أثار تأجيل الحكومة المصرية طرح أسهم في البورصة مخاوف من أن يرتفع عجز الموازنة في العام الحالي، ودفع شركات خاصة لتأجيل طروحها للأسهم.
وكانت الحكومة تنوي بيع حصة 4.5% في الشركة الشرقية (الشرقية للدخان) الأسبوع الجاري، وهو الأول من بين ما يصل إلى 5 طروح كانت مقررة قبل نهاية العام الجاري. وكان متوقعاً تنفيذ 18 طرحاً آخر خلال العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة.
وتأمل مصر بأن تجمع الطروحات أموالاً تحتاج إليها الدولة بشدة وتدعم القطاع الخاص في الوقت الذي تطبق فيه البلاد إجراءات تقشف يدعمها صندوق النقد الدولي وتكافح لاحتواء التضخم والدين.
لكن الحكومة قالت يوم الجمعة إنها ستؤجل بيع حصة في الشرقية للدخان إلى العام المقبل بسبب تقلبات الأسواق العالمية، دون أن تحدد موعداً للطروحات الأخرى.
وتنطوي الخصخصة على مخاطر سياسية أيضاً. فلطالما لم تجد قبولاً لدى قطاع من المجتمع المصري بما في ذلك الكثير من العاملين بالشركات الحكومية الذين يعتقدون أن أصول الدولة يجب ألا تباع بثمن بخس ناهيك عن بيعها من الأساس.
وقال هاني فرحات، كبير الاقتصاديين في بنك الاستثمار المصري "سي.آي كابيتال": "إذا لم يؤجل (الطرح) ولم تتم تغطية طرح الشرقية بتقييم مناسب، لربما أثار ذلك ردَّ فعلٍ سياسياً معاكساً وعرض البرنامج برمته للخطر. التوقيت غير مناسب للشركات الخاصة والعامة".
ومنذ الشهر الماضي نفذت اثنتان من شركات القطاع الخاص طرحاً عاماً أولياً، وهما أول طرحين، فيما كان من المتوقع أن تحدث طفرة في مبيعات الأسهم الخاصة والعامة.
وكان الطرح الأول لأسهم شركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية وتمت تغطية الاكتتاب 18.9 مرة وفُتح السهم يوم الثلاثاء مرتفعاً 20.6% عن سعر الطرح.
لكن سهم شركة التأجير المصرية "ثروة كابيتال"، وهي الشركة الثانية التي طرحت أسهمها بالبورصة، نزل نحو 15% عن سعر الطرح بعد أسبوع من بدء تداوله.
وثمة 3 طروح أولية خاصة أخرى تقرر إجراؤها في البداية بحلول نهاية ديسمبر/كانون الأول لشركات "راميدا للأدوية" و"جيزة للغزل والنسيج" و"مجموعة حسن علام للمقاولات"، لكنها ستؤجل الآن بحسب مصرفي متخصص في الاستثمار مشارك في أحد الطروحات.
وقال: "لا طروح أولية هذا العام. جرى تأجيلها جميعاً إلى العام المقبل حتى نرى كيف ستتعافى السوق. أعتقد أن الجميع توصل لهذا القرار".
عجز الموازنة الحكومية
كان المسؤولون المصريون يعولون على حصيلة قدرها 10 مليارات جنيه مصري (558 مليون دولار) من عمليات الخصخصة لخفض عجز الموازنة في السنة المالية التي ستنتهي في يونيو/حزيران 2019 ليصل إلى 8.4% من الناتج المحلي الإجمالي. (الدولار= 17.935 جنيهاً).
وقال آلن سانديب، رئيس البحوث في نعيم للوساطة، إنه لا يزال أمام الحكومة وقت لاستئناف مبيعات الأسهم قبل نهاية السنة المالية في يونيو/حزيران، ويمكن أن تحقق الإيرادات المستهدفة من الطروح في 2 فقط من الطروح الخمسة التي كان من المقرر في الأصل إجراؤها في 2018، وهما "الشرقية للدخان" و"أبو قير لإنتاج الأسمدة".
لكن زيادة أسعار النفط العالمية هذا العام وارتفاع عوائد ديون الأسواق الناشئة يزيدان من صعوبة مهمة خفض العجز. ومن المتوقع أن تلجأ مصر لسوق سندات العملة الأجنبية العام المقبل لجمع 5 مليارات دولار.
ومع تراجع الشهية العالمية للأسواق الناشئة، لن يكون الاقتراض أو بيع الأصول خياراً سهلاً.
وقال وائل زيادة رئيس "شركة الاستثمار زيلا كابيتال" والرئيس السابق لقطاع البحوث في المجموعة المالية "هيرميس"، إن "الخطر الذي يواجه الحكومة نتيجة تأجيل الطروح هو أن أزمة الأسواق الناشئة قد تتفاقم خلال العام المقبل".
(رويترز)