مصر: تعديل تشريعي للتوسع بمصادرة أملاك المتهمين بتمويل "الإخوان"

09 يناير 2020
يزيد التعديل من التضييق على مؤيّدي "الإخوان"(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -


استمراراً في التصعيد من نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ضد المعارضين، خصوصاً في التيار الإسلامي، وتأكيداً على عدم جدية اصطناع النظام وإعلامه وجود نية لتحقيق انفراجة في المجال العام، أقرت الحكومة المصرية تعديلاً جديداً على القانون رقم 8 لسنة 2015، الخاص بتنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، بغرض التوسع في تعريف "الأموال" في القانون، بحيث تشمل جميع الأصول المالية والموارد الاقتصادية، ومنها "النفط، والموارد الطبيعية الأخرى، والمُمتلكات أياً كان نوعها، سواء كانت مادية أو معنوية، منقولة أو ثابتة، أياً كانت وسيلة الحصول عليها، والوثائق والأدوات القانونية".

وشمل تعريف "الأموال" كذلك "العملات الوطنية أو الأجنبية، والأوراق المالية أو التجارية، والصكوك والمُحررات المثبتة لكل ما تقدم أياً كان شكلها، بما في ذلك الشكل الرقمي والإلكتروني، وجميع الحقوق المتعلقة بأي منها، بما في ذلك الائتمان المصرفي، والشيكات السياحية والمصرفية، والاعتمادات المستندية، وأية فوائد أو أرباح أو مصادر دخل أخرى مترتبة على، أو متولدة من هذه الأموال أو الأصول، أو أية أصول أخرى يُحتمل استخدامها للحصول على تمويل أو منتجات أو خدمات".

ويؤدي هذا التعديل إلى مزيد من التضييق على عناصر ومؤيّدي جماعة "الإخوان المسلمين" والكيانات المدرجة على قائمة الإرهاب، بعد أسبوعين تقريباً من إصدار قرارات بالمصادرة النهائية لأموال أكثر من 120 شخصاً من المتهمين في قضايا تمويل الجماعة وإعادة إحياء نشاطها الاقتصادي، وذلك بعدما صدرت أحكام نهائية من محكمة مستأنف الأمور المستعجلة برفض التظلّمات المرفوعة من المتهمين بتمويل "الإخوان" والإرهاب ضد قرار لجنة التحفظ على أموال الجماعات الإرهابية، بنقل جميع الأموال والأملاك التابعة لهؤلاء المتهمين إلى الخزانة العامة للدولة.

ويصبّ التعديل في خانة توسيع سلطات الدولة في التعامل مع الإمكانات الاقتصادية المختلفة لدى العناصر المستهدفة بالمصادرة، باعتبارها أموالاً، فضلاً عن زيادة فرص الاستفادة من الممتلكات محل المصادرة بموجب قانون التحفظ والمصادرة رقم 22 لسنة 2018 الذي يتناقض صراحة مع المادة 40 من الدستور، التي تنصّ على أن "المصادرة العامة للأموال محظورة. ولا تجوز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي". فالمقصود بالمصادرة الخاصة هنا أن تحدد المحكمة الجنائية حصرياً الأدوات أو الأموال التي استخدمها الجاني في عمله الإجرامي، ومن ثم تحكم بمصادرتها بعد ثبوت استخدامها في مخالفة القانون، كمصادرة السيارات والأسلحة والمخدرات في قضايا التهريب والقتل والإرهاب، الأمر الذي يختلف تماماً عن حالة الأموال المتحفظ عليها جميعاً من أشخاص يشتبه في تمويلهم لجماعة "الإخوان".




