دفع قرار البرلمان الإيطالي بوقف إمداد مصر بقطع غيار طائرات "إف 16"، بقضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني وملابستها إلى مقدمة المشهد السياسي في البلدين مرة أخرى. حيث غادر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب المصري السفير محمد العرابي، صباح اليوم السبت، إلى إيطاليا في محاولة لاحتواء آثار القرار.
على الرغم من ذلك لم تبد السلطات المصرية حتى اللحظة أية ردود أفعال رسمية أو تعليقات حول ما نشره موقع "ريجينيليكس" ونقلته عنه وسائل إعلام إيطالية ودولية بشأن الإشارة إلى وجود احتمالات قوية لتورط نجل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والذي يعمل ضابطاً بجهاز المخابرات في عملية تعذيب وقتل الباحث الإيطالي الذي عثر على جثته يوم 25 يناير/ كانون الثاني الماضي.
وحمل العرابي رسالتين من رئيس مجلس النواب علي عبد العال، لكل من رئيس مجلس الشيوخ الإيطالي، بييترو جراسوا، ورئيسة مجلس النواب، لورا بولدريني، في محاولات لاحتواء آثار قرار الأخير الخاص بتعليق الجانب الإيطالي توريد بعض قطع غيار الطائرات "إف 16" إلى مصر.
ويأتي ذلك بعد تلويح وزير التنمية الاقتصادية الإيطالي كارلو كاليندا بوقف تصدير برامج مراقبة عالية الجودة إلى القاهرة، في ضوء رد وزارة الخارجية المصرية على قرار البرلمان الإيطالي، والذي أشارت خلاله إلى أن القرار ستكون له تداعيات سلبية على التعاون مع روما في عدد من الملفات المتعلقة بمكافحة الهجرة غير الشرعية، والوضع في ليبيا.
في غضون ذلك، أكّد مصدر بحثي مصري - كان قريب الصلة من ريجيني - عدم صحة الأقاويل التي عادت دوائر إعلامية وسياسية مصرية لترديدها حول طبيعة نشاط ريجيني خلال وجوده في مصر، بعدما وجهت له أجهزة بالدولة تهمة "التجسس".
ونفى المصدر صحة تلك الأقاويل جملة وتفصيلاً، قائلاً إنّ "الحديث عن أنه كان جاسوساً أو أن له أنشطة متعلقة بجمع معلومات حساسة عن القضايا العمالية خاطئ تماماً"، معتبراً أنه "من العيب أن يتم توجيه هذا الاتهام لباحث في الوقت الراهن، خاصة أن الصحافة ترصد بشكل دقيق للغاية كافة الاحتجاجات والحركات العمالية".
وأضاف أنّ "ريجيني لم يكن أكثر من باحث تعرض لغباء أجهزة الأمن المصرية غير المدربة والتي تحركها بعض الاتهامات الإعلامية بالمؤامرة الكونية ضد مصر عبر بعض الإعلاميين المحسوبين على النظام الحالي"، متسائلاً "مواقع التواصل الاجتماعي مليئة بقيادات عمالية ونشطاء، فما الذي يدفع ريجيني للتجسس".
وتابع المصدر، والذي تواصل مع أسرة ريجيني، "للأسف مسلسل التزييف من جانب أجهزة الدولة المصرية ما زال مستمراً، وهو ما ينذر بقرارات وتصعيد أوروبي تجاه مصر بسبب هذه القضية".
ولفت إلى أنه وفقاً لنقاشات مع أسرة ريجيني، والتي أكّدت الطريقة البشعة التي قتل فيها ابنها لن يقبلها الرأي العام الأوروبي بأي شكل من الأشكال، في وقت لم تقدم فيها الأجهزة الأمنية أي سبب منطقي لحدوث ذلك أو تقدم المسؤول الحقيقي عنه في ظل يقين أجهزة التحقيق الإيطالية بوقوف جهاز أمني مصري وراء الحادث.
وطالب الأجهزةَ المصرية المسؤولة عن التعامل مع الأزمة بالتوقف عن تصدير اتهامات جديدة للباحث، والتعامل مع القضية بشكل علمي بدلاً من التراشق الإعلامي الذي لن يؤدي إلا لمزيد من التدهور في العلاقات.