مصر: غموض حول وعد السيسي بالعفو عن 300 سجين

26 اغسطس 2016
الأولوية للفتيات في قائمة السيسي للعفو العام(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
يسيطر الغموض على إجراءات تنفيذ الوعد الذي أطلقه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أول من أمس الأربعاء، خلال حواره مع رؤساء تحرير صحف قومية، بالعفو عن 300 سجين، بينهم صحافيون وشخصيات معروفة في قضايا التظاهر المتعاقبة منذ منتصف 2013.

ويعود هذا الغموض إلى أن السيسي أطلق وعدَين مشابهَين بالعفو عن "مئات المحبوسين من الشباب قبيل رمضان والفطر الماضيين، إلّا أنه لم يصدر أي قرار بالعفو عن أسماء بعينها كما حدث مرتين عام 2015. واقتصر الأمر على إصداره قرارين اعتياديين بالعفو عن بعض السجناء وفقاً لما تحدده مصلحة الأمن بوزارة الداخلية التي اختارت الأسماء بنفسها فقط. ولم يكن من بينهم أي من المحكومين في قضايا التظاهر من الفتيات والشبان وحتى كبار السن الذين يعانون مشاكل صحية مستعصية"، وفقاً لمصدر أمني.

ويقول هذا المصدر في مصلحة الأمن العام لـ"العربي الجديد" إن "المصلحة لديها بالفعل قائمتان للأسماء المؤهلة للاستفادة من قرارات العفو؛ الأولى تضم المحكومين في القضايا الجنائية العادية المستحقين للإفراج في قرارات العفو التي تصدر في المناسبات، وذلك لقضائهم نصف المدة أو ثلاثة أرباعها. والقائمة الثانية تضم المحكومين في القضايا الجنائية ذات الطابع السياسي وهي مصنّفة بدورها إلى فئتين؛ الأولى خاصة بالمحبوسين الذين ترى مصلحة الأمن العام خطورة في خروجهم بالعفو، والثانية للمحبوسين الذين لن يؤثر خروجهم مبكراً على شعبية النظام ولن يؤدي إلى فوضى"، بحسب تعبيره. وأعدّت وزارة الداخلية بالفعل قائمة من 225 مسجوناً جنائياً لتنفيذ القرار بمناسبة عيد اﻷضحى.

ويضيف أن "الأمن العام اعترض ووقف حائلاً من قَبل أمام رغبة الدائرة المخابراتية ـ الرقابية التي يديرها اللواء عباس كامل مدير مكتب السيسي في إصدار قرار على الأقل بالعفو عن بعض السجناء في قضايا التظاهر منتصف العام الحالي، بناء على توصيات من المجموعة المسماة بشباب الإعلاميين الذين روّجوا لهذه الفكرة كوسيلة لرفع شعبية السيسي في الأوساط المعارضة له".

إلاّ أن الأمن العام احتج على ذلك، مشيراً إلى أن "جميع المعارضين السياسيين الذين تم العفو عنهم العام الماضي لم يقوموا بدور إيجابي في رفع شعبية الرئيس، بل إن بعضهم خرج يكيل له الانتقاد ويتحدث عن تجاوزات تعرض لها في السجن"، على حد قول المصدر. ويؤكد أن "الحديث عن قرار عفو بأسماء محددة ليس أكيداً حتى الآن ولم تخبرنا به الرئاسة، وكل ما هنالك أن لدينا القوائم المذكورة، ونحن مستعدون لتنفيذ قرار العفو العادي الخالي من الأسماء الذي سيصدر بالتأكيد قبيل عيد الأضحى المقبل". ويوضح أن "هناك خلطاً بين قرارات العفو ذات الأسماء المحددة والقرارات التي تصدر في المناسبات، وحتى الآن لم تصلنا أي إشارة من الرئاسة عما إذا كان المقصود من كلام الرئيس تجهيز قائمة محددة أم تضمين بعض المحبوسين في القضايا السياسية في القائمة التي سنفرج عنها بمناسبة عيد الأضحى".





في السياق ذاته، يتحدث مصدر حكومي ذو صلة بمساعي بعض الدوائر السياسية للإفراج عن السجناء، مؤكداً أن "المجلس القومي لحقوق الإنسان قدّم بالفعل للرئاسة قائمة طويلة تضم نحو 450 اسماً منهم العشرات الذين لا يزالوا قيد المحاكمة، وتجاوز بعضهم الحد الأقصى لفترات الحبس الاحتياطي المقرر بقانون الإجراءات الجنائية، ومنهم صحافيون وشباب ينتمون لحركات ثورية غير إسلامية".

ويرجح أن تتضمن قائمة العفو التي وعد بها السيسي "خليطاً من الأسماء التي لا يجمعها رابط محدد، باختبار حالتين على الأكثر من كل قضية تضم عدداً كبيراً من المتهمين، على أن تكون الأولوية للفتيات سواء من جماعة الإخوان المسلمين أو غيرها، ثم للمرضى وكبار السن، ثم لبعض الصحافيين والمعروفين في قضايا نشر وازدراء الدين الإسلامي مثل الكاتب إسلام بحيري، والروائي أحمد ناجي. ويتوقع هذا المصدر أن "يكون بحيري وناجي على رأس أي قائمة للعفو لامتصاص غضب الأوساط اليسارية والليبرالية وتهكّمها على تزامن حبس الاثنين مع نداء السيسي لتجديد الخطاب الديني".

ويستبعد أن تضم أي قائمة للعفو قيادات من حركة 6 إبريل مثل أحمد ماهر، وأحمد دومة، ومحمد عادل، مؤكداً في الوقت عينه أن "هناك معلومات تتردد في أوساط وزارة الداخلية عن تدخلات عالية المستوى من دول أجنبية للعفو عن الناشط السياسي علاء عبدالفتاح وجميع المحبوسين في قضية التظاهر أمام مجلس الشورى نهاية عام 2013".

بينما يوضح مصدر قضائي بالنيابة العامة أن "دور النيابة في القصة يقتصر على تقديم بيانات بالموقف القانوني لكل محكوم أو متهم تقترح الداخلية أو الرئاسة العفو عنه"، مشيراً إلى أن "النيابة لم تتدخل يوماً لمنع العفو عن أي شخص لأن هذه سلطة تقديرية لرئيس الجمهورية في قرارات العفو محددة الأسماء وسلطة إدارية للأمن العام في قرارات العفو التي تصدر في المناسبات متضمنة شروط العفو وليس أسماء المستفيدين منه".

وعن إمكانية العفو عن أسماء لا تزال في مرحلة التحقيق أو المحاكمة في قضايا طال أمد إجراءاتها مثل قضية اعتصام رابعة التي تضم متهمين معروفين وصحافيين غير منتمين للإخوان مثل محمود أبوزيد (شوكان)، يقول المصدر القضائي إن "أحكام محكمة النقض لا تجيز ذلك، لكن معلوماتنا أن السيسي عفا قبل ذلك عن أشخاص كانوا قيد المحاكمة من دون استشارة النيابة العامة". ويؤكد أن "مخالفة أحكام النقض في هذا السياق لا يمكن تجريمها ولن يتمكن أحد من الطعن بها، ولا ترتب مسؤولية قانونية على السيسي".


المساهمون