وبدأت الجلسة بأن نادت المحكمة على الطبيب الشرعي حازم حسام الدين، والذي قام بتشريح جثمان الضحية، وتبين حضوره داخل القاعة لسماع شهادته في جلسة اليوم.
الوفاة نتيجة الإصابات
وأدى الطبيب الشرعي اليمين القانونية أمام المحكمة، ثم قال في مستهل شهادته إن الضحية عُذِّب بشكل وحشي متعمّد قبل وفاته، مبيناً أن السبب الرئيسي للوفاة هو نزيف في الصدر وتهتك في الرئة وكسر في الأضلاع، مع وجود نزيف في القلب، وكذلك نزيف في الخصية، وهو ما أدى إلى الوفاة.
وأوضح أنه يتعذر الجزم باليقين لتحديد وقت الوفاة لتدخل عوامل متعددة، أهمها وجود المجني عليه لفترة داخل ثلاجة المشرحة.
وبعد سؤال المحكمة، أضاف الطبيب أن توقيت الوفاة كان في الساعة الرابعة فجراً إلى الخامسة، وأن المجني عليه ظل ينزف تدريجياً حتى الوفاة، نتيجة الإصابات التي تعرض لها وأحدثت النزيف بعدة مواضع في الجسد.
وتابع الطبيب الشرعي أن الأقرب والأرجح أن كل الإصابات حدثت في وقت واحد، وأن كل إصابة من تلك الإصابات تؤدي بمفردها إلى الوفاة، خاصة إصابات الصدر والخصية، وذلك لأن إصابات الصدر وحدها أحدثت كسوراً بالأضلاع أدت إلى تهتكات بالرئتين صاحبها نزيف صدري غزير.
شهادة مأمور القسم
وبعد ذلك استمعت المحكمة لأقوال الشاهد الضابط محمود أحمد عبد الله علي، مساعد فرقة شرق القاهرة ومأمور قسم المطرية سابقاً، والذي قال في شهادته إنه في يوم الواقعة كان هناك أمر ضبط وإحضار للمجني عليه بناء على إذن صادر من النيابة العامة، وتم عرضه بالفعل على النيابة بنفس اليوم، وعاد من النيابة مساء نفس اليوم، وأن الضابط الذي قام بضبط المتهم هو الرائد أحمد يحيى ضابط مباحث قسم المطرية.
وأضاف أنه لم يشاهد المجني عليه قبل العرض على النيابة، ولكن أول مشاهدة له للمجني عليه كانت صباح اليوم التالي، حيث شاهده وهو ينزل من أحد "السلالم" وكان في حالة إعياء شديدة، فتحدث معه وسأله عن سبب إعيائه، فأخبره بأنه متعب ولا يستطيع التنفس.
فأحضر له كرسياً وأمر المجند بأن يتركه يجلس عليه وجلب له ماء بالسكر، وبعدها تحدثت مع رئيس التحقيقات بأن يتصل بوكيل النيابة يستأذنه في عرضه على مستشفى المطرية لينقل إلى هناك، مشيراً إلى أن الإصابات التي لحقت بالمتهم تؤكد أنها حدثت خلال تواجده في مقر الحجز.
الاعتراف أو الموت
كذلك استمعت المحكمة في جلسة اليوم لأقوال الشاهد عبد الغني إبراهيم، أحد المحبوسين مع المحامي المجني عليه، والذي قال في شهادته إنه يخشى من بطش الجناة ومعارفهم، خاصة أنهم مخلى سبيلهم، فطمأنه القاضي، فبدأ بسرد شهادته، والتي قال فيها إنه كان محبوساً احتياطياً مع المجني عليه لاتهامهما بالانضمام لجماعة إرهابية وحيازة أسلحة نارية وأنه يعمل "جزاراً".
