مصر: مستقبل التيار السلفي... مجهول

28 يونيو 2014
تغيّر شكل الأحزاب السلفية في الفترة الأخيرة (Getty)
+ الخط -
ينتظر التيار السلفي في مصر، وتحديداً الأحزاب السياسية التي انبثقت عنه، عقب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، مستقبل مجهول، في الفترة المقبلة، خصوصاً مع محاولات التضييق عليها من جانب السلطة الحالية. وتلقت الأحزاب السلفية ضربة موجعة عقب انقلاب 3 يوليو/ تموز من العام الماضي، وبات معظم قادتها إما مسجونين أو مُطَارَدين أو خارج مصر بفعل الملاحقات الأمنية. بينما يغرّد حزب "النور" وحيداً خارج السرب، لأنه الوحيد من بين الأحزاب السلفية التي أيدت الانقلاب، ولم ينل أي مكاسب جراء موقفه، فضلاً عن خسارة قواعده.

ويبدو المستقبل المُبهم حتى الآن، بمثابة مرحلة انتقالية بالنسبة الى التيارات السلفية، ما حدا بعدد من مشايخ التيار السلفي الى الطلب من القواعد "اعتزال السياسة والعودة إلى الدعوة مرة أخرى، كونها أُهملت منذ انشغال السلفيين بالسياسة عقب ثورة يناير". وكان من أبرز الدعاة الى الاعتزال، محمد حسان ومحمد حسين يعقوب، والقيادي في "الدعوة السلفية"، المؤيدة للانقلاب، أحمد فريد.
وأشار القيادي في حزب الوطن "السلفي"، أحمد بديع، لـ"العربي الجديد"، الى أنه "لا نية لدى الأحزاب السلفية لاعتزال العمل السياسي، لأن الأحزاب ما دخلت إلا برؤية شرعية وإنقاذ لمصر من الظلم والفساد".
وأضاف أن "الأساس في العمل السياسي الفصل بين الدعوة لله والسياسة، ولكن تدخل بعض المشايخ والدعاة في الأمور السياسية أضرّ بشكل كبير بالدعوة والسياسة". وطالب كافة الدعاة والشيوخ بـ"الاهتمام فقط بالدعوة".
وشدد على أن "التيار السلفي يرفض إعادة انتاج فكرة ولاية الفقيه في الوسط السني، لأن السياسة تخضع لقواعد معينة ليس للدعاة علم واسع بها".

وأكد اتجاه الأحزاب السلفية إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة، باعتبار أن "القانون الانتخابي معيب"، وسط تكهنات باختيار التيار السلفي "العزلة الذاتية".
وقال بديع إن "الأحزاب تتجه إلى مقاطعة الانتخابات، نظراً لأن القراءة الأولية للقانون، تشير إلى الرغبة في إعادة رموز الحزب الوطني المنحلّ من رجال الرئيس المخلوع، حسني مبارك".
ولفت إلى أن "المشاركة في ظل الوضع القائم تمنح الشرعية للنظام، كما أن الانتخابات تجري وفقاً لقانون لن تحظى فيه الأحزاب بفرصة كبيرة، ويؤسس للطائفية في مصر بشكل كبير، بعد إقرار الكوتا النيابية للأقباط والمرأة".

ونفى ان تكون مقاطعة الاستحقاقات الانتخابية المتلاحقة، تفرض على التيار الإسلامي، لا سيما السلفي، عزلة ذاتية سياسياً، مشدّداً على أن "المشاركة في ظل الوضع الحالي لن تأتي بالإسلاميين إلى البرلمان، فقد تم وضع القانون لإقصائهم".
وكشف أن "عدداً كبيراً من قيادات التيار السلفي تتمنى وجود كيان أو حزب سلفي، يجمع كافة التوجهات السلفية خلال الفترة المقبلة".
وأضاف: "الأمر مطروح داخل الوسط السلفي، ولكن لم تكن هناك فرصة لمناقشة الأمر باستفاضة، نظراً لوجود ضغط أمني، فقيادات التيار السلفي، إما سجينة أو هاربة أو مُطاردة بفعل الملاحقات الأمنية".
وختم: "للشباب رغبة في عملية الاندماج، وهو ما نلمسه من خلال التفاعل مع القواعد، ولكن هذا الأمر قد يتحدد عقب هزيمة الانقلاب على شرعية مرسي".

