صباح كل يوم، يتوجه الشاب أحمد المرابطي إلى عمله في أحد مقاهي العاصمة. يبتسم كثيراً، وقد اعتاد عليه رواد المقهى الذي بدأ العمل فيه قبل خمس سنوات. لا يضيّع وقته. يُتابع الأخبار اليومية باهتمام ويقرأ الصحف. قلة يعرفون فقط أنه تخرج من كلية الحقوق ولم يجد عملاً في مجال تخصصه.
يقول أحمد، الذي تخرّج عام 2007، إنه حاول أكثر من مرة الحصول على عمل من دون أن يجد فرصته، ما دفعه إلى البحث عن فرص أخرى، إلى أن صار يعمل نادلاً في مقهى. يعد واحداً من بين أكثر من 200 ألف من خريجي التعليم العالي العاطلين من العمل في تونس، ولم يحصل على وظيفة في مجال تخصصه.
وأظهرت بيانات المعهد الوطني للإحصاء أن عدد العاطلين من العمل في تونس بلغ حوالي 704 آلاف خلال شهر مايو/أيار عام 2014، بالمقارنة مع 491 ألفا في مايو/أيار عام 2010 . تضيف أن عدد العاطلين من عمل من حاملي الشهادات العليا سجل خلال الفترة المذكورة ارتفاعاً بنسبة 6.3 في المائة، وبلغ حوالي 217 ألفاً في مايو/أيار عام 2014، بالمقارنة مع 157 ألفاً في مايو/أيار عام 2010. ويشير إلى أن نسب البطالة في تونس تختلف من منطقة إلى أخرى، وبلغت 28.6 في المائة في منطقة الوسط الغربي، و26.9 في المائة في الجنوب الغربي، و24.8 في المائة في الجنوب الشرقي.
داخل محلها الصغير، رتبت نسرين بن صالح أدواتها البسيطة بمساعدة شقيقتها. اختارتا العمل في الخياطة والتطريز، علماً أن بن صالح تخرجت من كلية الآداب عام 2004. وبعدما فقدت الأمل في العثور على عمل، اختارت مجال الخياطة. تقول إنها "سعيدة بعملها الذي يوفّر لها حاجياتها المادية. حتى أنها باتت تعدل عن فكرة المشاركة مرة أخرى في المناظرات للالتحاق بالوظيفة العامة".
يتخرج من الجامعات التونسية حوالي 60 ألف طالب جديد سنوياً، قلة منهم فقط يوفقون في إيجاد عمل في مجال تخصصهم. وأمام عجز القطاع الخاص عن توفير فرص عمل لحاملي شهادات التعليم العالي، صار القطاع العام الملجأ الأخير للخريجين في تونس، بحسب تقرير أصدره البنك الدولي. وفي ظل ارتفاع نسب البطالة، اختار عدد من الشباب إطلاق مشاريعهم الصغيرة.
مراد حافظي (33 عاماً)، لم يوفق في الحصول على عمل، حاله حال كثيرين. يحمل إجازة في الإعلام، لكنه يئس من احتمال العثور على عمل، فبدأ مساعدة والده في النجارة، علماً أنه اعتاد مرافقته خلال العطلة الصيفية منذ كان في الـ 15 من عمره. بدوره، اختار كريم (28 عاماً) العمل في محلّ لصنع الزخارف الفسيفسائية، علماً أنه تخرج من كلية الفنون الجميلة. يقول إنه سعيد بعمله الذي لا يعد بعيداً عن مجال دراسته، ويوفر له مورد رزق جيداً. وقد بدأ العمل فيه بعد مضي ثلاث سنوات على تخرجه، بعدما فقد الأمل في الحصول على وظيفة.
من جهتها، تشير وزارة التشغيل إلى أن خريجي التكوين المهني الذين يتعلمون الحرف والصناعة باتوا أكثر حظاً من خريجي التعليم العالي في الحصول على عمل. ويرى البعض أن تدهور الحالة الاقتصادية في البلاد أثر سلباً على عملية التوظيف في المؤسسات العامة. فيما يقول آخرون إن ضعف مستوى خريجي التعليم العالي عرقل عملية التحاقهم بالوظائف في القطاع الخاص، التي تشترط الأقدمية والكفاءة والخبرة.
