منذ توصل إيران لاتفاقها النووي مع السداسية الدولية العام الماضي، ودخوله حيز التنفيذ مطلع العام الجاري، تنظر إيران بعين ثاقبة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي مع دول الاتحاد الأوروبي، ومن أبرزها ألمانيا.
ورغم ذلك، مازالت طهران تعاني من عدم قدرتها على تطبيق المشاريع المشتركة عملياً بسبب العراقيل المصرفية التي تعترضها، حيث تمتنع بعض المصارف الأوروبية الكبرى عن إعادة وصل العلاقات بسبب ضغوط أميركية، وفق تصريحات إيرانية رسمية.
وجاءت هذه النقطة على رأس عناوين زيارة وزير الاقتصاد الألماني زيغمار غابرييل، الذي اختتم زيارته إلى طهران، أمس، في زيارة رسمية استغرقت يومين، حيث انطلق الاجتماع التجاري المشترك الأول بين الطرفين بعد خمسة عشر عاما من عقد آخر اجتماع مماثل بينهما.
ويدرك غابرييل، أن تأخر حل مشكلات إيران المالية والمصرفية سينعكس سلباً على المشاريع المشتركة بين إيران وألمانيا أولا وبينها وبين دول الاتحاد الأوروبي ثانيا، ما جعل حل هذه الأزمة أولوية في الزيارة التي بحثت التعاون في قطاعات اقتصادية عدة وتوقيع عدد من اتفاقيات وعقود العمل المشترك.
وفي هذا الشأن، يرى الخبير في الشؤون الاقتصادية الإيرانية بهمن آرمان، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن العقبة الرئيسة التي تواجه اقتصاد إيران خلال فترة ما بعد إلغاء العقوبات عمليا، ترتبط بعدم قدرة البلاد على التعامل مع المصارف الأوروبية الكبرى التي ترفض المراهنة على حساب علاقاتها مع أميركا.
وأضاف آرمان، أن "المصارف المتوسطة والصغيرة الأوروبية استأنفت علاقاتها بالفعل مع البلاد، وتستطيع إنجاز تعاملات تعادل قيمتها 100 مليون دولار على أبعد تقدير"، قائلا، "إن المشاريع الإيرانية مع ألمانيا ومنها مشاريع في قطاع البتروكيماويات والمعادن، تعد من المشاريع الكبرى التي تتطلب مبادلات مالية بأرقام أعلى بكثير، ما يزيد التوتر والقلق الإيراني".
واعتبر هذا الخبير أن مقترح الوزير الألماني بحل الأزمة مع واشنطن يعني أن هذه الأخيرة أعطت الضوء الأخضر بالفعل لتسهيل التعاملات، ولاسيما أن طهران باتت تشتكي علناً وفي الاجتماعات الدولية من عدم تنفيذ التعهدات بموجب الاتفاق من قبل الطرف الأميركي، موضحاً أنه يجب الانتظار للمس النتائج عمليا، فكل هذه التصريحات مازالت تصب في خانة الوعود، حسب رأيه.
وأضاف آرمان، "أن ألمانيا شريك اقتصادي وتجاري رئيسي لإيران التي لن تستغني عن هذه العلاقات وستعمل لإعادتها إلى مسارها السابق، أي لفترة ما قبل تشديد الحظر عليها بسبب النووي، معربا أن البلدين يعملان على رفع مستوى التبادل ليصل إلى عشرة مليارات دولار مستقبلا".
وحسب محللين، لا تعد ألمانيا بلداً مستهلكاً، كما تدرك أهمية السوق الإيرانية التي تصدر لها التكنولوجيا والتقنيات والآلات بشكل رئيس، فغالبية المصانع الإيرانية تدور بآلات ألمانية، وفضلا عن هذا قررت طهران فتح قطاعاتها النفطية والغازية بشكل أكبر أمام هذا الشريك، وهو ما يجعل الوزير الألماني يحمل في جعبته أكثر من ملف.
