وأعلنت اليونان حداداً رسمياً لمدة ثلاثة أيام على أرواح ضحايا الحرائق التي طاولت عدة مناطق قرب العاصمة أثينا، ووصفتها وسائل الإعلام اليونانية بأنها "مأساة وطنية".
وقال رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس: "اليونان اليوم في حالة حداد"، معلناً في كلمة إلى الأمة عبر التلفزيون، الحداد الوطني ثلاثة أيام. وستنكس الأعلام حتى الجمعة. وألغت الرئاسة الاحتفالات التي كانت ستقام أمس الثلاثاء في ذكرى عودة الديمقراطية إلى اليونان في يوليو/تموز 1974. وخصصت وزارة المالية 20 مليون يورو "لتلبية الحاجات الملحة للبلديات والمواطنين المتضررين".
من جهتهم، يواصل رجال الإطفاء، اليوم، عمليات البحث عن الأشخاص العالقين في بيوت أو في سيارات متفحمة في محيط منتجعي ماتي ورافينا شرق أثينا، إثر الحريق الذي أججته رياح بلغت سرعتها 100 كلم في الساعة، أحرقت مئات المنازل وفر أصحابها مذعورين إلى الشاطئ القريب، حيث اضطر عدد كبير منهم إلى البقاء أكثر من ساعة في الماء لينجو بنفسه.
وصُدم اليونانيون لهول الأمر خصوصاً عند العثور في المنطقة نفسها على 26 جثة متفحمة بعضها "لأطفال صغار"، وكانت الجثث ترقد بجوار بعضها في مجموعات تضم كل واحدة منها ثلاثة أو أربعة أشخاص.
وقال فاسيليس أندريوبوليس وهو أحد عناصر الإنقاذ، "عثر عليهم متلاصقين مجموعات، في محاولة أخيرة لحماية أنفسهم".
وقالت ألينا مارزين (20 عاماً) السائحة من فوبرتال بألمانيا، التي كانت في فندق كابو فردي في ماتي مساء الإثنين مع والديها وشقيقها: "رأيت ألسنة اللهب أمام نافذة الفندق، وظننت أنه سينفجر". وقد أُجليوا بعد ساعات ونُقلوا إلى مرفأ رافينا على متن طوافات لشرطة المرافئ.
وذكرت المتحدثة باسم الجهاز ستافرولا ماليري، أن عناصر الإطفاء تلقوا "عشرات الاتصالات" من أشخاص يبحثون عن ذويهم. وبدأ مئات المهندسين من وزارة النقل ومن المنطقة بتدوين الأضرار.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال المستشار البلدي في رافينا، ميرون تساغاراكيس "أخشى وجود ضحايا آخرين ومفقودين، ولاسيما من المسنين".
وأمضى الناجون ساعات قلق وسط غيمة من الرماد على اليابسة أو في الماء، في انتظار وصول أجهزة الإنقاذ. وغرق ستة على الأقل. ونقل حوالي 715 شخصاً على متن سفن عسكرية أو خاصة إلى مرفأ رافينا.
وأعلن المتحدث باسم الحكومة عن إعفاءات من الضريبة العقارية لعام 2018 للمواطنين والعائلات المتضررة، وعن تعويضات أيضاً.
وكانت ماتي، المدينة المكسوة بأشجار الصنوبر، الأكثر تضرراً بسبب "تقدم صاعق للنار" في أرجائها، كما قالت ماليري. وقال رئيس بلدية رافينا إيفانغيلوس بورنوس "ماتي لم تعد موجودة"، مشيراً إلى أضرار لحقت "بأكثر من ألف مبنى و300 سيارة".
من جهتهم، ذكر رجال الإطفاء أن "النار كانت تتقدم مساء الثلاثاء في قطاع فالي (..)وسط منازل متفرقة". لكن بؤرة أخرى قد نشطت مجدداً على مستوى كينيتا غرب أتيك، حيث وقعت أضرار الإثنين، لكن لم يتم تسجيل ضحايا.
وقالت مسؤولة عن رجال الإطفاء إن ثلاث قرى جديدة في كينيتا "قد أخليت على سبيل الاحتياط".
وحصلت البلاد التي فعّلت الآلية الأوروبية للحماية المدنية، على المساعدة وخصوصاً الوسائل الجوية، من إسبانيا وفرنسا وبلغاريا وتركيا وإيطاليا ومقدونيا والبرتغال..، فيما تدفقت برقيات التعزية من الخارج.
وكتب رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر في تغريدة، إنّ "المفوضية لن تدخر جهودها لمساعدة اليونان". وأعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برقية إلى تسيبراس أن "الآلام التي يشعر بها المنكوبون تؤثر بنا جميعاً". وأعرب البابا فرنسيس عن "حزنه العميق" جراء ما وقع.
صعوبات في السيطرة على الحرائق (رويترز) |
وأعلنت الحكومة أنها ستتكفل بمراسم الدفن والجنازات، وعن تدابير ضريبية لمصلحة المنكوبين. وفتحت النيابة تحقيقاً حول أسباب الحرائق.
وقبل أن يثور جدل حول رد فعل أجهزة الدولة، أشارت الحكومة إلى أنها اضطرت إلى مواجهة ظاهرة "قصوى" و"غير مألوفة" في إشارة إلى اندلاع 15 حريقاً في وقت واحد على ثلاث جبهات مختلفة في أتيك، مضيفة أن الولايات المتحدة قدمت طائرة بلا طيار للتحليق فوق المنطقة "ومراقبة أي نشاط مشبوه والإبلاغ عنه".
وتقع ماتي على بعد 29 كيلومتراً شرقي العاصمة أثينا وتعد مقصداً لليونانيين الذين يقضون العطلات.