مصر: حزب "المحافظين" الموالي للسيسي يعلن رفضه لتعديل الدستور

06 فبراير 2019
تهدف التعديلات الدستورية لاستمرار السيسي بمنصبه (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
أعلن حزب "المحافظين" المصري، الموالي لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، رفضه المبدئي لمقترح تعديل الدستور، الموقّع عليه من 155 نائباً من ائتلاف "دعم مصر" وبعض المستقلين في مجلس النواب، مبيناً أنّ الحزب لا ينظر للمقترح إلا بوصفه "تعبيراً عن رغبات عدد من النواب، وليس انطلاقاً من إرادة شعبية، أو مطالب جماهيرية".

وأشار الحزب، في بيان رسمي، إلى "غياب فلسفة التعديل والمغزى منه"، مؤكداً أنّ مقترح التعديل "عصف بالمبادئ الأساسية في الدستور كمبدأ استقلال السلطة القضائية، والتوازن بين السلطات، ونظام الحكم المختلط الذي أخذ به الدستور، فضلاً عن تعرّضه لمواد حظر الدستور المساس بها من قبل الأكثرية حماية لحقوق الأقلية، وفق ما أقرته الجمعية العامة للشعب المصري (الاستفتاء الشعبي)".

وأضاف بيان "المحافظين"، أنّ "الحزب يرفض مبدئياً المقترح المقدم للتعديلات الدستورية أمام البرلمان، على أن تقوم اللجنة الدستورية والتشريعية بالحزب بعرض الأسباب والحيثيات التي بُني عليها الرفض (لاحقاً)".

وأمس الثلاثاء، وافقت اللجنة العامة في مجلس النواب المصري على طلب تعديل الدستور المقدم من أكثر من خُمس عدد أعضاء المجلس، ورفع تقريرها بخصوص الأمر إلى الجلسة العامة المقررة، للتصويت على إحالة الطلب للمناقشة أمام لجنة الشؤون التشريعية في البرلمان.

وتهدف التعديلات الدستورية إلى استمرار السيسي في منصبه لمدة 12 عاماً أخرى، بعد انتهاء ولايته الثانية في 2022، واستحداث مجلس أعلى لجميع الجهات والهيئات القضائية برئاسته، ومنحه صلاحية تعيين رئيس المحكمة الدستورية، ونائبه، واختيار النائب العام من بين ثلاثة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى، فضلاً عن اشتراط موافقة الجيش على تسمية رئيس الجمهورية لوزير الدفاع، وحمايته لـ"مدنية الدولة".

ومع أنّ حزب "المحافظين" نشر بيانه الرافض لتعديل الدستور على صفحته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، وأرسله عبر الـ"إيميل" إلى الصحافيين المعنيين بشؤون الأحزاب، إلا أنّ البيان لم يُنشر على أي من المواقع الإخبارية المحلية، بما فيها موقع صحيفة "التحرير" المملوكة لرئيس الحزب، البرلماني أكمل قرطام، إذ حذفت إدارة الموقع الخبر بعد نشره بدقائق معدودة.


وبحسب مصدر مطلع في صحيفة "التحرير"، فإنّ الحذف جاء بناءً على تعليمات أمنية إلى رئيس تحرير الموقع، من دون الرجوع إلى رئيس الحزب، الأمر الذي أثار غضب الأخير، وخصوصاً أنّه تزامن مع إعلان ثلاثة من أعضاء الهيئة البرلمانية للحزب تأييدهم للتعديلات الدستورية، في مخالفة لموقف الحزب الرسمي.

وأعلنت النائبة في البرلمان عن حزب "المحافظين" سارة صالح، موافقتها على التعديلات الدستورية، من حيث المبدأ، طالبة تسجيل موقفها في مضبطة مجلس النواب، وكذلك النائب إيهاب الخولي، الذي ادعى أنّ مقترح التعديل "لا ينتقص من ضمانات الحقوق والحريات"، بالإضافة إلى ممثلة الهيئة البرلمانية للحزب هالة أبو السعد، التي صرّحت بأنّها صوتت بالموافقة على التعديلات الدستورية المقترحة في اجتماع اللجنة العامة بالبرلمان.

وقالت أبو السعد، في تصريحات متلفزة، مساء أمس الثلاثاء، إنّ "موافقتها على التعديلات الدستورية لا تتوافق مع موقف الحزب منها"، معتبرة أنّه "ليس بالضرورة أن يتسق موقف الهيئة البرلمانية مع موقف الحزب"، بحجة أنّ "معظم ممثلي الهيئة البرلمانية يؤيدون عدم ألوهية الدستور، واحتياج المرحلة الحالية إلى تعديل مواده بعد حالة الاستقرار التي شهدتها البلاد"، على حد تعبيرها.


وعلّق المتحدث باسم حزب "المحافظين" أحمد حنتيش، على صفحته الشخصية عبر موقع "فيسبوك"، قائلاً: "الدفاع عن الدستور هو دفاع من أجل حماية مستقبل هذه الأمة، هو ضمان أن ننتقل إلى ديمقراطية حقيقية تطمئننا إلى أن الأجيال القادمة ستحيا مستقرة في دولة يتم تداول السلطة فيها سلمياً... التحدي خطير، والتعبير بوعي عنه لا يحتمل التردد... ومؤمن بأن القضية أهم بكثير من كل المضايقات".


وشهد مقر حزب "المحافظين" بضاحية المهندسين بالجيزة، الإثنين، تدشين ما يُعرف بـ"اتحاد الدفاع عن الدستور"، بناءً على ما انتهى إليه اجتماع ضم ممثلي ورؤساء 11 من الأحزاب السياسية المدنية (الليبرالية)، وعدداً من الشخصيات العامة، وأعضاء مجلس النواب، وممثلي المجتمع المدني.

ويستحوذ حزب "المحافظين" على خمسة مقاعد في البرلمان، حصل عليها جميعاً عبر قوائم "في حب مصر"، التي تشكّلت داخل مقر جهاز الاستخبارات العامة، حسب رواية القيادي السابق في القائمة حازم عبد العظيم، والذي اعتقلته السلطات المصرية في 27 مايو/أيار 2018، ويواجه اتهامات تتعلق بـ"الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون، ونشر أخبار كاذبة".


وفي مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن "المحافظين" عن اعتقال أحد أعضائه المؤسسين، على خلفية نشر آرائه السياسية على صفحته الشخصية على موقع "فيسبوك"، مشيراً إلى مداهمة قوة أمنية منزل عضو الهيئة العليا للحزب محمود خميس، واعتقاله من دون إبراز إذن النيابة العامة، في مخالفة للقانون، بعد الاستيلاء على هاتفه المحمول وحاسوبه الخاص.

وكتب قيادي الحزب المعتقل، في 23 ديسمبر/كانون الأول 2018، تدوينة عبر موقع "فيسبوك" تقول: "لا فائدة في حكم دون عدل، ولا جدوى في سلطة دون ديمقراطية، ولا خير في نظام دون شعبه"، والتي كان قد استبقها بتدوينة قال فيها: "أحياناً يكون الاستبداد والديكتاتورية والظلم أسباباً لكشف أقنعة ووجوه كنا نحسبهم دعاة حق وعدل، وقادة قيم ومبادئ... ولكننا نتفاجأ بأنهم دعاة منافع ومغانم، وأصحاب مصالح ومآرب".