واعتبرت المنظمات في بيان مشترك لها، اليوم الأربعاء، أن هذه القضية مثال فجٌّ على قدرة الدولة المصرية على تلفيق قضايا وهمية تجمع فيها أشخاصاً من اتجاهات ومجالات مختلفة
تحت مظلة التهمة المزعومة بـ "إسقاط الدولة".
وقالت المنظمات إنّه "لولا تخاذل بل وتواطؤ النيابة العامة وخصوصاً نيابة أمن الدولة العليا، ما كان للدولة وأجهزتها الأمنية أن تسخر من منظومة العدالة لهذا الحد، على نحو يعصف بمصداقيتها واستقلالها".
وطالبت المنظمات بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين في هذه القضية، وإسقاط التهم الموجهة إليهم.
وحسب البيان "كان الهدف الرئيسي وراء حملة الاعتقالات هذه وأْد تحالف مدني علماني جديد في طور التكوين، يضم أحزابا وحركات سياسية وشبابا مستقلين، يسعون لتنظيم صفوف التيارات المدنية من أجل خوْض انتخابات مجلس النواب المزمع عقدها العام القادم. على نحو يعكس استمرار مساعي النظام المصري لغلق كافة المنافذ والطرق السلمية للتعبير عن الرأي والتنظيم السلمي والمشاركة السياسية وتداول السلطة، حتى ولو جاءت ضمن الأُطر الدستورية والقانونية ومن خلال انتخابات يفترض أن تكون تنافسية وحرة ونزيهة".
وشملت قائمة المقبوض عليهم أمس، النائب البرلماني السابق وعضو الهيئة العليا للحزب المصري الديمقراطي زياد العليمي، والصحافي حسام مؤنس منسق حملة المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، والصحافي والناشط في مجال الدفاع عن الصحافيين والحريات هشام فؤاد، والناشط العمالي أحمد تمام، والكاتب والخبير الاقتصادي عمر الشنيطي، هذا بالإضافة إلى رجلي الأعمال أسامة العقباوي، ومصطفى عبد المعز.
وقد اتهمت نيابة أمن الدولة المقبوض عليهم بمشاركة جماعة الإخوان في تحقيق أغراضها، ونشر وبث أخبار كاذبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بغرض إثارة الفتن وقلب نظام الحكم، فضلاً عن اتهام بعضهم بتمويل وإمداد الجماعة. وقد قررت حبسهم جميعهم 15 يومًا على ذمة التحقيق.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الحملة جاءت بعد ساعات من القبض على مدير المنتدى المصري لعلاقات العمل الحقوقي حسن بربري من منزله، من قبل أفراد تابعين للأمن الوطني فجر الإثنين الماضي، رغم كونه مهتما فقط بحقوق العمال ولا يمارس أي عمل سياسي أو حزبي. لكن نيابة أمن الدولة ضمت البربري للقضية نفسها وواجهته بالاتهامات ذاتها.
وفي الإطار نفسه، استنكرت المنظمات الموقعة أيضا البيان الصادر صباح أمس عن وزارة الداخلية، والذي يتهم المقبوض عليهم - قبل مثولهم أمام النيابة - بتشكيل تحالف سياسي اقتصادي ضمن مخطط عدائي بمشاركة جماعة الإخوان المسلمين لاستهداف الدولة وإسقاطها، على نحو منافٍ للحقيقة ومجافٍ للمنطق، وفي تكرار مخزٍ من وزارة الداخلية للزجّ بتهمة الانتماء أو التعاون مع جماعة الإخوان المسلمين بكل ما يتعلق بمساعي التيار المدني للإصلاح السياسي، وذلك من أجل تحويل القضية من مسار الدفاع عن الحق في التنظيم وحرية التعبير والحق المشروع في المشاركة السياسية، إلى قضايا ذات صلة بالإرهاب والانتماء لجماعة تصفها الدولة على أنها إرهابية.
وقالت المنظمات: "هذه الحملة ضد الأحزاب السياسية وقياداتها لم تكن أيضا الأولى من نوعها، فقد سبقتها حملة مشابهة تزامناً مع التعديلات الدستورية التي تم تمريرها في إبريل الماضي، إذ تم القبض على بعض القيادات الوسطى بأحزاب؛ المصري الديمقراطي الاجتماعي، والدستور، والحركة الوطنية، ومصر القوية، وحزب عيش وحرية تحت التأسيس، وذلك بهدف شل حركة الأحزاب والحركات السياسية وترهيب البرلمانيين لضمان استمرار المناخ القمعي المطلوب لتعديل الدستور، حسبما أكدت منظمات حقوقية في بيان لها في ذاك الوقت".
وقالت "إن هذا السعي لربط الإرهاب بالمعارضة السياسية بكافة أشكالها وتياراتها، يُفقد الدولة المصرية مصداقيتها محليًا ودوليًا في محاربتها للإرهاب، ويقضي على أي فرصة لحراك سياسي قانوني سلمي، ويعصف بإمكانية تمثيل المعارضة داخل البرلمان، رغم بديهية وضرورة ذلك. كما أن التعامل مع الصحافيين والسياسيين والحزبيين على قدم المساواة مع الجماعات المسلحة الإرهابية التي تقتل الأبرياء من المواطنين ورجال الأمن، يثير الشكوك حول هدف الدولة من محاربتها للإرهاب".
وأكدت المنظمات الموقعة على هذا البيان كذلك إدانتها التامة لهذه الحملة الأمنية الشرسة، وطالبت بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المقبوض عليهم في إطارها، وحملت المنظمات وزارة الداخلية مسؤولية سلامة المحتجزين الصحية والجسدية.
الموقعون هم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وكومتي فور جستس، ومبادرة الحرية، والمركز العربي لدراسات القانون والمجتمع، ومركز النديم، ومركز عدالة للحقوق والحريات، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والمنبر المصري لحقوق الإنسان، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، وبلادي للحقوق والحريات، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.