مصر: تراشق برلماني بعد الطعن بعدم دستورية قانون الصحافة

08 يوليو 2018
توسّع القانون في تقييد الحريات (Pool/Getty)
+ الخط -

هاجم عدد من أعضاء لجنة الإعلام بمجلس النواب المصري، رئيس اللجنة، المحرّر العسكري السابق، أسامة هيكل، على خلفية إصدار قسم التشريع في مجلس الدولة توصياته بشأن عدم دستورية بعض نصوص قانون تنظيم الصحافة والإعلام، والذي يواجه رفضاً واسعاً من الجماعة الصحافية، على خلفية توسع مواده في تقييد الحريات.

وأعلن عضو اللجنة، النائب أسامة شرشر، عن دعمه الكامل لملاحظات نقابة الصحافيين حول مواد القانون، مؤكداً أن القانون بصورته الحالية يضم موادَّ يشوبها العوار الدستوري، وتُقيد حريات الصحافيين والإعلاميين، وبخاصة المادة (29) من القانون، بوصفها تسلب الصحافيين أحد أبرز مكاسبهم، وهو منع الحبس الاحتياطي في قضايا النشر

وشدّد شرشر على أنه لا يجب القبول بأي حال من الأحوال بقانون فيه أي قيود على الصحافيين أو الإعلاميين، أو يضمن صورة من الوصاية للهيئات الصحافية والإعلامية الثلاث على العمل الصحافي والإعلامي، معتبراً أن محاولات بعضهم تسويق مشروع القانون على أنه "أفضل قانون" غير مجدية على الإطلاق.

ونبّه شرشر إلى أنه كان النائب الوحيد من أعضاء اللجنة الذي رفض للقانون من حيث المبدأ بصورته الحالية، كونه يضم عدداً من المواد غير الدستورية، مستطرداً بأن "التاريخ لن يرحم كل من يساهم في تكبيل حرية الصحافة والصحافيين، وأن حرية الصحافة والكلمة ستنتصر بإرادة الصحافيين، بعيدا عن الشعارات والكلمات الرنانة، لأن هذه الحرية كفلها الدستور بمواد صريحة لا لبس فيها".

ونصت المادة (71) من الدستور المصري على أنه "يُحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زمن الحرب أو التعبئة العامة. ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية".

كما شدد شرشر على رفضه التام لمواد تشكيل مجالس إدارات الصحف القومية، التي تسمح بهيمنة الهيئة الوطنية للصحافة على هذه المجالس بادعاءات واهية، منبّهاً إلى أن الطريق الصحيح هو انتخاب مجالس الإدارات من الجمعيات العمومية، التي هي صاحبة الحق الأصيل في الاختيار بلا وصاية من أحد.

وختم شرشر، بالقول: "أؤيد كنائب وصحافي كل الخطوات والإجراءات القانونية التي اتخذتها نقابة الصحافيين للحفاظ على مكاسب الجماعة الصحافية، وللحيلولة دون هيمنة أو سيطرة هيئة بعينها أو فريق بعينه على صاحبة الجلالة، التي ستظل بدون أي قيود داعمة للدولة المصرية، ومتبنية لحرية الفكر والكلمة، ومعبرة عن آمال وآلام الوطن والمواطن المصري".

بدوره، قال النائب أحمد الطنطاوي، إن قانون الصحافة والإعلام يدعو لمزيد من الشكوك تجاه التزام السلطة الحاكمة بمبدأ حرية المجالين، مؤكداً أن القانون يحتوي على شبهات بعدم الدستورية في العديد من مواده، فضلاً عن أنه ينال من استقلال المهنة عبر تدخل السلطة التنفيذية، ومشكلات في اختيار الإدارات والجمعية العمومية.

في المقابل، زعم هيكل أن توصيات مجلس الدولة لا تمس جوهر القوانين، بل أكد دستورية مواد هامة خلاف المطعون بعدم دستوريتها، لافتاً إلى أهمية الأخذ بعين الاعتبار بهذه التوصيات، باعتبار أن الهدف من إرسال القانون إلى مجلس الدولة هو الاطمئنان على دستوريته.

وأفاد هيكل بأن الملاحظات الواردة من مجلس الدولة يجرى بحثها حالياً بواسطة الأمانة العامة للبرلمان، لإزالة مواطن شبهة عدم الدستورية منها، لافتاً إلى إرسال القانون إلى مجلس الدولة مرة أخرى عقب الانتهاء من إقراره للاطمئنان على دستورية جميع مواده.

وزاد هيكل قائلاً إن "توصيات مجلس الدولة مجرد ملاحظات، وليس اتهامات للبرلمان، ومن الطبيعي أن يتضمن قانون بهذا الحجم ملاحظات حول دستورية مواده"، مختتماً "هذا ليس عيباً، ولن نسمح بخروج قانون يحتوي على شبهة عدم الدستورية"، حسب تعبيره.

من جهته، قال وكيل مجلس النواب، السيد الشريف، إن البرلمان يُقدر ويحترم الحرية المسؤولة، أما الحريات غير المسؤولة فهي تؤدي إلى فتن تخريب الأوطان، مشيراً إلى أن المجلس سيدرس التوصيات الصادرة عن مجلس الدولة بشأن القانون، بالتشاور مع رئيس وأعضاء لجنة الإعلام بالبرلمان.

وأضاف الشريف، على هامش اجتماع لجنة الرد على بيان الحكومة، اليوم الأحد، أن من حق الكاتب حرية الحديث شريطة عدم التجاوز، واحترام أدب الخلاف، وأن هناك ثقة كاملة لدى البرلمان في الصحافيين والإعلاميين، باعتبار أنهم يمثلون منارة حقيقية لجميع المسؤولين، وليسوا عبئاً عليهم، منوهاً إلى أن الانتقاد مطلوب، وعلى أي مسؤول تحمل "النقد المحترم"، والرأي والرأي الآخر.

وأشار الشريف إلى أنه يثق تماماً في أن البرلمان يسير دائماً وأبداً نحو إثراء العمل الصحافي والإعلامي، وإعطاء مزيد من الحريات المسؤولة من خلال القانون.

المساهمون