وأضاف بعد أن أمر القاضي بفكّ قيوده، أنه تم ضبطه وصديق له في منطقة التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، ومن ثم انتقلا إلى القسم وتم إطلاق سراح صديقه من القسم، وتابع قائلاً: "الظباط غمّوا عنيا وكلبشوني من ضهري وعلقوني وعذوبني وضربوني بالجزمة علشان أعترف بجرائم ما ارتكبتهاش، وكنت بعترف بأي حاجة من كتر التعذيب، والضباط كانوا بيقولولي لو ما اعترفتش هنموتك".
وأمر القاضي الشاهد الأول، بالتعرف على المتهمين داخل القفص، وعما إذا قاموا بتعذيبه من عدمه، فاقترب الشاهد ونفى قيام الضابطين المتهمين بتعذيبه وأن من قام بتعذيبه وسحله هما الضابطان أحمد يحيى وكريم البحيري.
وأضاف الشاهد أنه لم يرَ المتهمين أثناء التحقيق مع المحامي كريم حمدي بالقسم، ولكن سمع صوته يستغيث ويصرخ من شدة التعذيب، قائلًا "آه.. آه.. هعترف بكل حاجة هقول كل حاجه"، لافتًا أن الاعترافات التي أدليا بها جاءت بعد ضغط وتعذيب كبير من الضباط، واعترفا بالجرائم عنوة للانتهاء من التعذيب.
وسأل الدفاع "هل استفسرت من المجني عليه عن القيام بتعذيبه؟"، فرد "الضباط كانوا جنبنا على طول مكنوش بيخلونا نتكلم".
واستفسر الدفاع عن حالة الضحية كريم حمدي قبل العرض على النيابة، فرد "كريم كان تعبان بسبب التعذيب والكهرباء، والضابطين أحمد يحيى وكريم البحيري هما اللي كانوا بيعذبوني، وقبل موت كريم حمدي قال لي: دول عايزين يموتوني".
وسأل المدعي بالحق المدني، عن الإصابات التي تعرض لها كريم حمدي قبل العرض على النيابة أم بعد العرض، فرد الدفاع: "أول مرة مكنش قادر يمشي ووشه مصفر"، فطلب المدعون بالحق المدني، استجواب الضابطين أحمد يحيى وكريم البحيري.
اقرأ أيضاً مصر: محاكمة ضابطي التعذيب قاتلَي محامي المطرية
وكان النائب العام المصري المغتال المستشار هشام بركات قد أحال الضابطين إلى المحاكمة بعد أن كشفت تحقيقات النيابة العامة أنه خلال احتجاز المجني عليه في قسم شرطة المطرية تعرض للتعذيب بيد ضابطي شرطة لحمله على الاعتراف بما ارتكبه من جرائم وجهوها إليه، إلا أنه رفض الاعتراف بشيء لم يرتكبه، فقاما بتعذيبه، حتى أحدثا به إصابات جسيمة متعددة أوردها تقرير مصلحة الطب الشرعي، والتي تسببت في وفاته.
وقد وجهت النيابة العامة إلى الضابطين المتهمين تهمة تعذيب المجني عليه حتى الموت، بعد أن توافرت الأدلة الكافية ضدهما.
وكادت القضية يتم "التكتيم" عليها بتواطؤ من النيابة العامة المصرية، من خلال إصدار قرار من النائب العام بحظر النشر، خاصة في ظل ظهور صور للمجني عليه وبها آثار التعذيب، إلا أن المحامين نظموا وقفات احتجاجية أمام مكتب النائب العام، وخرجت منظمات حقوقية لتدين الواقعة، وكان ذلك بمثابة الضغط الذي أدى إلى استكمال التحقيقات وإدانة الضابطين المتهمين.
الغريب أن غرفة المشورة بمحكمة شمال القاهرة في العباسية، قررت الأسبوع قبل الماضي، إخلاء سبيل الضابطين بكفالة 10 آلاف جنيه، على الرغم من تقرير الطب الشرعي الذي أدانهما، والأدلة ضدهما.
اقرأ أيضاً مصر: محفظ قرآن.. أحدث ضحايا التعذيب بـ"المطرية"