وزعمت الحكومة، على هامش اجتماع لها، أمس الأربعاء، أن تعديل القانون يستهدف "وضع إطار قانوني شامل لتحديد الأشخاص والكيانات الإرهابية، واتخاذ التدابير المناسبة في ضوء ما كشف عنه الواقع العملي لأحكام القانون، بما يؤدي إلى زيادة فعالية إجراءات مكافحة الإرهاب، وتمويله، على النحو الذي يساهم في الوفاء بالمعايير الدولية، ويُحقق المصلحة الوطنية العليا في مكافحة جريمة الإرهاب". وأورد التعديل الآثار التي تترتب بقوة القانون على نشر قرار الإدراج طوال مدته، ومنها "حظر الكيان الإرهابي، ووقف أنشطته، وغلق الأمكنة المخصصة له، وحظر اجتماعاته، وحظر تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للكيان، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وحظر الانضمام للكيان أو الدعوة إلى ذلك، أو الترويج له، أو رفع شعاراته".

وفيما يخص "الإرهابيين"، يتم إدراجهم على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، أو منع الأجنبي من دخول البلاد، وسحب جواز السفر أو إلغاؤه أو منع إصدار جواز سفر جديد، وفقدان شرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولي الوظائف والمناصب العامة أو النيابية، بحسب التعديل. كذلك نصّ على تجميد الأموال أو الأصول الأخرى المملوكة للكيان، وأعضائه من الإرهابيين، سواء بالكامل أو في صورة حصة في ملكية مشتركة، والعائدات المتولدة منها، أو التي يتحكم فيها بشكل مباشر أو غير مباشر، والأموال أو الأصول الخاصة بالأشخاص والكيانات التي تعمل من خلاله، وحظر تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للإرهابي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

ويتنافى قانون الكيانات الإرهابية والإرهابيين مع أبسط قواعد العدالة، كونه لا يشترط ثبوت ارتكاب كيان أو شخص ما لجرائم مُحددة في القانون، بل يكتفي باتهام النيابة، وصدور قرار من الدائرة المختصة للإدراج على قوائم الإرهاب، وهو ما وظف على مدار السنوات الخمس الأخيرة في التخلص من معارضي السيسي، بمعاقبة كثير منهم بالحرمان من تولي المناصب العامة أو النيابية. وكان الشهر العقاري في مختلف المحافظات قد أنهى، في خريف 2018، حصر كل الأملاك والعقارات المتعامل عليها، والتي كانت مملوكة للمتهمين، وتم إرساله إلى مكتب وزير العدل السابق حسام عبد الرحيم، استعداداً لنقلها إلى ملكية الخزانة العامة للدولة رسمياً، بعد صدور حكم مستأنف الأمور المستعجلة بتأييد المصادرة. وقد تم ذلك بالفعل خلال الأشهر الماضية بالنسبة إلى مئات الحالات، من بين أكثر من 1500 شخص مدرجين على القائمة الرئيسية لمتهمي تمويل "الإخوان"، ومن بينهم نجم الكرة السابق المقيم في قطر حالياً محمد أبو تريكة، والذي لم يتم إيجاد حل لوضعه حتى الآن رغم تدخل العديد من الوسطاء العرب.

وسبق أن استدعى جهاز الأمن الوطني في بعض المحافظات عدداً من المتهمين بتمويل الجماعة من المدرجين في قائمة الإرهاب، ممن لم يدخلوا السجون في قضايا أخرى، وأبلغهم بضرورة تسوية الأوضاع المالية لشركاتهم وأملاكهم سريعاً، تمهيداً لمصادرتها من قبل الدولة. وأشارت المصادر إلى أنّ التعليمات الأمنية تضمّنت ضرورة الإفصاح عن جميع الأملاك المسجّلة باسم الشخص المدرج في قائمة الإرهاب بقضية التمويل، قبل تنفيذ قرار المصادرة، مع التهديد بتحريك قضايا ضريبية ومالية ضدّ من يخفون أملاكاً أو ينقلون ملكيتها إلى أشخاص آخرين لحمايتها من المصادرة. كذلك تم إعداد قائمة جديدة العام الماضي تضم نحو 30 شخصاً زعمت تحريات الأمن الوطني أنهم تعاونوا مع بعض المتهمين لإخفاء ملكياتهم، أو نقلها إليهم أو إلى آخرين، وصدر قرار بالتحفظ أيضاً على أموالهم.