وجهات نظر
من جهته، استبعد المتحدث باسم حزب "الأصالة"، حاتم أبو زيد، اعتزال السلفيين العمل السياسي، معتبراً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هناك تقدماً في التعاطي مع قبول الآخر، ومحاولة بناء دولة القانون في مصر".
وأكد أن "الأزمة مقتصرة على بعض التصريحات التي تصدر عن دعاة وشيوخ في أمور سياسية بعيدة عن مجال تخصصهم، وبالتالي يُحاسَب عليها السياسيون". وأشار إلى أنه "يُمكن الاعتماد على الدعاة في النواحي الشرعية والاستشارة في بعض الأمور المتعقلة بالدين".
أما القيادي في "الجبهة السلفية"، أحمد مولانا، فرأى أن "الرؤية السابقة للعمل السياسي لكل مجموعة من الشباب، انعكس على تعاملها مع الأحداث عقب الانقلاب".
وأوضح أن "هناك مَن انعزل عن السياسة تماماً، وهناك مَن تمسك بالعمل الثوري، ومنهم مَن انكفأ وابتعد عن كل مظاهر الحياة العامة".
بيد أنه لفت إلى أن "التضييق على الشباب، حتى في الشأن الديني، سيكون له تأثير سلبي على التعاطي مع الأحداث، إذ لا تسمح الدولة والنظام بالدعوة في ظل تأميم المساجد واحتكار المؤسسات الرسمية لها".
من جهته، أكد القيادي في "الجبهة السلفية"، هشام كمال، لـ"العربي الجديد"، أن "الشباب السلفي الثوري، الذي شارك في ثورة يناير منذ أول يوم، لا يزال على عهده في تطهير البلاد والمشاركة في التظاهرات المعارضة".
واعتبر أن "هذه الفئة من الشباب هي أساس الحراك في الشارع الآن، ومهما تطورت الأوضاع في مصر فهم لن يتخلوا عن معتقداتهم".
ولفت الى أن "التيار السلفي الثوري هو الذي يخشى منه النظام الانقلابي الحالي، نظراً لأنه مشارك بقوة في دحر الانقلاب".

وأضاف: "الجناح الثوري داخل التيار السلفي قادر على تشكيل نفسه في كل حين، نظراً لأن بذور الثورة والتغيير تنبع من داخله، فمهما تعرّض لمضايقات واعتقالات في صفوف قياداته، سيظلّ قائماً لأنه يحيا على أساس فكرة وليس على شخص".

وكانت قد نشأت عقب ثورة يناير، بعض المجموعات والائتلافات السلفية، التي اعتبرت نفسها في صفّ الثورة أكثر من الأحزاب السلفية، وعلى رأسها "حازمون"، "الدعوة السلفية بالعبور"، "مرصد مقاومة التنصير"، "الجبهة السلفية"، و"ائتلاف الدفاع عن المسلمين الجدد".
وانتهى بعضها قبل عزل مرسي، وتوقف نشاط البعض الآخر، وواصلت قلّة منها عملها حتى الآن، بينما اندمج معظمها مع حركات ومجموعات أخرى.

ويغرّد حزب "النور" خارج سرب الأحزاب السلفية، نظراً لأنه الوحيد من بينها الذي أيّد بشدة الانقلاب على مرسي، ولم يتمكن من الحصول على امتيازات جراء تأييده، بل حدث عكس ذلك، إذ ضحّى النظام الجديد بالحزب، في مواقف عدة، منها عدم السماح لقياداته بالخطابة، مثل ما طال مشايخ "الدعوة السلفية" التي انبثق عنها الحزب وعلى رأس قياداتها ياسر برهامي.
وحول مستقبل الحزب سياسياً، اعترف المتحدث باسم "النور"، شريف طه، بـ"تعرّض الحزب لحملة مبرمجة للنيل منه، والهجوم عليه بشكل كبير في وسائل الإعلام المختلفة".
ولفت الى أن "الحزب يتعرض لموجة من التضييق عليه في الفترة الماضية"، متهماً "جهات معينة في الدولة بتدبير هذه الحملة ضد الحزب لصالح أحزاب وتوجهات أخرى، لا تريد أحزاباً إسلامية على الساحة السياسية".
واعتبر القيادي في "الجبهة السلفية"، خالد سعيد، لـ"العربي الجديد"، أن "حزب النور لم يعد ينتمي للتيار الإسلامي بسبب مواقفه التي كانت دائماً في صف الانقلاب".
وذكر أن "التيار الإسلامي لم يعد يهتم بما يقوم الحزب، نظراً لأن معظم قواعده تخلّت عنه عقب الانقلاب، ومنهم مَن كان معتصماً في رابعة العدوية".

المساهمون