مصر: النظام يناور بقائمة الجنزوري

06 فبراير 2015
يحاول السيسي الإمساك بالبرلمان (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
يواصل النظام المصري الحاكم، محاولاته لضمان سيطرته على مقاعد البرلمان المقبل، المفترض أن تبدأ أولى مراحل انتخابه في 21 مارس/آذار المقبل. فالهجوم الذي تعرض له رئيس وزراء مصر الأسبق، كمال الجنزوري، الساعي إلى تشكيل قائمة انتخابية موحدة، منذ أشهر، واتهام قائمته من معارضين أو منافسين، بأنها "محسوبة على النظام، وتدعمها أجهزة الدولة"، أدى إلى "حرق" رجل النظام سياسيّاً.

الجنزوري، وهو المستشار الاقتصادي للرئيس، عبد الفتاح السيسي، عمد إلى التواري عن الأنظار في الفترة الماضية، تمهيداً لخروجه من المشهد السياسي، وذلك بعد أن انتهى من تشكيل قائمته الانتخابية، في اجتماعاته المغلقة في مكتبه في وزارة الاستثمار الحكومية، وفقاً لما أفادت به مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد".

وأكدت المصادر مطالبة أجهزة سيادية في الدولة، الجنزوري، بالانسحاب من المشهد، بعد أن انتقد قائمته عددٌ من رؤساء الأحزاب خلال اجتماعهم الأخير مع الرئيس، بوصفها محسوبة على الدولة. وهو ما نفاه السيسي، زاعماً بأنه لا يدعم أي قائمة، ولا توجد واحدة محسوبة عليه.

وكان الجنزوري، قد باشر مشاوراته مع بعض الشخصيات العامة، والأحزاب، تحديداً المحسوبة على نظام الرئيس المخلوع، حسني مبارك، مثل "ائتلاف الجبهة المصرية"، لتشكيل قائمة تخوض انتخابات مجلس النواب على مقاعد القوائم الأربع، البالغة 120 مقعداً من أصل 540.

ووفقاً لرئيس حزب "مصر بلدي"، قدري أبو حسين، فإن ائتلاف "الجبهة المصرية"، الداعم لقائمة الجنزوري، لديه قائمة جاهزة بديلة، بأسماء مرشحيها، ستطرح في حال عدم استمرار قائمته، للمنافسة في المعترك الانتخابي. وخرج على المصريين، يوم الأربعاء، كل المرشحين البارزين على قائمة الجنزوري، وبعضهم كان متحدثاً باسمها، ليعلنوا عن قائمة انتخابية جديدة، تحت اسم "في حب مصر".

وشارك في مؤتمر تشكيل القائمة، شخصيات عدة منها: مدير مركز الجمهورية للدراسات الاستراتيجية، اللواء سامح سيف اليزل، ومؤسس حركة "تمرد" محمود بدر، ووزير الإعلام الأسبق أسامة هيكل، ووزير الرياضة السابق، طاهر أبو زيد، والرئيس السابق لحزب "المصريين الأحرار" أحمد سعيد.

وضمّت القائمة، أيضاً، رئيس "اتحاد عمال مصر" جبالي المراغي، وشيخ مشايخ الطرق الصوفية، عبد الهادي القصبي، وكلاهما كانا عضوين بارزين في الحزب "الوطني" الحاكم خلال عهد مبارك. كما ضمت القائمة البرلماني السابق، عماد جاد، والكاتبة الصحفية لميس جابر (التي لطالما شتمت الثورة والثوار على شاشات الفضائيات)، وأستاذة العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر، آمنة نصير، والناشط حازم عبد العظيم، الذي ثبت في وقت سابق تعاونه مع إسرائيل عبر شركته للاتصالات.

وهناك، أيضاً، رئيس حزب "مستقبل وطن" الشاب محمد بدران، والذي كان عضواً فاعلاً في حملة السيسي الانتخابية، وأسس حزبه، الذي يضمّ 98 مقراً في جميع محافظات البلاد، بدعم مالي من رجل الأعمال المعروف، أحمد أبو هشيمة، أحد محتكري صناعة الحديد، ومالك صحيفة "اليوم السابع".

ويزعم أعضاء القائمة "الجديدة"، أنه لا يوجد أي علاقة لهم بقائمة الجنزوري، وجاء في بيان تدشينها، أنها "جديدة تماماً، وأن مرشحي القائمة تتوفر فيهم النزاهة وحسن السمعة والكفاءة، وتتنوع بينهم الاتجاهات. كما تمثل الباحثين عن ثورة 25 يناير، وثورة 30 يونيو، وتضم اليسار المعتدل، والليبرالية المعتدلة". وذكر البيان بأنه "تمّ اختيار نحو 70 في المائة من هيكل القائمة، وما زال الباب مفتوحاً لضم شخصيات أخرى".

واعتبر مدير "مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"، وحيد عبد المجيد، أن "القائمة الجديدة، استنساخ واضح من قائمة مستشار الرئيس، الذي اضطر للانسحاب بعد مهاجمته من الأحزاب، وأن قائمة، في حب مصر، هي قائمة النظام الجديدة، التي ستكون مدعومة من أجهزة الدولة".

وكان مقرراً بدء انتخابات مجلس النواب، خلال ستة أشهر، من إقرار التعديلات الدستورية، التي مُرّرت في منتصف يناير/كانون الثاني من العام الماضي، طبقاً لنص المادة 230، والذي تحايل السيسي، ونظامه، عليها، بإصدار قرار تشكيل اللجنة العليا للانتخابات، عند حلول الموعد الدستوري.

واستمرت لجنة الانتخابات القضائية، التي ضمت رئيساً، و6 أعضاء أصليين، و6 احتياطيين، ستة أشهر كاملة، تقاضت فيه مكافآت يومية، من دون عمل، حتى تم إعلان الجدول الزمني للانتخابات نهاية شهر يناير الماضي.

ومن المنتظر أن تتلقى المحكمة الدستورية العليا، عدداً من الطعون على دستورية قوانين الانتخابات البرلمانية الثلاثة "مجلس النواب، ومباشرة الحقوق السياسية، وتقسيم الدوائر"، وذلك بعدما صرحت محكمة القضاء الإداري لعدد من المحامين بإقامة الدعاوى خلال 48 ساعة، انتهت مساء أمس الخميس.

وتُعدّ هذه المرة اﻷولى التي يحيل فيها القضاء اﻹداري بعض نصوص قوانين الانتخابات إلى المحكمة الدستورية، بحيث تكون ملزَمة بالفصل فيها على نحو عاجل، ما يُنذر بسيناريو تأجيل الانتخابات مجدداً. فإذا أبطلت المحكمة نصّاً أو نصوصاً قانونية عدة، فقد يتطلب تعديلها وقتاً طويلاً، أو أن تعدل الدولة النصوص التي ارتأت المحكمة عدم دستوريتها، ثم يطعن عليها مرة أخرى، فتقضي المحكمة بعدم دستوريتها للمرة الثانية كما حدث في انتخابات 2013 الملغاة. الأمر الذي يمنح السيسي وقتاً أطول للاستحواذ على السلطة التشريعية، بجوار التنفيذية، وإصدار مزيد من القوانين المرسِّخة لحكم العسكر.

المساهمون