانون إلى وضع ضوابط استعمال واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي.

كما تقدم النائب محمد الكومي، عضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، بمشروع قانون لإنشاء "فيسبوك" مصري يتم الدخول فيه ببطاقات الرقم القومي، والتي تهدف للحدّ من إنشاء حسابات وهمية تضلل الرأي العام وتنشر الفوضى وتضر بالأمن القومي المصري.

كما سبق أن تقدم النائب تامر الشهاوي، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، بمشروع قانون لمكافحة الجريمة الإلكترونية، ووافقت عليه لجنة الاتصالات بمجلس النواب.

وأيضًا تقدم النائب أحمد رفعت، عضو لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بمشروع قانون لمكافحة الجريمة الإلكترونية، والذي يهدف لمواجهة جرائم السب والقذف وأعمال الابتزاز من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

كما أن الحكومة المصرية نفسها تعد مشروع قانون بشأن الجرائم الإلكترونية ومن المقرر إرساله لمجلس النواب.

يشار إلى أن منظمة "فريدوم هاوس"، في تقريرها الأخير الصادر منذ أسابيع، أشارت إلى أن عددًا متزايدًا من الدول بات "يحذو حذو روسيا والصين في التدخل في شبكات التواصل الاجتماعي ورصد المعارضين عبر الإنترنت، في تهديد خطير للديمقراطية".

وأظهرت المنظمة في تقريرها الذي حمل عنوان "الحرية على الإنترنت"، تراجُع 32 بلدًا في مؤشرات حرية الإعلام الرقمي، على رأسها مصر وأوكرانيا.

كما أشار التقرير إلى تراجع الحريات الإعلامية في مصر بشكل كبير، خلال العام الجاري، حيث حصلت مصر على 68 درجة من 100 بمقياس التضييق الإعلامي، مقابل 63 درجة العام الماضي، وحصدت 33 درجة من 40 بمقياس "خرق حقوق مستخدمي الإنترنت".
بل إن المنظمة صنّفت مصر بأنها دولة "لا توجد بها حرية". بعد أن لفتت إلى حجْب أكثر من 100 موقع إخباري على الإنترنت، بجانب الهجمات الإلكترونية، التي تعرض لها العديد من نشطاء حقوق الإنسان.

واستند التقرير إلى عقوبات السجن لبعض المصريين بسبب النشر على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

وفي تقرير للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان حول الصراع المستمر بين الشباب العربي والإنترنت، أكدت أن الإنترنت في العالم العربي بات الوسيلة الأساسية للنضال الديمقراطي.. لا سيما على شبكات التواصل الاجتماعي للمستخدمين العرب، حتى أن العديد من المستخدمين لا يعرفون عن الإنترنت سوى موقع "فيسبوك".

وأشار التقرير الذي حمل عنوان "المعركة لم تنتهِ.. الإنترنت والحكومات العربية"، إلى أن مصر شهدت "ظاهرة حجب المواقع البغيضة بقوة، بعد أن كان الأمر قاصرا خلال حكم الديكتاتور المخلوع حسني مبارك والسنوات الماضية على ملاحقة المنتقدين فقط، حيث طاول حجب مئات المواقع دون تفرقة بين المواقع الداعمة للعنف والمتشددة والمواقع الإخبارية والحقوقية دون اكتراث بالدستور وما كفله من حق الوصول للمعلومات وحرية الصحافة، ودونما إعلان عن أسباب. بحيث أصبح اعتقال مستخدمي الإنترنت وحجب المواقع أمرًا معتادًا في مصر".

وخلص التقرير إلى أن "الهجوم الأكثر حدّة في العالم العربي هو الهجوم على حرية التعبير، لكن المقاومة والإصرار الأشد هو على ممارسة حق التعبير، وأن المعركة لم تنته. التجارة الإلكترونية في العالم العربي ضعيفة وهامشية".

كما استنتج التقرير أن "الإنترنت في العالم العربي وسيلة للتعبير عن الرأي والسياسة والنقد والتواصل الاجتماعي، هذه قناعة لدى الجمهور الأوسع من مستخدمي الإنترنت"، وكشف أن التراجع الهائل لحرية استخدام الإنترنت في مصر تدلل عليه أعداد هائلة من قضايا الرأي والملاحقات وظاهرة حجب المواقع، والتراجع الأقل حدة، لكنه يمثل انتكاسة لحرية التعبير في تونس.

المساهمون