قالت مصادر قضائية مصرية، إن السلطات الأمنية تنتظر انتهاء عطلة عيد الفطر، التي تبدأ غداً الإثنين، لتنفيذ الإعدام بحق 17 مدنياً، قضت محكمة عسكرية قبل أيام بإعدامهم شنقاً، في القضية المعروفة إعلامياً بـ"تفجير الكنائس الثلاث".
واستبعدت مصادر سياسية، تحدثت إلى "العربي الجديد"، أن يستخدم الرئيس عبد الفتاح السيسي سلطته كحاكم عسكري، إذ إنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، في إصدار قرار بإلغاء العقوبة، أو تخفيفها، أو حتى تأجيل تنفيذها، مؤكدة أن التقارير الحقوقية والإعلامية الدولية لن يكون لها أي تأثير في إقدام السيسي على التصديق على الأحكام، وتنفيذ السلطات المختصة لها. وكانت صحيفة "التايمز" البريطانية كشفت، أن "أكثر من 2400 معارض صدرت بحقهم أحكام بالإعدام في مصر منذ تولي السيسي حكم البلاد"، مشيرة إلى أن توسع السلطات في إصدار أحكام الإعدام يمثل أزمة على مستوى حقوق الإنسان، ويأتي في إطار حملة السيسي على المعارضة بعد وصوله إلى السلطة قبل ست سنوات.
وقضت المحكمة العليا للطعون العسكرية في مصر، الثلاثاء الماضي، بتأييد حكم محكمة جنايات الإسكندرية العسكرية، بمعاقبة 17 متهماً بالإعدام شنقاً، والسجن المؤبد بحق 19 آخرين، بينهم سيدة، والسجن المشدد 15 سنة على 8 متهمين، بينهم طفل، والسجن 15 سنة لمتهم واحد، والسجن المشدد 10 سنوات لآخر، في القضية رقم 165 لسنة 2017 (جنايات عسكرية كلي الإسكندرية)، والمعروفة إعلامياً بـ"تفجير الكنائس الثلاث".
ونسب قرار الإحالة الصادر عن النيابة العسكرية إلى كل من المتهمين عزت الأحمر، ومهاب مصطفى، وعمرو سعد عباس، قيادة جماعة أسست خلافاً لأحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى الإخلال بالسلم العام، وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وتعطيل أحكام الدستور والقانون، ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة عملها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين. ونسبت النيابة العسكرية إلى المتهمين الثلاثة، ومعهم المتهم وليد أبو المجد، تمويل هذه الجماعة. كما نسبت إلى المتهمين حمادة جمعة، ومحمد مبارك عبد السلام، وسلامة أحمد سلامة، قيامهم بتدريب أفراد على إعداد وصنع أسلحة ومتفجرات واستخدام وسائل الاتصال اللاسلكية والإلكترونية، والفنون الحربية، والأساليب القتالية، من خلال دورات عقدوها لباقي المتهمين. واتهمت مهاب مصطفى، ووليد أبو المجد، بالاشتراك مع الانتحاري محمود شفيق محمد مصطفى، تدبير تفجير الكنيسة البطرسية، من خلال رصد ومراقبة الكنيسة ومداخلها ومخارجها، وأوجه تأمينها، وتسلم عمرو سعد عباس، ووليد أبو المجد، عبوة ناسفة من المتهم حسام نبيل، تحوي 5 كيلوغرامات من مادة "نترات الأمونيوم".
وسبق أن أحال النائب العام نبيل صادق 48 معتقلاً على القضاء العسكري، بدعوى تولي وتأسيس خلية تتبع تنظيم "داعش" داخل الأراضي المصرية، وتأسيس خليتين له في محافظتي القاهرة وقنا، والانضمام والمشاركة فيهما، وارتكابهم وقائع تفجير الكنائس الثلاث (البطرسية بالعباسية، والمرقسية بالإسكندرية، ومار جرجس بالغربية)، وقتل والشروع في قتل مرتادي الكنائس وقوات تأمينها. وادعت تحريات النيابة العسكرية تورط المتهمين عمرو سعد، ووليد أبو المجد، ومصطفى عمر، ومصطفى عبده محمد حسين، وحامد خير علي ويضة، وحمادة جمعة، بالهجوم على كمين النقب، وقتل ضابط و7 أفراد شرطة، وإصابة 14 آخرين باستخدام الأسلحة الآلية. وتضم قائمة المتهمين سيدة واحدة هي علا حسين محمد، زوجة المتهم رامي محمد عبد الحميد، التي نسبت لها التحقيقات، مع زوجها، الانضمام إلى خلية تابعة إلى "داعش"، وتمويل التنظيم، وإيواء المتهم بتفجير الكنيسة البطرسية محمود شفيق. وحسب التحقيقات، فإن منهج الخليتين اعتمد نفس فكر "داعش" القائم على تكفير الحاكم والجيش والشرطة، وقتالهم باعتبارهم طائفة منعت تطبيق حدود الله، وأقسمت على الولاء للدستور الوضعي وعملت بالقوانين الوضعية، وتكفير أصحاب الديانات السماوية الأخرى، والدعوة إلى قتالهم.
