مصر تطلب تدخل أميركا "بشكل فعال" في قضية سد النهضة

05 أكتوبر 2019
خالف السيسي سابقاً التصريحات حول المخاوف من مسار المفاوضات(Getty)
+ الخط -
في أول رد فعل سياسي على فشل المفاوضات الثلاثية حول قضية سد النهضة، بين وزراء الري والمياه في مصر والسودان وإثيوبيا، أصدرت الرئاسة المصرية، يوم السبت، بياناً قالت فيه إنّها "ترحب بالتصريح الصادر، أمس الجمعة، عن البيت الأبيض بشأن المفاوضات الجارية حول سد النهضة، والذي تضمن دعم الولايات المتحدة لمصر والسودان وإثيوبيا في السعي للتوصل إلى اتفاق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، ومطالبة الولايات المتحدة الأطراف الثلاثة بإبداء حُسن النية للتوصل إلى اتفاق يحافظ على الحق في التنمية الاقتصادية والرخاء، وفي الوقت ذاته يحترم بموجبه كل طرف حقوق الطرف الآخر في مياه النيل".

وذكر البيان المصري أنّ "مصر تتطلع لقيام الولايات المتحدة الأميركية بدور فعال في هذا الصدد، خاصة على ضوء وصول المفاوضات بين الدول الثلاث إلى طريق مسدود، بعد مرور أكثر من أربع سنوات من المفاوضات المباشرة منذ التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ في 2015، وهي المفاوضات التي لم تفض إلى تحقيق أي تقدم ملموس، مما يعكس الحاجة إلى دور دولي فعال لتجاوز التعثر الحالي في المفاوضات، وتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث، والتوصل لاتفاق عادل ومتوازن يقوم على احترام مبادئ القانون الدولي الحاكمة لإدارة واستخدام الأنهار الدولية، والتي تتيح للدول الاستفادة من مواردها المائية دون الإضرار بمصالح وحقوق الأطراف الأخرى".

وأضاف المتحدث الرسمي أنّ "مصر تذكّر في هذا السياق بما جاء في كلمة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، من انفتاح مصر على كل جهد دولي للوساطة من أجل التوصل إلى الاتفاق المطلوب".

وفي وقت لاحق اليوم السبت، نشر السيسي، تدوينة قصيرة على حسابه الرسمي في موقع "فيسبوك"، حول موقف بلاده المتأزم في قضية سد النهضة حالياً، مشدداً على التزامه بحماية الحقوق المائية للمصريين في مياه نهر النيل، محاولاً طمأنتهم.

وكتب السيسي: تابعت عن كثب نتائج الاجتماع الثلاثي لوزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا، لمناقشة ملف سد النهضة الإثيوبي، والذي لم ينتج عنه أي تطور إيجابي، وأؤكد أنّ الدولة المصرية بكل مؤسساتها ملتزمة بحماية الحقوق المائية المصرية في مياه النيل، مستمرة في اتخاذ ما يلزم من إجراءات على الصعيد السياسي وفي إطار محددات القانون الدولي لحماية هذه الحقوق وسيظل النيل الخالد يجرى بقوة رابطاً الجنوب بالشمال برباط التاريخ والجغرافيا".


وكانت وزارة الموارد المائية والري قد أعلنت، اليوم السبت، فشل المفاوضات، وقالت إن مصر طالبت رسمياً بتفعيل المادة العاشرة من الاتفاق الثلاثي الموقع عام 2015 بعدم الإضرار فيما يتعلق بمشروع سد النهضة، وذلك بضرورة إدخال "طرف دولي" للوساطة وللمساعدة في التوصل لحل.

وسبق أن أشارت مصادر دبلوماسية مصرية، إلى أنّ الدول الغربية التي دُعي سفراؤها إلى اجتماع مع مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية حمدي لوزا، الشهر الماضي، لإطلاعهم على موقف المفاوضات المتعثر "لم تبد حتى الآن مواقف واضحة بشأن الضغط على أديس أبابا"، ولبعض الدول، مثل إيطاليا وفرنسا، مصالح مباشرة في استمرار العمل بوتيرة متسارعة في السدّ بمشاركة بعض مستثمريها، بينما تنظر دول أخرى إلى إثيوبيا كدولة واعدة بنظام سياسي حديث يمكن الرهان عليه والتعاون معه والاستثمار فيه.


وذكرت المصادر أنّه لا توجد في الأفق أي بادرة للقاء حاسم بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، نظراً لاتساع الفجوة بين الواقع العملي والتصريحات التي يدلي بها الأخير في المناسبات المختلفة. وبحسب المصادر، فإنّ "خبراء الري يرون أنّ المعالجة السياسية للقضية منذ توقيع الاتفاق الثلاثي في مارس/ آذار 2015 لا تسير بشكل صحيح، لأنها تركز على الخطابات الدعائية، لا على الأرقام والإحصائيات"، وأن حل القضية حالياً يتطلب "تغييراً جذرياً في سياسة مصر" ويتطلب أيضاً "حلاً سياسياً بالدرجة الأولى".


وفي الآونة الأخيرة، عبّرت مصر عن تفاقم مخاوفها بسبب عدم التوصل إلى حل بعد سنوات من التفاوض، واعترف الرئيس المصري خلال المؤتمر الثامن للشباب الذي عُقد، يوم السبت الماضي، بصعوبة الموقف، ملقياً باللائمة على ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 بأنها تسببت في إسراع إثيوبيا في إنشاء السد.

وكان السيسي قد صرح، مطلع عام 2018، بأنّه "لم تكن هناك أزمة من الأساس حول سدّ النهضة"، بعد اجتماع في أديس أبابا مع نظيره السوداني عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي السابق هايله ميريام ديسالين، على هامش حضورهم قمة الاتحاد الأفريقي. وخالف السيسي بذلك كل التصريحات الرسمية المصرية التي أبدى فيها المسؤولون قلقهم وغضبهم من انسداد المسار التفاوضي، وميل الخرطوم إلى مواقف أديس أبابا، وعدم مراعاتهما المخاوف المصرية من تفاقم الفقر المائي. لكن الحكومة المصرية عادت، الشهر الماضي، لتعرب عن مخاوفها من إطالة فترة التفاوض بحجة عدم الاستقرار السياسي في السودان.