وسط استنكار واسع من جموع الصحافيين، وافق مجلس النواب المصري، الموالي للرئيس عبد الفتاح السيسي، على مشروع قانون تنظيم الصحافة الجديد، بعد تغيير مسماه إلى "المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام"، والذي توسع بشكل غير مسبوق في فرض القيود على عمل الصحافيين والإعلاميين، بالمخالفة لنصوص الدستور التي كفلت حرية الرأي والتعبير في أكثر من موضع.
ويُعمل بأحكام القانون في شأن الصحافة والإعلام، وتسري أحكامه على جميع الكيانات والمؤسسات والوسائل الصحافية والإعلامية والمواقع الإلكترونية، على أن تصدر اللائحة التنفيذية للقانون بقرار من رئيس مجلس الوزراء خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به، وذلك بعد أخذ رأي المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام.
وألزم مشروع القانون، المعد من قبل الحكومة، الصحافي أو الإعلامي، بالالتزام بالمبادئ والقيم التي يتضمنها الدستور، وأحكام القانون، وميثاق الشرف المهني، والسياسة التحريرية للصحيفة أو الوسيلة الإعلامية المتعاقد معها، وبآداب المهنة، وتقاليدها، بما لا ينتهك حقاً من حقوق المواطنين، أو يمس حرياتهم.
ونص القانون على أنه "مع عدم الإخلال بالمسؤولية القانونية للصحيفة أو للوسيلة الإعلامية أو للموقع الإلكتروني، يُساءل الصحافي أو الإعلامي تأديبياً أمام نقابته، إذا أخل بواجباته المنصوص عليها في القانون، أو في ميثاق الشرف المهني، وفقاً للأحكام المنصوص عليها في قانون النقابة المعنية، وذلك دون الإخلال بحق المؤسسات الصحافية والإعلامية في تطبيق اللوائح المنظمة للمساءلة التأديبية للعاملين بها".
كذلك نص على أنه "مع عدم الإخلال بالمسؤولية القانونية المترتبة على مخالفة أحكام القانون، يجب على المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام اتخاذ الإجراء المناسب حيال المخالفة، وله في سبيل ذلك: وقف أو حجب الموقع أو المدونة أو الحساب المشار إليه بقرار منه".
وحظر القانون أيضاً على أية وسيلة من وسائل النشر أو البث، التعرض للحياة الخاصة للمواطنين، أو المشتغلين بالعمل العام، أو ذوي الصفة النيابية العامة، أو المكلفين بخدمة عامة، إلا فيما هو وثيق الصلة بأعمالهم، وأن يكون التعرض مستهدفاً للمصلحة العامة.
وفرض القانون عقوبة الحبس، وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تزيد على عشرين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، على كل من تعدى على صحافي أو إعلامي أثناء أو بسبب عمله، وعدم جواز تفتيش مسكن أو مكتب الصحافي أو الإعلامي بسبب جريمة من الجرائم التي تقع بواسطة الصحف أو وسائل الإعلام، إلا في حضور عضو نيابة عامة.
كما حظر القانون على الصحافي أو الإعلامي، تناول ما تتولاه سلطات التحقيق أو المحاكمة، على نحو يؤثر على مراكز من يتناولهم التحقيق أو المحاكمة، ويحظر على الصحف ووسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية نشر أو بث أي من ذلك. وتلتزم الصحف ووسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية بنشر وبث قرارات النيابة، ومنطوق الأحكام التي تصدر في القضايا التي تناولتها أثناء التحقيق أو المحاكمة، وموجز واف للأسباب التي تقام عليها.
وحظر القانون على الصحافي أو الإعلامي السعي إلى جلب الإعلانات، أو الحصول على أي مبالغ أو مزايا عن طريق نشر الإعلانات أو بثها بأية صفة، أو التوقيع باسمه على مادة إعلانية، أو المشاركة بصورته أو صوته في إعلانات تجارية مدفوعة الأجر، مع مساءلة المخالف تأديبياً، وإلزامه، إذا ثبتت إدانته، برد قيمة المبالغ أو المزايا التي حصل عليها إلى مؤسسته الصحافية أو الوسيلة الإعلامية التي يعمل بها.
وقنن التشريع الجديد الحبس الاحتياطي للصحافيين والإعلاميين، في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، عدا الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، وهو ما يخالف المادة (71) من الدستور، التي حظرت فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، أو توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية.