مصر تبدأ تنفيذ "غرامات الأرز"... وغليان بين المزارعين والنواب

27 سبتمبر 2018
حظر زراعة مساحات واسعة من الأرز يُغضب المزارعين (Getty)
+ الخط -


تسود حالة من الغليان بين مزارعي الأرز في مصر المخالفين لزراعته، بعد قرار الحكومة تطبيق الغرامات التي تصل إلى 3 آلاف و600 جنيه، بعدما فوجئوا بقيام مديريات الري بالتنسيق مع وزارة الزراعة والجهات المعنية بالمحافظات، بتسطير محاضر ضبط بحقهم لمخالفتهم قرار الحكومة، وتوجيه إنذارات "على يد محضر" لمطالبتهم بسرعة دفع الغرامات، وتهديدهم بالحبس في حال عدم الدفع.

وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد أصدر "فرمانا" في إبريل/نيسان الماضي، بمنع زراعة الأرز لكونه من المحاصيل الشرهة في استهلاك المياه، في ظل الأزمة المحتملة التي ستواجهها البلاد خلال الأيام المقبلة، عقب استكمال بناء "سد النهضة" الإثيوبي، والذي سيحجب المياه عن مصر ويقلل من حصتها السنوية البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وهذا ما دفع الحكومة إلى تخفيض المساحة المزروعة من الأرز مليون فدان، إلى أقل من 700 ألف فدان تقتصر على محافظات الإسكندرية والبحيرة والغربية وكفر الشيخ والدقهلية ودمياط والشرقية والإسماعيلية وبورسعيد.


كما حظر القرار الوزاري الزراعة في 18 محافظة، هي: أسوان والأقصر وقنا وسوهاج وأسيوط والمنيا وبني سويف والفيوم والوادي الجديد والجيزة والقاهرة والقليوبية والمنوفية ومرسى مطروح وشمال سيناء وجنوب سيناء والبحر الأحمر والسويس.

وأكد عدد من المزارعين في محافظات وجه بحري، أنهم تلقوا إنذارات تطالبهم بسداد آلاف الجنيهات تحت مسمى "غرامة تبديد"، حيث تتهمهم وزارتا الري والزراعة بـ"تبديد وإهدار" المياه، لقيامهم بزراعة الأرز، في الوقت الذي قام مئات المزارعين بري الأرز بمياه الصرف الصحي والمياه الجوفية بالسحب عن طريق "مواتير الكهرباء" من باطن الأرض. إلا أنه رغم ذلك طاولتهم الغرامات.

واستنجد عدد من الفلاحين بأعضاء مجلس النواب، وهو ما دفع بعضهم إلى تقديم مذكرة لرئيس الوزراء ووزيري الزراعة والري، يناشدونهم رفع تلك الغرامات عن المزارعين، ومن بين هؤلاء النائب مصطفى جنيدي، الذي طالب الحكومة بسرعة التحرك لمواجهة تلك الأزمة الخطيرة، مراعاة لظروف الفلاحين، وحرصاً على عدم ارتفاع أسعار الأرز نظراً لقلة المساحات المزروعة.


كما انتقد محمد المرشدي، عضو مجلس النواب، تمسك الحكومة بتحصيل غرامات الأرز من الفلاحين، والتي تتجاوز 3 آلاف جنيه على الفدان، مؤكداً ضرورة مراعاة العدالة الاجتماعية وعدم الإضرار بالفلاح المصري.

وهاجم النائب هشام الشعيني الحكومة بسبب ما وصفه بتعمد تجاهل مطالب نواب البرلمان، على الرغم من أن هذه المخالفات تثير غضب الفلاحين، مشدداً على ضرورة أن تكون هناك مراعاة لظروف المواطنين من مزارعي الأرز المخالفين، مشيرا إلى أن السوق في حاجة إلى الكميات المزروعة من الأرز.

كما حذر النائب محمد تمراز من خطورة عدم توريد المزارعين لمحصول الأرز في المحافظات المسموح لها بزراعته تضامناً مع زملائهم، في حال عدم رفع المخالفات عنهم، لعدم وجود قانون يلزمهم بتوريد محصولهم للدولة، وبالتالي ستكون هناك أزمة حقيقية ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق.

من جهته، حذر حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، من عزوف الفلاحين عن زراعة الأرز بعد إثقالهم بالغرامات، مشيراً إلى أنه قرار جائر ولا يراعي العدالة الاجتماعية، ومشدداً على أن هذا الأمر سيتسبب في أزمة حقيقية وزيادة غير مسبوقة في أسعار الأرز التي ستظهر هذا العام بعد تضييق الخناق على زراعة الأرز.


وأشار إلى أن سعر الكيلوغرام سيتجاوز 20 جنيهاً، معتبراً أن غرامات الأرز التي فرضتها وزارتا الزراعة والري "غير عادلة"، متسائلاً: "كيف يدفع المزارع الغرامة ولم يكسب شيئاً من محصول الأرز؟"، وتابع أن "الحكومة بتدبح الفلاحين، وبورت الأراضي بسبب عدم وجود المياه، ورفعت أسعار كل مستلزمات الزراعة"، وهو ما أدى إلى خراب بيوت المزارعين في مصر.

وأضاف أبو صدام أن منع زراعة الأرز، أدى إلى توقف 70% من مضارب الأرز عن العمل، فيما تعمل بقية المضارب بأقل من نصف طاقتها، نتيجة لتقليص المساحة المزروعة، وهو ما تسبب في تسريح ما يزيد على 80% من العمال.

وطالب الحكومة بضرورة إعادة درس قرار الغرامات من كافة جوانبه، والعودة إلى زراعة الأرز بكل حرية، لكونه مصدرا مهما للدخل القومي من خلال صادرات الأرز إلى الخارج، إضافة إلى أنه مادة مهمة للطعام في مصر، ولا يقل أهمية عن رغيف الخبز، بخاصة في محافظات الوجه البحري، التي تعتمد عليه اعتماداً كلياً.