مصر تتطلّع إلى التجارة الإلكترونية

05 نوفمبر 2014
النمو التكنولوجي مدعوم بالكثافة السكانية (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
تحاول القطاعات الاقتصادية المصرية، الدخول إلى العالم الرقمي. وذلك، نتيجة الكثافة السكانية من جهة، وحاجة المؤسسات العامة والخاصة لإيجاد وسائل للتواصل مع الزبائن والعملاء بطريقة أقل تعقيداً. وقد دخلت الرقمنة إلى حياة المصريين، من منظومة الدعم إلى القطاع المصرفي إلى البورصة إلى غيرها من القطاعات. وذلك وسط استهتار حكومي بأهمية الحلول التكنولوجية في دفع الاقتصاد المصري نحو النمو.
إلا أن هذا الواقع، لم يمنع المصريين من توسيع حجم التجارة الإلكترونية. حيث أكد تقرير صادر عن مؤسسة "يورو مونيتور" البريطانية، على أن نسبة التجارة الإلكترونية التي تشكل 3.4% حالياً من حجم التجارة المحلية، مرشحة للنمو ثلاث مرات بحلول 2016 لتصل إلى 447.3 مليون دولار أميركي.

الازمات المعيشية 

إذ لم يكن مشهد تكدس عربات المصريين أمام محطات الوقود إبان ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ومشهد طوابير المواطنين المُصطفة أمام منافذ بيع الخبز في العام 2012- 2013، سوى واجهة لأزمات المصريين المعيشية، وضعف الدولة في تأمين هذه السلع بالطرق الحديثة.
هذه المشاهد في مصر، بدأت تنحسر نسبياً مع اتخاذ خطوات لتفعيل منظومة البطاقات الذكية في توزيع السلع البترولية والتموينية والخبز. بيد أنها توقفت مع اندلاع أحداث 30 يونيو/حزيران، ثم عادت لتتصدر المشهد مرة أخرى في العام 2014.
وتعد البطاقات الذكية، العصا السحرية التي يعلق عليها المواطن المصري آماله، للتغلب على صعوبة الحصول على السلع التموينية، والمنتجات البترولية. فقد بلغت تلك المخصصات ما يقارب 131.8 مليار جنيه مصري؛ أي ما يعادل 18.4 مليار دولار أميركي. وتكمن أهمية الاعتماد على البطاقات الذكية في القدرة على مواجهة سطوة سماسرة السوق السوداء التي تحرم المواطنين حقوقهم في السلع الاستراتيجية المُدعمة.
إذا عدنا إلى الوراء، وتحديداً إلى العام 2005، ظهر مصطلح الحكومة الذكية لأول مرة، في عهد حكومة أحمد نظيف التي أطلقت على نفسها هذا اللقب، في إشارة إلى تبنيها استراتيجية ترتكز على دمج التكنولوجيا في أجهزة الدولة والمصالح الحكومية كافة. غير أن هذا اللقب اختفى من أرض الواقع.
ويشير رئيس مجموعة المصارف بغرفة تكنولوجيا المعلومات باتحاد الصناعات المصرية سيد إسماعيل، إلى أن التوجه صوب توظيف التطبيقات التكنولوجية في المرافق الحكومية لتقديم خدمات المواطنين بات ضرورة لا مناص منها. ويشدد على أن توغل أذرع الفساد في توزيع المنتجات المدعومة، لم يدع للحكومة رفاهية تأجيل تطبيق منظومة البطاقات الذكية التي تقدم سلع التموين الغذائية لكل أسرة وفقاً للبيانات المسجلة بالبطاقة.
ويقول إسماعيل لـ "العربي الجديد": "إن إدخال البطاقة الذكية بمنظومة توزيع الخُبز المدعم، يثمر في وقف هدر وقت المواطنين، كما يثمر في وقف السرقات، التي وصلت إلى 13 مليار دولار وفقاً لتقديرات وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور خالد حنفي".
وبحسب موقع وزارة التموين والتجارة الداخلية، قامت الحكومة بصرف المقررات التموينية عن طريق البطاقات الذكية لنحو 12 مليون أسرة، أي 63 مليون مواطن في جميع المحافظات. في حين بدأت تجربة النظام الإلكتروني لصرف معاشات الضمان الاجتماعي لعدد 5500 مواطن بمحافظة السويس، و683 مواطنة بمحافظة الأقصر. على أن يستأنف التجهيز لباقي المحافظات.
لا تقف أهمية البطاقات الذكية في تسيير شؤون المواطنين. إذ تلعب هذه البطاقات دوراً في القطاع المصرفي والمالي، وتحريك عجلة النمو. إلا أن استخدام هذه البطاقة في القطاع المصرفي ما زال ضعيفا نسبياً.

الحسابات المصرفية

وبحسب مؤسسة التمويل الدولية يمتلك 10% من المصريين فقط حسابات مصرفية. بما يعني صعوبة الاعتماد على المصارف لتفعيل الدفع الإلكتروني لرسوم الخدمات الحكومية. الأمر الذي دفع شركات التكنولوجيا لإطلاق مصطلح "الدمج المالي" الذي يتيح للمواطنين سداد فواتير الكهرباء والإنترنت والهواتف الثابتة والمحمول ورسوم استصدار تراخيص السيارات وحجز تذاكر الطيران عبر منافذ البريد والمصارف ومحلات السوبر ماركت.
ويوجد في مصر 39 مصرفاً حكومياً وخاصاً، تعمل هذه المصارف في توفير الاحتياجات التمويلية للشركات والحكومة على حدٍ سواء، ومع تزايد أهمية المصارف في الاقتصاد أدخلت جميعها التكنولوجيا في أنشطتها منذ مطلع الألفية الثانية.
ويقول إسماعيل "إن المنافسة بين المصارف على جذب العملاء، دفع كل مصرف إلى بناء نظام إلكتروني يربط كافة الفروع معاً وتنفيذ الصفقات وتحويل الأموال عبر الإنترنت. ولكن ما زالت المصارف في حاجة إلى بناء كفاءات تستطيع مواكبة المستجدات الرقمية وتوفير بيئة آمنة للتحويلات المصرفية".
ويشير إسماعيل إلى بزوغ نجم المعاملات المصرفية، عبر الهواتف الذكية حديثاً مع دخول تقنية الجيل الثالث لشبكات المحمول وتقديم خدمة التحويل المصرفي عبر الهواتف. حيث من المتوقع أن تشكل الهواتف الذكية مستقبل رقمنة الجهاز المصرفي، وإن كان ذلك يتوقف على تغطية خدمات البرودباند (الإنترنت الهاتفي) للمناطق النائية مثل سيناء والصعيد والدلتا والساحل الشمالي.
وفي ما يتعلق بالأسواق المالية، فقد شهدت البورصة المصرية تطوراً على صعيد تكنولوجيا المعلومات. ويقول أحد رؤساء شركات الوساطة في الأوراق المالية، إن المستثمرين بإمكانهم الآن تنفيذ أوامر الشراء والبيع مباشرة عبر الكمبيوتر والهواتف الذكية دون الحاجة إلى الاتصال بالسمسار.
ويشير رئيس شركة الوساطة لـ "العربي الجديد" إلى أن البورصة قدمت للمستثمرين خدمة التوقيع الإلكتروني على أوامر الشراء والبيع، منعاً لتنفيذ شركات السمسرة أي عمليات على محفظة أسهم العملاء دون علمهم.
دلالات
المساهمون