تثير عملية إعادة الإعمار في سورية، والتي تقدّر تكاليفها نحو 180 مليار دولار منذ الآن، اهتمام الكثير من المستثمرين. شهدت بيروت، الأسبوع الماضي، تنظيم حدثين مكرسين لمناقشة هذا الأمر. يبدو أن نهاية الحرب في سورية ليست قريبة، وقد بدا التفاؤل الذي أظهره بعض المستثمرين والمسؤولين منفصلاً عن واقع التحديات التي تعترض عملية الإعمار.
فالتحدي الأول ماليّ. في حال ربح النظام الحرب، فإن إعادة الإعمار ستحال إلى حلفائه، وبالتحديد روسيا وإيران، لكنه لن يكون بمقدورهما تقديم تمويل بهذا الحجم نظراً للصعوبات الاقتصادية الذاتية. أما إذا انتهت الحرب بانتصار المعارضة، أو من خلال حلٍ تفاوضيٍ، فان دول الخليج بالإضافة إلى البنك الدولي سيكونان، على الأرجح، من أهم المساهمين. وقد سبق لرئيس البنك الدولي، جيم يونغ كيم، أن صرح أخيراً "أن أسعار النفط المنخفضة ستضع دول الخليج في وضع مالي صعب، وأن أموالا أقل ستكون متاحة لتمويل إعادة إعمار سورية".
اقــرأ أيضاً
أما التحدِي الثاني فيرتبط بالخريطة السياسية المستقبلية لسورية. فسواء تحولت إلى دولة لامركزية أم لا، فسيكون لوضع خارطتها السياسية نتائج هامة في تحديد من سيتولى عملية الإعمار في البلاد، وستحدد المؤسسات التي ستحظى بعقود الإعمار، كما سيحدد لمن ستعود فوائد إعادة الإعمار. وإذا بقيت سورية دولة مركزية، فإن المؤسسات المركزية التي تتخذ من دمشق مقراً لها ستكون مسؤولة عن إعادة الإعمار، والا فإن مهمة الإعمار ستوزع بين الكثير من المؤسسات المنتشرة في البلاد.
بالطبع، سيكون النظام المركزي أكثر قدرة على إدارة مثل هذا الجهد الضخم، إلا أن تطورات الحرب أظهرت أن الشعب السوري يريد نظام إدارة مختلفاً تكون فيه للسلطات المحلية سلطات أكبر. على كل حال، ما يزال السوريون، في الوقت الراهن، بعيدين جداً عن الاتفاق على ما ستكون عليه بلادهم مستقبلاً.
أما التحدي الثالث فيرتبط بالعقوبات الدولية على سورية. فالتوصل إلى حل تفاوضي لن يؤدي إلى رفع العقوبات المفروضة على عشرات الأفراد والمؤسسات المتورطين بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان وبجرائم حرب، بصورة أوتوماتيكية. وبالتالي، إذا أخذنا بالاعتبار التداخل بين المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية في سورية، فإنه من الصعب أن نرى كيف سيكون بإمكان المستثمرين، الذين يقتنصون الفرص، تجاوز هذه الشخصيات الخاضعة للعقوبات الدولية، وأن يتجنبوا أن يصبحوا هم أنفسهم عرضة للاتهام بخرق نظام العقوبات.
إن عملية إعادة الإعمار ستكون مرتبطة بالتوصل إلى حل سياسي شامل. إلا أنه، وللأسف الشديد، لا يمكن للمرء أن يتوقع حدوث ذلك في وقت قريب.
(باحث اقتصادي سوري)
اقــرأ أيضاً
فالتحدي الأول ماليّ. في حال ربح النظام الحرب، فإن إعادة الإعمار ستحال إلى حلفائه، وبالتحديد روسيا وإيران، لكنه لن يكون بمقدورهما تقديم تمويل بهذا الحجم نظراً للصعوبات الاقتصادية الذاتية. أما إذا انتهت الحرب بانتصار المعارضة، أو من خلال حلٍ تفاوضيٍ، فان دول الخليج بالإضافة إلى البنك الدولي سيكونان، على الأرجح، من أهم المساهمين. وقد سبق لرئيس البنك الدولي، جيم يونغ كيم، أن صرح أخيراً "أن أسعار النفط المنخفضة ستضع دول الخليج في وضع مالي صعب، وأن أموالا أقل ستكون متاحة لتمويل إعادة إعمار سورية".
أما التحدِي الثاني فيرتبط بالخريطة السياسية المستقبلية لسورية. فسواء تحولت إلى دولة لامركزية أم لا، فسيكون لوضع خارطتها السياسية نتائج هامة في تحديد من سيتولى عملية الإعمار في البلاد، وستحدد المؤسسات التي ستحظى بعقود الإعمار، كما سيحدد لمن ستعود فوائد إعادة الإعمار. وإذا بقيت سورية دولة مركزية، فإن المؤسسات المركزية التي تتخذ من دمشق مقراً لها ستكون مسؤولة عن إعادة الإعمار، والا فإن مهمة الإعمار ستوزع بين الكثير من المؤسسات المنتشرة في البلاد.
بالطبع، سيكون النظام المركزي أكثر قدرة على إدارة مثل هذا الجهد الضخم، إلا أن تطورات الحرب أظهرت أن الشعب السوري يريد نظام إدارة مختلفاً تكون فيه للسلطات المحلية سلطات أكبر. على كل حال، ما يزال السوريون، في الوقت الراهن، بعيدين جداً عن الاتفاق على ما ستكون عليه بلادهم مستقبلاً.
أما التحدي الثالث فيرتبط بالعقوبات الدولية على سورية. فالتوصل إلى حل تفاوضي لن يؤدي إلى رفع العقوبات المفروضة على عشرات الأفراد والمؤسسات المتورطين بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان وبجرائم حرب، بصورة أوتوماتيكية. وبالتالي، إذا أخذنا بالاعتبار التداخل بين المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية في سورية، فإنه من الصعب أن نرى كيف سيكون بإمكان المستثمرين، الذين يقتنصون الفرص، تجاوز هذه الشخصيات الخاضعة للعقوبات الدولية، وأن يتجنبوا أن يصبحوا هم أنفسهم عرضة للاتهام بخرق نظام العقوبات.
إن عملية إعادة الإعمار ستكون مرتبطة بالتوصل إلى حل سياسي شامل. إلا أنه، وللأسف الشديد، لا يمكن للمرء أن يتوقع حدوث ذلك في وقت قريب.
(باحث اقتصادي سوري)