تجري أجهزة الأمن المصرية، في سرية تامة، تحرياتها حول تورط تسعة ضباط شرطة كبار، في جهاز كبير بمديرية أمن القاهرة، ما بين مقدم وعقيد، لتورطهم في تجارة مخدرات مع عدد من التجار، مقابل مبالغ مالية كبيرة. وكشفت مصادر خاصة، لـ"العربي الجديد"، أن التحريات الرسمية كشفت أن هناك عناصر من جهاز الشرطة المصرية، ما بين ضباط وأفراد وأمناء شرطة، في عدد من المحافظات، على علاقة قوية بتجار المخدرات، وهناك رواتب شهرية يتقاضونها، مقابل تعريف التجار بأي حملات أمنية متوقَّعة ضدهم، فضلاً عن تسهيل حركة البيع والشراء لهم.
وأوضحت المصادر أن وزير الداخلية، اللواء مجدي عبد الغفار، طلب من مساعديه التحرّي عن عدد من ضباط وأفراد الشرطة، بعد وصول معلومات تؤكد انخراط عدد كبير من هؤلاء في التعاون مع عدد كبير من تجار "الكيف" في مصر، خصوصاً في محافظتي القاهرة والجيزة. وأوضح أن هناك أكثر من 40 ألف تاجر مخدرات في مصر، أجهزة الأمن على علم بهم، كما أن التراخي الأمني ساعد في انتشار تجارة جميع أنواع المخدرات في الشوارع علناً، رغم استغاثات الكثير من الأهالي لإنقاذهم خوفاً على حياة أولادهم. وأشار إلى سقوط عناصر من الشرطة بالرصاص، أثناء حملات على أوكار المخدرات، بتعليمات من زملاء لهم قبل إلقاء القبض على أي متهم بتجارة "الكيف".
واتهم المصدر "قطاع التفتيش والرقابة في وزارة الداخلية" بالتستر على عدد من الضباط في تلك الجريمة، موضحاً أن بعضاً منهم يتقاضى مكافآت إضافية من مديريات الأمن في المحافظات، مقابل التغافل عن جرائمهم الجنائية. وقال "هذا القطاع يمثل وزير الداخلية، ويتبع مكتبه مباشرة"، ويجب عليه متابعة الضباط وأفراد الشرطة متابعة دقيقة. وكان أحد تجار المخدرات، ويدعى رمضان ك. اعترف أنه يتواصل مع ضباط شرطة، وله علاقات وطيدة مع قيادات أمنية، وأُلقي القبض عليه مرات عدة، وحُكم عليه بالسجن 6 سنوات في قضية قتل، وخرج من السجن قبل عدة أشهر، واتفق معهم على شراء صفقة حشيش ضخمة وتوزيعها في مناطق جنوب القاهرة قبل القبض عليه.
ويعد 2016 عام سقوط ضباط من الداخلية في قضايا تعاطٍ واتجار بالمخدرات، إذ سقط ما يقرب من 25 حالة، معظمها في القاهرة الكبرى، وعدد من محافظات الوجه البحري. وهناك ضباط سجنوا في قضية مخدرات، ومنهم من ينتظر المحاكمة. كما تمت تسوية الوضع القانوني لبعض الضباط ودياً، وإبعادهم عن تلك القضية شرط تقديم استقالتهم من منصبهم. وكانت الفضيحة الكبرى أثناء القبض على المتهم محمد حافظ أمين، الشهير بـ"الدكش"، في مارس/آذار من العام الماضي في محافظة القليوبية القريبة من القاهرة، إذ اعترف المتهم بأنه على علاقة وطيدة بـ 10 ضباط، بينهم أربعة رؤساء مباحث، وأنهم كانوا يتقاضون منه رواتب شهرية لتأمين تجارته في المخدرات، والنتيجة إحالة هؤلاء إلى الاحتياط.