مصر: القضاء يقر مشروع قانون "إحكام السيطرة" على الجمعيات

28 نوفمبر 2016
رفض دولي لمشروع القانون الذي أعده مجلس النواب(فرانس برس)
+ الخط -
أعلن مجلس الدولة المصري، اليوم الاثنين، موافقته على مشروع القانون الذي أعده مجلس النواب لتنظيم الجمعيات الأهلية، والذي تم تمريره على عجل في البرلمان رغم اعتراض وزيرة التضامن الاجتماعي، غادة والي، عليه لتضمنه عدداً من "المواد الخطيرة التي تحيل أمر إدارة المجتمع المدني إلى الأجهزة الأمنية"، ممثلة في جهاز جديد سيتم إنشاؤه تحت اسم "الجهاز القومي لتنظيم عمل المنظمات غير الحكومية".

وقال رئيس قسم التشريع بمجلس الدولة، المستشار أحمد أبو العزم، إن "القسم لم يجد أي مخالفة دستورية في مشروع القانون"، مؤكداً، في مؤتمر صحافي عقده اليوم، إحالته مرة أخرى إلى مجلس النواب للمضي في إجراءات إصداره.

واعترضت معظم الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني المعارضة على مشروع القانون، ووصفته بأنه "أشد قمعاً من المشروع الذي أعدته الحكومة، ممثلة في وزارة التضامن"، إلى الحد الذي دفع بعض الحقوقيين ومديري الجمعيات إلى المطالبة بتمرير مشروع الحكومة بدلاً من المشروع الجديد الذي وافق عليه البرلمان ثم مجلس الدولة، ووصفه حقوقيون بأنه "يهدف إلى إحكام السيطرة على المجتمع المدني".

وقالت أحزاب "المصري الديمقراطي الاجتماعي" و"التحالف الشعبي الاشتراكي" و"الدستور" و"مصر الحرية والعيش" و"التيار الشعبي" و22 منظمة، في بيان مشترك لها، إن "القانون المزمع إصداره سيكون سبباً في مذبحة مؤكدة للجمعيات الأهلية العاملة في مجال التنمية والخدمات الاجتماعية"


ويتعين على الجمعيات الأهلية، بموجب القانون، توفيق أوضاعها وفقاً لنصوصه، التي تتضمن شروطا فضفاضة للتسجيل، منها عدم ممارسة نشاط يتعارض مع الأمن القومي والنظام العام، بل "ويفترض أن تبت الحكومة في ما إذا كان نشاط الجمعية يتوافق واحتياجات المجتمع وخطط الدولة في التنمية من عدمه، وهو الشرط الذي يمثل عودة صريحة لقانون الجمعيات الأسبق رقم 32 لسنة 1964".

وينص المشروع على تشكيل جهاز للتحكم في المنظمات الأجنبية غير الحكومية، على غرار مجلس الأمن القومي الذي يترأسه رئيس الجمهورية، حيث يتكون من ممثلي 3 جهات أمنية، بالإضافة إلى ممثلي وزارات الخارجية، والعدل، والتعاون الدولي، والوزارة المختصة بالجمعيات، وممثل للبنك المركزي، وآخر عن وحدة مكافحة غسيل الأموال، وعن هيئة الرقابة الإدارية، ويصدر بتشكيله قرار من رئيس الجمهورية.

وبحسب القانون المزمع إصداره، يختص هذا الجهاز بالبت في شؤون المنظمات الدولية غير الحكومية، وتمويل وأوجه التعاون بين الجمعيات المصرية وأي جهة أجنبية. 

واعتبر القانون أن "عدم رد الجهاز على الطلبات المقدمة له خلال 60 يوما يعد بمثابة رفض للطلب، ضاربًا بمبادئ الدستور والمواثيق الدولية التي صادقت عليها مصر عرض الحائط"، بحسب حقوقيين، و"ذلك في إطار حملة منظمة لمحاربة العمل الأهلي بكل السبل الممكنة، بما فيها منح الحكومة الحق في الاعتراض على كل قرارات الجمعية، وترشيحات عضوية مجلس الإدارة، ودورية اجتماعاته".

كما يتضمن المشروع عقوبات سالبة للحرية، مناقضاً بذلك توصيات الأمم المتحدة بشأن التعامل مع المجتمع المدني، حيث تصل العقوبات إلى الحبس خمس سنوات، وغرامات مالية تصل لمليون جنيه، "حال أجرت الجمعية استطلاعات رأي أو بحوث ميدانية، أو مارست العمل الأهلي دون التسجيل وفقًا للقانون، أو تعاونت بأي شكل مع أي منظمة دولية، بما في ذلك أجهزة الأمم المتحدة، دون الحصول على الموافقة اللازمة".

يذكر أن ملف التعامل مع المجتمع المدني كان يمثل نقطة خلاف دائمة بين إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ونظام الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي.

ووجّه وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، انتقادات متكررة للقاهرة، بسبب تضييقها على عمل المنظمات الحقوقية والجمعيات الأهلية، بالتزامن مع إعادة إحياء قضية التمويل الأجنبي للمنظمات، والتي تم على أثر تفجيرها عام 2011 إغلاق فروع عدد من المنظمات الأجنبية، الأميركية والألمانية تحديداً، في القاهرة.



المساهمون