يبدو أن التوقع والتنبؤ سيكون هو استراتيجية عمل الأمن المصري، فوزير الداخلية يلجأ إلى التنبؤ وفتح المندل وقراءة الفنجان.
هذه حقيقة وليست خيالاً أو افتراء. فاللواء محمد إبراهيم تنبأ في الساعة الواحدة مساء بمخطط جديد لجماعة الإخوان "الإرهابية"، وقال حرفيّاً:"مخطط جديد للإخوان بعد قليل... وسنتصدى له بكل حزم".
من استمع هذه النبوءة لم يكن يتخيل أن هذا القليل، هو ثلاث ساعات فقط، تفصل بين "نبوءة" الوزير وانفجار وقع أمام جامعة القاهرة، التي تشهد ـ صدفة على الطريقة المصرية طبعاً ـ حراكاً طلابيّاً واسعاً، معارضاً للنظام الحالي.
بعد الانفجار أصدرت وزارة الداخلية بياناً عن القبض على أعضاء في جماعة الإخوان، نيتهم المستقبلية اقتحام جامعة القاهرة، ولم يوضح البيان كيفية كشف الوزارة عن نوايا الطلاب.
اللافت أن المكان نفسه شهد تفجيرات مماثلة، لم يمرّ عليها سوى ستة أشهر، مما دفع مواقع أخبار معروفة بتأييدها للنظام، مثل وكالة "أونا" للأنباء، وموقع جريدة "الوطن"، إلى مهاجمة الداخلية على هذا التقصير، ووصفت التفجيرات بـ"كلاكيت تاني مرة".
برامج "توك شو" من ناحيتها لم تُلقِ بالاً بتزامن تصريحات الوزير والتفجيرات، ولكنها كالعادة ألقت باللوم على الإخوان. وكان الخبراء الأمنيون المعروفون كضيوف في هذه البرامج، يكيلون الاتهامات للجماعة، رغم صدور بيان من جماعة "أجناد مصر"، تعلن مسؤوليتها عن التفجيرات. إلا أن هذا لم يمنع مقدمي البرامج وضيوفهم، من إلصاق التهمة بالإخوان.
ومع تحقق نبوءة الوزير، انطلق الناشطون على منصات التواصل الاجتماعي، بالإشادة بقدراته في استشراف المستقبل، وصلت حد دعوة أحدهم الوزير إلى ترك منصبه، والعمل كـ"معالج روحاني يفتح المندل ويخبر بالغيب"، وأعادوا للأذهان "النبوءات" التي كان يطلقها إعلاميون حول التفجيرات والحوادث الإرهابية. وكان أبرز هؤلاء خيري رمضان، الذي نقل خبر حرق المجمع العلمي قبل حدوثه، والإعلامي الشهير "بالمتنبئ "، عمرو أديب الذي كان يعلن عن مكان التفجير قبل حدوثه بأيام. لكن يبدو أن الموهبة انتقلت من الإعلاميين هذه المرة إلى أكبر مسؤول أمني في البلاد، مما يعكس حميمية العلاقة بين الأمن والإعلام في مصر.
موجة من التعليقات الساخرة، معظمها من قدرة الوزير على قراءة المستقبل، اجتاحت منصات التواصل، منها الدكتورة عزة الجرف، التي وصفت الوزير بـ"المفضوح"، وقالت في تغريدتها "وزير الداخلية الانقلابي يتنبأ بتفجير القاهرة قبل حدوثه بساعتين... الانقلابي المفضوح".
ناشط آخر علق على ما حدث، وقال: "الوزير فضحنا، ده لو قاصد يقول إننا هنحط قنبلة في جامعة القاهرة مش هيقول كده".
المدون، تامر موافي، أشار إلى توافق تصريحات الوزير والتفجيرات، فقال: "بص الوزير قال إيه الساعة الواحدة، ثم ما حدث الساعة الثالثة والنصف".
أما الإعلامي، وسام عبد الوارث، فتساءل: "كيف يتكرر المشهد نفسه في المكان نفسه، شيء مؤسف جداً ومحزن ما يحدث في بلدنا".
الصحفية والناشطة، منال أحمد، سخرت من خبر رصد الداخلية لنوايا الطلاب، وقالت: "يعني إيه الداخلية رصدت (نيتهم) اقتحام الجامعة؟". أما الناشط، نادر السيد، فسخر من الإعلاميين، وعلق: "الإعلاميين بقى مستواهم في النازل، فين أيام السنة اللي فاتت، لما كانوا بيصوروا الانفجار وقت حدوثه".