ووقع الطرفان، عقب اجتماعهما، اتفاقية بين المصرفين المركزيين في كلا البلدين، كما وقع الجانبان خلال الزيارة التي استمرت يومين اتفاقيات أخرى، حسب نائب وزير الاقتصاد الإيراني محمد خزاعي، الذي ذكر أن حجم التبادل التجاري بين البلدين كان عاليا قبل فرض الحظر الاقتصادي، ورغم تأثره سلبا بعده، إلا أنه وصل بين عامي 2014 و2015 إلى 2.5 مليار دولار، معتبراً أن هذا كفيل بتطوير العلاقات لأبعد الحدود، حسب تعبيره.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية فارس عن خزاعي، قوله، "إن الخلاف في وجهات النظر بين البلدين حول قضايا سياسية دون أخرى لن يحول دون تطوير العلاقات"، داعيا للمزيد من جلسات الحوار لتطوير الروابط الاقتصادية والثقافية. كما طالب ضيفه الألماني بتأمين الأرضية المناسبة لتطوير العلاقات مع المصارف الإيرانية وهو ما سيحل العديد من الأمور، حسب تعبيره.
وعرض غابرييل خلال الزيارة أن تقدم برلين المزيد من التكنولوجيا لإيران، معربا عن اهتمام كافة الشركات الألمانية الكبرى منها وحتى الصغرى بالقطاعات الإيرانية، كما عرض تأسيس المزيد من الشركات الفنية والمهنية، ما قد يساعد البلاد على حل أبرز مشكلاتها وهي البطالة، ويكون هذا بتأمين فرص عمل للشباب الإيراني في هذه المراكز، حسب قوله.
وحسب وكالة فارس، طاول التعاون قطاع البيئة حيث أكد رئيس قسم الشؤون الدولية في مؤسسة البيئة مجيد شفيع بور، إن الزيارة الأخيره لرئيسة مؤسسة حمايه البيئة الايرانية معصومة ابتكار، إلى ألمانيا جاءت في إطار تطوير التعاون بين البلدين في مجال البيئة، وتم توقيع مذكرة تفاهم مشتركة في هذا الصدد.
وفي شهر سبتمبر/أيلول الماضي عقد الملتقى الاقتصادي لغرفة تجارة طهران والوفد التجاري لولاية بافاريا الألمانية، وقد أعرب رئيس غرفة التجارة الإيرانية مسعود خونساري، حينها، أن حجم التبادل بين البلدين ارتفع خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2015، بمعدل 25٪، قائلاً، "إن طهران تريد وصول حجم التبادل إلى عشرة مليارات دولار في المستقبل".
وبحث الاجتماع ذاته مشكلة المصارف أيضا، وفي حينه تم الإعلان أن ثلاثة مصارف إيرانية، وهي خاورميانه وسينا وبارسيان، ستفتتح فروعا لها في بافاريا في المستقبل القريب، وقد تم بالفعل افتتاح فروع لكل من سينا وخاورميانه في ميونيخ.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وصل وفد ألماني ضم 130 شخصية إلى طهران ترأسته وزيرة الاقتصاد في بافاريا أليزا إيغنز، واتفق الطرفان على تعزيز عمل اللجنة الاقتصادية المشتركة، كما تم التأكيد على أن بافاريا سترفع معدل صادراتها لإيران بمقدار خمسة أضعاف ما عليه الآن.
وبوجود كل هذه الزيارات وغيرها وتكرار التأكيدات على نية تطوير العلاقات، تبقى ألمانيا شريكا اقتصاديا وتجاريا مهماً لإيران وستعمل على تصدير ما تمتلكه لها سواء في قطاع الطاقة البديلة أو التقنيات، وبالمقابل ستعرض طهران الاستثمار في كافة قطاعاتها التي تحتاج لترميم وتحسين بعد سنوات الحظر.
وحول مدى استفادة طهران من رفع العقوبات، ذكر صندوق النقد الدولي، أمس الأول، أن رفع الحظر الدولي الذي كان مفروضا على إيران أنعش اقتصادها بعد سنوات من التراجع. وقال خبراء الصندوق، بعد زيارة لإيران ولقاء مسؤولي المصرف المركزي والمؤسسات الحكومية الإيرانية، إن الأحوال الاقتصادية تتحسّن، والسلطات تقوم بإصلاحات لتعزيز النمو.
وحسب بيان صندوق النقد، فإن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي (لإيران) انتعش خلال النصف الأول من العام الحالي، مع تراجع حدة الحظر بعد تطبيق الاتفاق النووي.
وذكر خبراء الصندوق أن وتيرة إنتاج النفط والصادرات الإيرانية زادت بسرعة لتعود إلى مستوياتها قبل فرض العقوبات، وأن القطاعات غير النفطية عادت إلى النمو مجددا بقيادة القطاع الزراعي، وإنتاج السيارات، والتجارة وخدمات النقل.
