توقفت العشرات من مصانع الأدوية في مصر عن الإنتاج، بعد قرار البنك المركزي خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار، ما أفضى إلى زيادة تكاليف الإنتاج، فيما لا تسمح الحكومة بزيادة أسعار الأدوية لتتماشى مع تغيرات سوق النقد المحلي.
وقال مصدر مسؤول في غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات المصرية، إن المصانع بدأت في التوقف عن إنتاج الأدوية الخاسرة منذ بداية الأسبوع الجاري.
وأضاف المسؤول، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك أكثر من 1471 صنفاً دوائياً تشهد نقصا حادا، من أصل نحو 3200 صنف دوائي موجودة في الصيدليات، مشيرا إلى أن الأصناف الناقصة مهددة بالاختفاء، نتيجة زيادة أسعار تكلفة المنتج عن سعر البيع للجمهور.
ويباع الدولار بسعر 8.88 جنيهات في البنوك الحكومية، ونحو 10 جنيهات في السوق السوداء (خارج المصارف).
وأوضح المسؤول، الذي فضل عدم نشر اسمه، أن أكثر من 80% من هذه الأصناف الدوائية تم تسعيرها منذ أكثر من 15 عاما، وقت أن كان سعر الدولار لا يتعدى الثلاثة جنيهات، ويتم بيعها بنفس الأسعار القديمة، وبالتالي تتعرض الشركات للخسائر.
وأكد أن عددا كبيرا من شركات القطاع الخاص التي تمثل نحو 80% من صناعة الأدوية في مصر، توقفت عن إنتاج الأدوية الخاسرة، بعد أن طال أمد المماطلات المستمرة من قبل المسؤولين في وزارة الصحة، وعدم نيتهم رفع الأسعار لتتماشي مع زيادة الدولار.
وكانت غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، قد طالبت الحكومة ووزارة الصحة، بإعادة تسعير الأدوية مع تغير سعر صرف العملات الأجنبية، بعد اختفاء 1471 مستحضرا دوائيا، منها 366 مستحضرا ليس لها بديل، بعدما أصبحت تكلفة إنتاج هذه المستحضرات أعلى من سعر البيع.
ويعمل في صناعة الدواء بمصر قرابة نصف مليون عامل، ويبلغ عدد المصانع العاملة نحو 154 مصنعا، فضلا عن 50 مصنعا تحت الإنشاء.
وتسجل المبيعات السنوية للدواء نحو 40 مليار جنيه سنويا (4.5 مليارات دولار)، وتؤمن مصانع الأدوية 92% من احتياجات المصريين. وتصدر مصانع الأدوية منتجاتها لنحو 75 دولة.
وقال رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، أحمد العزبي، في تصريحات سابقة، إن تكلفة إنتاج الأدوية مرتبطة بأسعار الدولار، ما يعني أن زيادة سعر الصرف تؤثر بشكل مباشر على القطاع وتضر بتوفير الدواء.
ودعت الغرفة إلى عقد جمعية عمومية في الخامس من أبريل/نيسان المقبل، للنظر فيما أسفرت عنه المحادثات مع المسؤولين بشأن زيادة أسعار الدواء.
وقال أسامة رستم، نائب رئيس الغرفة، إن المستحضرات الطبية المختفية من الأسواق قابلة للزيادة، خلال شهرين، حال عدم اتخاذ الحكومة قرارا عاجلا بإعادة تسعير الأدوية الخاسرة، مؤكدا أن الصناعة على وشك الانهيار.
وأوضح أن الزيادات في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه بلغت 62%، منذ 2011، ما أدى إلى ارتفاع التكلفة، نظرا لأن المدخلات المستوردة تمثل 90% من صناعة الدواء.
وأضاف رستم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة مازالت متمسكة بعدم إعادة النظر في تسعير الأدوية، موضحا أن ميزانيات الشركات لم تعد تتحمل الإنتاج، وبعضها تحول إلى الخسارة. ولفت إلى إخطار الغرفة الجهات المعنية بخطورة الوضع في مصانع الأدوية وتأثيراتها على توفر المنتجات في الأسواق، من دون الاستجابة لها.
وقال رستم: "تحريك الأسعار، ولو بنسب ضئيلة، يحمى المواطن محدود الدخل ويوفر له الدواء الرخيص، بدلا من اختفائه من الأسواق، فيلجأ وقتها إلى بدائل أغلى ثمنا".
وأشار إلى أن من بين الأصناف الناقصة عقارا يعالج الذبحة الصدرية بسعر 2 جنيه فقط، بينما البديل بسعر 100 جنيه، مضيفا: "إذا ارتفع ثمن هذا العقار إلى 6 جنيهات، واستطاعت الشركة الاستمرار في إنتاجه، سيكون أفضل من شراء البديل بفارق عشرات الأضعاف".
ويقول رئيس شعبة الأدوية والمستحضرات الطبية بالاتحاد العام للغرف التجارية، علي عوف، إن أزمة نقص الأدوية في السوق المصري تكمن في عدم زيادة أسعار الأدوية منذ عام 1998، وقت أن كان سعر الدولار بحدود 3.8 جنيهات.
وأوضح عوف أن الحكومة تفرض سعرا جبريا على الدواء مثل الخبز والمواد البترولية، لكنها لا تدعمه، وبالتالي توقفت شركات القطاع الخاص عن إنتاج الأدوية الخاسرة، مما تسبب في النهاية بوجود أزمة نقص كبيرة في الأصناف الدوائية، وانعكس سلبا على المريض المصري، واضطره إلى شراء الأدوية المثيلة المستوردة بعشرات الأضعاف.
اقرأ أيضا: أزمة الدولار تهدد برفع أسعار الأدوية في مصر