في غضون ذلك، وبينما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عن الصور التي نشرها حساب السيسي على "فيسبوك"، أثناء أداء العمرة، ذكر بعض المعلقين بأن آخر عمرة أداها السيسي كانت سبباً في إقحام عشرات الشباب في السجون، والحكم على ثمانية متهمين، بينهم امرأتان بالإعدام، في القضية رقم 148 لسنة 2017 عسكرية، والمعروفة بـ"محاولة اغتيال السيسي وولي العهد السعودي السابق الأمير محمد بن نايف أثناء أداء العمرة في أغسطس/ آب 2014". فبعد عودته من العمرة في 2014، أعلنت نيابة أمن الدولة العليا إحالة 292 متهماً على القضاء العسكري بتهمة التورط بتنفيذ أعمال إرهابية، ولا سيما محاولتان لاغتيال السيسي، إحداهما خارج مصر، وذلك أثناء تأديته مناسك العمرة في مكة. ثم في 4 فبراير/ شباط الماضي، أصدرت المحكمة العسكرية، قراراً بإحالة 8 متهمين في القضية 148 عسكرية، للمفتي، بعد أن كشفت التحقيقات التي أجرتها نيابتا أمن الدولة العليا والعسكرية، عن محاولتي اغتيال للسيسي ومحمد بن نايف فضلاً عن أكثر من 17 عملية "إرهابية" داخل وخارج البلاد. وقضت محكمة جنايات الجيزة، في 6 إبريل/ نيسان الماضي، بإحالة أوراق 7 متهمين في أحداث عنف إلى المفتي لاستطلاع رأيه الشرعي في إعدامهم.
وحسب رصد حركة الاشتراكيين الثوريين المصرية، فقد سجَّلت مصر أكبر عدد من أحكام الإعدام في تاريخها خلال الـ4 سنوات الأخيرة، مشيرة إلى أنه منذ 7 مارس/ آذار 2015 وحتى 20 فبراير/ شباط 2019، نفَّذَت السلطات 42 حكماً بالإعدام بحق معارضين دون إعلان مسبق للتنفيذ، فيما ينتظر عشرات المعارضين الآخرين تنفيذ العقوبة ذاتها، بعدما صدرت بحقهم أحكام نهائية بالإعدام في عدد من القضايا. وارتفع عدد المُنفذ بهم حكم الإعدام في قضايا ذات طابع سياسي إلى 47 شخصاً منذ يوليو/ تموز 2013، في حين ينتظر 59 شخصاً على الأقل تنفيذ الإعدام، بعد استيفائهم مراحل التقاضي وصدور أحكام نهائية بإعدامهم، حسب حصر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. وكان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، قال إن السنوات القليلة الماضية شهدت عدة قضايا لأفراد أدينوا في ظل تقارير مقلقة عن غياب العملية القانونية السليمة، وقد استنفد عدد من هؤلاء الأفراد كل التدابير القانونية، ليواجهوا الآن خطر تنفيذ حكم الإعدام. وحث المكتب السلطات المصرية على وقف جميع الإعدامات، ومراجعة كل القضايا المرتبطة بأحكام الإعدام، بما يتوافق مع التزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان، وإجراء تحقيقات ذات مصداقية ومستقلة ومحايدة في ادعاءات التعذيب، واتخاذ التدابير الضرورية لضمان عدم تكرار انتهاك التدابير الواجبة والمحاكمات العادلة. وكان مكتب حقوق الإنسان أعرب عن مخاوف مشابهة في الخامس من يناير/ كانون الثاني 2018، بعد إعدام 20 شخصاً في أسبوع واحد.