ومن المتوقع نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لإيران بمعدل 5.4% سنوياً أو أكثر خلال العامين الحالي والمقبل، حسب بيان الصندوق.
اقــرأ أيضاً
ورغم ذلك، مازالت طهران تعاني من عدم قدرتها على تطبيق المشاريع المشتركة عملياً بسبب العراقيل المصرفية التي تعترضها، حيث تمتنع بعض المصارف الأوروبية الكبرى عن إعادة وصل العلاقات بسبب ضغوط أميركية، وفق تصريحات إيرانية رسمية.
وجاءت هذه النقطة على رأس عناوين زيارة وزير الاقتصاد الألماني زيغمار غابرييل، الذي اختتم زيارته إلى طهران، أمس، في زيارة رسمية استغرقت يومين، حيث انطلق الاجتماع التجاري المشترك الأول بين الطرفين بعد خمسة عشر عاما من عقد آخر اجتماع مماثل بينهما.
ويدرك غابرييل، أن تأخر حل مشكلات إيران المالية والمصرفية سينعكس سلباً على المشاريع المشتركة بين إيران وألمانيا أولا وبينها وبين دول الاتحاد الأوروبي ثانيا، ما جعل حل هذه الأزمة أولوية في الزيارة التي بحثت التعاون في قطاعات اقتصادية عدة وتوقيع عدد من اتفاقيات وعقود العمل المشترك.
وفي هذا الشأن، يرى الخبير في الشؤون الاقتصادية الإيرانية بهمن آرمان، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن العقبة الرئيسة التي تواجه اقتصاد إيران خلال فترة ما بعد إلغاء العقوبات عمليا، ترتبط بعدم قدرة البلاد على التعامل مع المصارف الأوروبية الكبرى التي ترفض المراهنة على حساب علاقاتها مع أميركا.
وأضاف آرمان، أن "المصارف المتوسطة والصغيرة الأوروبية استأنفت علاقاتها بالفعل مع البلاد، وتستطيع إنجاز تعاملات تعادل قيمتها 100 مليون دولار على أبعد تقدير"، قائلا، "إن المشاريع الإيرانية مع ألمانيا ومنها مشاريع في قطاع البتروكيماويات والمعادن، تعد من المشاريع الكبرى التي تتطلب مبادلات مالية بأرقام أعلى بكثير، ما يزيد التوتر والقلق الإيراني".
واعتبر هذا الخبير أن مقترح الوزير الألماني بحل الأزمة مع واشنطن يعني أن هذه الأخيرة أعطت الضوء الأخضر بالفعل لتسهيل التعاملات، ولاسيما أن طهران باتت تشتكي علناً وفي الاجتماعات الدولية من عدم تنفيذ التعهدات بموجب الاتفاق من قبل الطرف الأميركي، موضحاً أنه يجب الانتظار للمس النتائج عمليا، فكل هذه التصريحات مازالت تصب في خانة الوعود، حسب رأيه.
وأضاف آرمان، "أن ألمانيا شريك اقتصادي وتجاري رئيسي لإيران التي لن تستغني عن هذه العلاقات وستعمل لإعادتها إلى مسارها السابق، أي لفترة ما قبل تشديد الحظر عليها بسبب النووي، معربا أن البلدين يعملان على رفع مستوى التبادل ليصل إلى عشرة مليارات دولار مستقبلا".
وحسب محللين، لا تعد ألمانيا بلداً مستهلكاً، كما تدرك أهمية السوق الإيرانية التي تصدر لها التكنولوجيا والتقنيات والآلات بشكل رئيس، فغالبية المصانع الإيرانية تدور بآلات ألمانية، وفضلا عن هذا قررت طهران فتح قطاعاتها النفطية والغازية بشكل أكبر أمام هذا الشريك، وهو ما يجعل الوزير الألماني يحمل في جعبته أكثر من ملف.
ووقع الطرفان، عقب اجتماعهما، اتفاقية بين المصرفين المركزيين في كلا البلدين، كما وقع الجانبان خلال الزيارة التي استمرت يومين اتفاقيات أخرى، حسب نائب وزير الاقتصاد الإيراني محمد خزاعي، الذي ذكر أن حجم التبادل التجاري بين البلدين كان عاليا قبل فرض الحظر الاقتصادي، ورغم تأثره سلبا بعده، إلا أنه وصل بين عامي 2014 و2015 إلى 2.5 مليار دولار، معتبراً أن هذا كفيل بتطوير العلاقات لأبعد الحدود، حسب تعبيره.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية فارس عن خزاعي، قوله، "إن الخلاف في وجهات النظر بين البلدين حول قضايا سياسية دون أخرى لن يحول دون تطوير العلاقات"، داعيا للمزيد من جلسات الحوار لتطوير الروابط الاقتصادية والثقافية. كما طالب ضيفه الألماني بتأمين الأرضية المناسبة لتطوير العلاقات مع المصارف الإيرانية وهو ما سيحل العديد من الأمور، حسب تعبيره.
