بدا جلياً تلقي مجلس النواب المصري الضوء الأخضر من الدائرة الاستخباراتية للرئيس عبد الفتاح السيسي، التي تُشرف على أداء أعضائه، وفق مراقبين. إذ كلف رئيس البرلمان، علي عبد العال، الحكومة، ببحث الوضع القانوني لفضائية "القاهرة والناس"، وسُبل إغلاقها، بدعوى تهديدها للأمن القومي للبلاد.
وطالب عبد العال وزير الشؤون النيابية، مجدي العجاتي، في جلسة اليوم الإثنين، بمراجعة حلقات الإعلامي إبراهيم عيسى، أحد أبرز داعمي السلطة العسكرية التي أطاحت بالرئيس محمد مرسي من سدة الحكم، ومخاطبة المنطقة الحرة، التابعة لهيئة الاستثمار، لاتخاذ ما تراه مناسباً بشأن خلفية مهاجمة عيسى للبرلمان الموالي للسيسي.
وهاجم عيسى مجلس النواب قائلاً، في حلقة سابقة ببرنامجه المُذاع على "القاهرة والناس": "النواب عاوزين يعدلوا الدستور عشان مدة الرئيس، الذي يعلن دوماً زهده في المنصب، بما يتناقض مع سعي حثيث من الموالين والمنافقين لتعديل الدستور، ومد فترة الرئاسة"، مضيفا "لا مبرر لطرح فكرة تعديل الدستور، فلدينا ترسانة من القوانين لمواجهة الإرهاب".
وقال عبد العال إن ما يردده عيسى في حلقات برنامجه عن مجلس النواب "يعد جريمة تحريض على العنف"، إذ ادعى بأن قانون بناء وترميم الكنائس "يمنع الأقباط من رفع الصلبان على الكنائس، بما يمثل فتنة واضحة"، مشيراً إلى أن ما يروجه من تفاهات "لن يمر مرور الكرام".
وأضاف عبد العال "هذا الإعلامي يُريد أن يشعل فتنة، ويهدم الدولة، ولا يمكن أن يمنع الدستور أو القانون الهيئة العامة للاستثمار من القيام بدورها، بعد أن ظلت (متفرجة) طوال الفترة الماضية".
ورد العجاتي، معقباً: إن الحكومة ستلتزم بما يقرره المجلس، وعليها أن تتخذ موقفا إيجابياً يحقق ما تحدث به رئيس البرلمان، متابعا "لا أحد يمكنه المزايدة على المجلس حامي الحريات والصحافة، فالحكومة لا تقبل إهانة البرلمان، وما ستتخذه من إجراءات سيلقى قبولا من المجلس"، على حد قوله.
من جهته، قال رئيس الهيئة العامة للاستثمار، محمد خضير، إن الهيئة تؤكد التزامها بتطبيق أحكام الدستور والقانون، وأنه لا خلاف على أن الدولة المصرية تقدس وتحترم حرية التعبير والرأي، وأن الهيئة ستطبق كافة الأحكام القانونية الصادرة بشأن المخالفات الإعلامية التي تمثل جرائم.
إلا أن عبد العال قاطعه قائلا "كنت أفضل ألا يتحدث رئيس الهيئة العامة للاستثمار، يبدو أنه سائر في اتجاه عكس الدستور والقانون"، متابعا "إذا طلب المجلس حضور الوزير فعليه أن يحضر، لن أوافق على حضور رئيس الهيئة مجددا (وسط تصفيق القاعة).. نحن نعرف الدستور والقانون، ولا نحتاج رئيس الهيئة ليحدثنا عن تطبيقهما".
واستدرك خضير قائلاً إنه "حينما ذكر الامتثال للقانون والدستور، كان الهدف التأكيد على ما أشار إليه رئيس المجلس، وخاصة أن ما طرح في المجلس كان شكوى من أحد النواب"، وهو ما رد عليه رئيس المجلس بالقول "إن المجلس لا يشكو، وإنما يطالب باتخاذ اللازم!".
وأمهل عبد العال رئيس الهيئة العامة للاستثمار أسبوعا لتقديم تقرير "كاف وواف" عما يدور في هذه المحطة (القاهرة والناس).
وكان النائب المقرب من أجهزة المخابرات المصرية، مصطفى بكري، قد صرخ وسط القاعة قائلاً إن "إبراهيم عيسى خرج في برنامجه بأكاذيب وسب وقذف للمجلس، ورئيسه، بناءً على ما قيل كذباً وبهتاناً بأن النواب يسعون لمد فترة رئاسة رئيس الجمهورية لمحاربة الإرهاب، إضافة إلى وصفه النواب بأنهم نصابون ومنافقون".
وأضاف بكري "أقول إن هذا البرلمان لا يمكن أن يقف ضد حرية الصحافة والإعلاميين، لكن هناك فرق كبير بين حق النقد ونشر معلومات كاذبة بهدف الإثارة، ولقد كذب هذا الإعلامي من قبل، وقال إن الحكومة لا تُريد قانون بناء الكنائس، فضلاً عن تهديده للأمن القومي، وتشكيكه في مؤسسات الدولة، وسعيه لهدمها".
فيما قال ممثل الكتلة النيابية لحزب المصريين الأحرار، علاء عابد، إن هناك "محاولات خسيسة من بعض الإعلاميين المقصود بها ليس النقد البناء، ولا توجيه رسالة إعلامية، وإنما المقصود بها هدم هذه الدولة من خلال المؤسسة التشريعية".
وأضاف عابد أن "هذا الإعلامي لا يذكر إلا السلببيات، ويجب التصدي للإعلاميين غير الشرفاء، الذين يتلقون ملايين الجنيهات".
بدوره، قال رئيس لجنة الإعلام، الصحافي أسامة هيكل، إنه "يقدر حجم ثورة النواب ضد تجاوزات الإعلام، ولكن لا بد أن يعلم الجميع أن هذا حدث في فترة لم يكن فيها قانون الهيئات الإعلامية، ولا وجود لهيئة تُشرف على الإعلام".
وأشار هيكل إلى أن الوضع قد تغير، وأصدر البرلمان قوانين تُنظم عمل الإعلاميين، معلناً تأييده لأي إجراء قانوني ضد عيسى، لدأبه على ترويج الأكاذيب، وفق قوله.