مشاعر الخوف تسيطر على المهجرين قسراً من ريف حمص

07 مايو 2018
أزيلت السواتر الترابية التي كانت حواجز لقوات النظام (الأناضول)
+ الخط -


مع سريان الاتفاق الأخير بين طرفي المعارضة السورية المسلحة والنظام، بوجود الضامن الروسي لتهجير ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، بدأ النظام بتجهيز الطريق الواصل بين مناطق ريف حمص الشمالي وحماة الجنوبي، وبين مدينة حماة وصولاً لجرابلس بريف حلب، تمهيداً لخروج الدفعة الأولى.

وأُزيلت جميع السواتر الترابية التي كانت حواجز لقوات النظام على الطريق الواصل بين حماة وحمص لقطع الطريق، كذلك تم تجهيز غرف مسبقة الصنع من أجل إقامة الشرطة الروسية على نقاط معينة سيقوم الروس بالإشراف عليها، بالإضافة للشرطة المدنية من وزارة الداخلية في حكومة النظام، كما ينص الاتفاق.

كذلك تم تجهيز عناصر فرعي الأمن العسكري والجوي على أطراف الطريق منذ عصر أول أمس السبت، وسط استنفار كبير لقوات النظام من أجل عملية نقل المعارضة المسلحة وعوائلهم من مدينة الرستن، والذين يعتبرهم النظام "عصابات إرهابية مسلحة"، بعد تجهيز حوالي 113 باصاً يقودها عناصر فرع المخابرات الجوية.

ووسط جميع تلك التجهيزات، بدأت ساعة الصفر لدى أهالي تلك المناطق المحاصرة منذ سنوات بالاقتراب، حاملة معها مشاعر الخوف المختلطة بمشاعر الحزن والأسى على ما سيضيع منهم.

يقول أبو محمد وهو رجل خمسيني من مدينة الرستن بريف حمص الشمالي لـ"العربي الجديد" إنهم اختاروا اليوم أحد ثلاثة خيارات، تنحصر بين المصالحة والتهجير والحرب، كلٌّ منها يتحدث عن قصة مأساوية سيشهدونها اليوم، لا يعلمون مستقبلها المجهول.

ويتحدث أبو محمد عن مخاوف كبير للأهالي من المسجلين على الخروج، والمقدر عددهم بحوالي خمسة آلاف مدني بمئة حافلة، حيث أنهم يتخوفون من أي غدر قد يقوم به النظام كعادته في تعامله معهم، وبطرق تأمينهم خارج بلداتهم، خاصة بأن لهذه المناطق خاصية تختلف عن مثيلاتها من المدن والبلدات السورية، والتي كلفت النظام المئات من عناصره وبخاصة المناطق الموالية المحيطة بالرستن، فمئات الأهالي تتخوف من ردود الفعل التي سيقوم بها أهالي المناطق الموالية والموالين للنظام إثر خروج المدنيين من الرستن وتلبيسة من مناطقهم.

كما قال إنهم يتخوفون من ردود فعل من المعارضة المسلحة ذاتها، والتي رفضت بنود الاتفاق وخروج الأهالي وتسليم المناطق، كالفصيل المنشأ حديثاً والذي رفض الاتفاق والتسليم، حيث تكثر الإشاعات والمخاوف في الشوارع هناك عن ردود فعل عسكرية قد تقام لمنع اكتمال الاتفاق وعمليات الخروج الآمنة للمدنيين، والتي قد يكون المدنيون ثمناً لتلك الردود من أحد الطرفين.

من جهتها، تبدي أم كريم، المرأة الأربعينية من الرستن، خوفها من خروجها اليوم، وعما ينتظرها في سفرها الذي ربما يكون أبدياً من بلادها، حيث تجهل مصيرها المظلم والذي سيكون مآله إلى خيم ومخيمات لربما كانت عيشتها المحاصرة طيلة تلك السنوات أفضل منها، وتجهل مصير أبنائها من المعارضة المسلحة الذين رفضوا خروجهم بانتظار خروجهم مع الدفعات الأخيرة من الرستن لتأمين خروج المدنيين أولاً، فهي لا تدري ما سيحصل في الأيام القادمة وما إن كان الاتفاق سيتم استكماله كما يجب، أم سيتوقف كما حصل في الغوطة الشرقية ودوما أثناء تنفيذ الاتفاق.



وتقول أم كريم إنها لا تثق بالوساطات والضمانات الروسية الزائفة، حسب قولها "كيف أثق بمن كان يقصفنا بطائراته ومدفعياته ليل نهار من أجل أن يتخلص منّا، فهل سيعمل على حمايتنا اليوم، أم كما يقال "حاميها قاتلها"، وأشارت إلى أنها تتوجس خيفة وجميع عائلات الرستن من الإهانة والضرب والمعاملات الفظة التي سيعاملون بها إثر خروجهم من بلداتهم، ومما قد يتعرضون له على طريق سفرهم من المناطق الموالية، من الضرب بالحجارة وكسر لزجاج الباصات على رؤوس الأهالي المتواجدين فيها.

وأضافت بأن ليلة سوداء تنتظرهم اليوم سيعيشونها بين الخوف والحزن، والفرح بخروجهم من الحصار والخلاص من القصف والموت والجوع والعطش، لكنهم رغم ذلك يعتريهم الحزن على فراق بيوتهم وسكنهم دون عودة، رغماً عنهم.