وعرض غابرييل خلال الزيارة أن تقدم برلين المزيد من التكنولوجيا لإيران، معربا عن اهتمام كافة الشركات الألمانية الكبرى منها وحتى الصغرى بالقطاعات الإيرانية، كما عرض تأسيس المزيد من الشركات الفنية والمهنية، ما قد يساعد البلاد على حل أبرز مشكلاتها وهي البطالة، ويكون هذا بتأمين فرص عمل للشباب الإيراني في هذه المراكز، حسب قوله.
وحسب وكالة فارس، طاول التعاون قطاع البيئة حيث أكد رئيس قسم الشؤون الدولية في مؤسسة البيئة مجيد شفيع بور، إن الزيارة الأخيره لرئيسة مؤسسة حمايه البيئة الايرانية معصومة ابتكار، إلى ألمانيا جاءت في إطار تطوير التعاون بين البلدين في مجال البيئة، وتم توقيع مذكرة تفاهم مشتركة في هذا الصدد.
وفي شهر سبتمبر/أيلول الماضي عقد الملتقى الاقتصادي لغرفة تجارة طهران والوفد التجاري لولاية بافاريا الألمانية، وقد أعرب رئيس غرفة التجارة الإيرانية مسعود خونساري، حينها، أن حجم التبادل بين البلدين ارتفع خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2015، بمعدل 25٪، قائلاً، "إن طهران تريد وصول حجم التبادل إلى عشرة مليارات دولار في المستقبل".
وبحث الاجتماع ذاته مشكلة المصارف أيضا، وفي حينه تم الإعلان أن ثلاثة مصارف إيرانية، وهي خاورميانه وسينا وبارسيان، ستفتتح فروعا لها في بافاريا في المستقبل القريب، وقد تم بالفعل افتتاح فروع لكل من سينا وخاورميانه في ميونيخ.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وصل وفد ألماني ضم 130 شخصية إلى طهران ترأسته وزيرة الاقتصاد في بافاريا أليزا إيغنز، واتفق الطرفان على تعزيز عمل اللجنة الاقتصادية المشتركة، كما تم التأكيد على أن بافاريا سترفع معدل صادراتها لإيران بمقدار خمسة أضعاف ما عليه الآن.
وبوجود كل هذه الزيارات وغيرها وتكرار التأكيدات على نية تطوير العلاقات، تبقى ألمانيا شريكا اقتصاديا وتجاريا مهماً لإيران وستعمل على تصدير ما تمتلكه لها سواء في قطاع الطاقة البديلة أو التقنيات، وبالمقابل ستعرض طهران الاستثمار في كافة قطاعاتها التي تحتاج لترميم وتحسين بعد سنوات الحظر.
وحول مدى استفادة طهران من رفع العقوبات، ذكر صندوق النقد الدولي، أمس الأول، أن رفع الحظر الدولي الذي كان مفروضا على إيران أنعش اقتصادها بعد سنوات من التراجع. وقال خبراء الصندوق، بعد زيارة لإيران ولقاء مسؤولي المصرف المركزي والمؤسسات الحكومية الإيرانية، إن الأحوال الاقتصادية تتحسّن، والسلطات تقوم بإصلاحات لتعزيز النمو.
وحسب بيان صندوق النقد، فإن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي (لإيران) انتعش خلال النصف الأول من العام الحالي، مع تراجع حدة الحظر بعد تطبيق الاتفاق النووي.
وذكر خبراء الصندوق أن وتيرة إنتاج النفط والصادرات الإيرانية زادت بسرعة لتعود إلى مستوياتها قبل فرض العقوبات، وأن القطاعات غير النفطية عادت إلى النمو مجددا بقيادة القطاع الزراعي، وإنتاج السيارات، والتجارة وخدمات النقل.
ومن المتوقع نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لإيران بمعدل 5.4% سنوياً أو أكثر خلال العامين الحالي والمقبل، حسب بيان الصندوق.