مصر: السيسي يبحث سراً عن قيادات للبرلمان الجديد

23 نوفمبر 2015
أثناء إدلاء السيسي بصوته في الانتخابات البرلمانية الأحد (الأناضول)
+ الخط -
بدأت الدوائر السياسية والأمنية المحيطة بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وضع اللمسات الأخيرة لأسلوب عمل وإدارة مجلس النواب المقبل، مع انتهاء الانتخابات، وتضاؤل احتمالات إصدار أحكام قضائية ببطلان العملية الانتخابية أو دوائر متعددة، في ظل تراخي دوائر محاكم القضاء الإداري في نظر الدعاوى القضائية المرفوعة أمامها، والمرتبطة بإجراءات الترشح والاقتراع ومخالفات المرشحين وعدم مطابقة تقسيم الدوائر للمعايير الدستورية.

وتكشف مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، عن أنّ "السيسي أمر رئيس الوزراء شريف إسماعيل بإعداد برنامج للحكومة، يطابق التكليفات التي أصدرها حين تشكيلها، لعرضه كما هو على مجلس النواب، تمهيداً لتجديد الثقة بالحكومة"، مشيرة إلى أن "احتمالية إجراء تعديلات وزارية ضعيفة جداً، ولن يشرع السيسي في ذلك الآن، غير أن دائرته تُعدّ تقارير عن الوزراء القدامى والجدد في الحكومة لبحث تمرير طلبات لتغيير بعضهم إلى البرلمان بعد انعقاده بأشهر عدة".

وتضيف المصادر الحكومية ذاتها، أنّ السيسي لا يريد أن يترك شيئاً للصدفة، وبالتالي فلن ينعقد البرلمان بعد انتهاء الاقتراع إلّا بعد الاتفاق مع الكتل السياسية الرئيسية على جميع التفاصيل الخاصة برئاسة المجلس واللجان الرئيسية، وكذلك حسم مصير التيار الأساسي الذي يدعمه السيسي والممثل في قائمة "في حب مصر"، إذ سيتم فصل أعضاء حزب "المصريين الأحرار" منها واستبدالهم بنواب مستقلين، وبالتالي يضمن السيسي تشكيل ائتلاف يحظى بالأغلبية ويمكنه من تزكية الحكومة أو تعديلها مستقبلاً بما يلبي رغباته الشخصية.

وعلى الرغم من وحدة الموقف السياسي الحالي لمعظم أعضاء هذه القائمة وكذلك المستقلين، إلّا أنّ المؤشرات تدل على احتمالية وقوع خلافات داخلية قد تهدد الأكثرية التي يحلم بها السيسي، والتي هي الضامن الوحيد لسرعة تمرير قراراته ومشاريعه في مجلس النواب.

فمظلة "في حب مصر" واسعة وتضم حالياً، وستضم مستقبلاً، مئات النواب الذين يؤيدون السيسي من دون قيد أو شرط. كما أنهم لا يملكون رؤى نقدية أو رافضة للوضع الاقتصادي وأوليات المال والأعمال، كما هو حال كتلة "المصريين الأحرار" التابعة لرجل الأعمال نجيب ساويرس، والذي من المتوقع أن يكون الشوكة الأبرز في حلق نظام السيسي، خصوصاً في ما يتعلق بالتشريعات الضريبية القائمة أو المزمع تمريرها.

اقرأ أيضاً: الانتخابات المصرية 2: تصفية حسابات بين رجال الأعمال والسلطة

لكن هذه المظلة التابعة للسيسي تتكوّن من مزيج غير متآلف من ذوي المصالح الشخصية والخلفيات القبلية والعائلية والجهوية وكذلك رجال الأعمال، وهذا الأمر استوعبه السيسي جيداً، ودفعه، بحسب هذه المصادر، للبحث عن عدد من الشخصيات القيادية، التي يمكنها أداء أدوار كمال الشاذلي وأحمد عز وذكريا عزمي في برلمانات عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، بالحشد والإقناع واصطناع المعارضة حيناً، وتمرير القرارات الصعبة في الأوقات الحساسة أحياناً أخرى.

وتتكتم الدائرة المحيطة بالسيسي، التي تتشكل أساساً من مدير مكتبه، عباس كامل ومستشاره القانوني غير الرسمي، محمد بهاء أبو شقة وممثلين للمخابرات العامة والأمن الوطني بالإضافة لقيادات في قائمة "في حب مصر"، على هويات الشخصيات المرشحة لأداء هذا الدور، لكن الدلائل تشير إلى أنهم جميعاً سيدخلون البرلمان بالتعيين، بصحبة رئيس مجلس النواب الذي في الغالب سيكون رئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور.

وتقول مصادر في حزب "مستقبل وطن" الذي يرأسه الشاب محمد بدران، المقرّب من السيسي، ويدعمه مالياً رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، إنّ "النيّة تتجه لإدخال عدد كبير من القضاة السابقين وأساتذة القانون للبرلمان ضمن قائمة المعيّنين، إذ لا تزال مسألة مراجعة القوانين التي صدرت على مدار العامين الماضيين تثير قلق الحكومة، وتحاول السيطرة عليها من خلال القانونيين الذين سيتم تعيينهم".

وتضيف مصادر الحزب في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّه "في ظل غياب الشخصيات الجماهيرية ونجوم المجتمع السياسي عن البرلمان الجديد، فإن الكلمة ستكون إمّا للشخصيات البارزة في سهرات (التوك شو) وصفحات وسائل الإعلام، أو القضاة وأساتذة القانون، باعتبارهم أكثر خبرة بشعاب السلطة التشريعية"، لافتة إلى أنّ "السيسي نفسه يميل للخيار الثاني، لكونه شخصية محافظة"، ومؤكدة أنّ "السيسي لا يعوّل كثيراً على العدد الكبير من ضباط الجيش والشرطة السابقين الذين استطاعوا الفوز في الانتخابات، ويعتبرهم مجرد زيادة في عدد مؤيدي النظام".

ولا تقتصر مشكلة السيسي مع مراجعة التشريعات على القوانين التي أصدرها ومنصور، بل تشمل أيضاً المطالبات المنتظرة من بعض النواب بمراجعة العقود السيادية التي أبرمت مع دول أجنبية أو هيئات دولية بواسطة القوات المسلحة أو جهات حكومية أخرى خلال الفترة الماضية، وذلك كله من دون سند قانوني.

وترى المصادر الحكومية أنّ القلق الأبرز يدور حول عقود إنشاء محطة الضبعة النووية التي وقّعتها الحكومة أخيراً، مع شركة "روس أتوم" الروسية، والتي لم تعرض على أية جهة رقابية حتى الآن. ويرى كثير من المراقبين أنه لم يكن من الملائم اقتصادياً الدخول في مشروع كهذا، في ظلّ العمل على مشاريع أخرى لتوليد الطاقة بالشراكة مع "سيمنز" الألمانية، والتي من المفترض أن تولّد كمية أكبر من الكهرباء خلال السنوات الأربع المقبلة.

اقرأ أيضاً: معادلة السيسي بعد طائرة سيناء... "الجوع مقابل الاستقرار"

المساهمون