في السياق، يوضح الباحث الاجتماعي طارق بلحاج محمد لـ "العربي الجديد" أن الجامعة التونسية "تخرج أصحاب شهادات وليس أصحاب كفاءات نتيجة الخلل في المنظومة التعليمية التونسية بمختلف مراحلها من المدرسة وحتى الجامعة". يضيف أن هذه المنظومة تلقن الطالب علوماً لا تنفعه في سوق العمل، وتكون النتيجة ضعف مستواهم وعدم إتقانهم اللغات. ويشير إلى ضرورة ربط منظومة التعليم والتكوين بسوق العمل، والاقتداء بتجارب الدول الرائدة في هذا المجال.
ويرى محمد أن بعض الشباب من خريجي التعليم العالي تحدوا البطالة ووجدوا الحل في امتهان حرف أخرى توارثوها عن الآباء، أو تعلموها. يضيف أنه في ظل ارتفاع نسبة البطالة لدى خريجي التعليم العالي، اختار البعض الانتحار، الأمر الذي "فاجأنا كباحثين". يتابع أن الانتحار أصبح ظاهرة مرتبطة بشريحة شبابية جديدة ذات مستوى تعليمي عال، علماً أن سجلها يكاد يكون خالياً من الاضطرابات النفسية والسلوكية. ويلفت إلى أن القهر يعد الدافع والمحرك الرئيسي للانتحار، في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة.
إقرأ أيضاً: ضريبة على الزواج في تونس
يقول أحمد، الذي تخرّج عام 2007، إنه حاول أكثر من مرة الحصول على عمل من دون أن يجد فرصته، ما دفعه إلى البحث عن فرص أخرى، إلى أن صار يعمل نادلاً في مقهى. يعد واحداً من بين أكثر من 200 ألف من خريجي التعليم العالي العاطلين من العمل في تونس، ولم يحصل على وظيفة في مجال تخصصه.
وأظهرت بيانات المعهد الوطني للإحصاء أن عدد العاطلين من العمل في تونس بلغ حوالي 704 آلاف خلال شهر مايو/أيار عام 2014، بالمقارنة مع 491 ألفا في مايو/أيار عام 2010 . تضيف أن عدد العاطلين من عمل من حاملي الشهادات العليا سجل خلال الفترة المذكورة ارتفاعاً بنسبة 6.3 في المائة، وبلغ حوالي 217 ألفاً في مايو/أيار عام 2014، بالمقارنة مع 157 ألفاً في مايو/أيار عام 2010. ويشير إلى أن نسب البطالة في تونس تختلف من منطقة إلى أخرى، وبلغت 28.6 في المائة في منطقة الوسط الغربي، و26.9 في المائة في الجنوب الغربي، و24.8 في المائة في الجنوب الشرقي.
داخل محلها الصغير، رتبت نسرين بن صالح أدواتها البسيطة بمساعدة شقيقتها. اختارتا العمل في الخياطة والتطريز، علماً أن بن صالح تخرجت من كلية الآداب عام 2004. وبعدما فقدت الأمل في العثور على عمل، اختارت مجال الخياطة. تقول إنها "سعيدة بعملها الذي يوفّر لها حاجياتها المادية. حتى أنها باتت تعدل عن فكرة المشاركة مرة أخرى في المناظرات للالتحاق بالوظيفة العامة".
يتخرج من الجامعات التونسية حوالي 60 ألف طالب جديد سنوياً، قلة منهم فقط يوفقون في إيجاد عمل في مجال تخصصهم. وأمام عجز القطاع الخاص عن توفير فرص عمل لحاملي شهادات التعليم العالي، صار القطاع العام الملجأ الأخير للخريجين في تونس، بحسب تقرير أصدره البنك الدولي. وفي ظل ارتفاع نسب البطالة، اختار عدد من الشباب إطلاق مشاريعهم الصغيرة.
مراد حافظي (33 عاماً)، لم يوفق في الحصول على عمل، حاله حال كثيرين. يحمل إجازة في الإعلام، لكنه يئس من احتمال العثور على عمل، فبدأ مساعدة والده في النجارة، علماً أنه اعتاد مرافقته خلال العطلة الصيفية منذ كان في الـ 15 من عمره. بدوره، اختار كريم (28 عاماً) العمل في محلّ لصنع الزخارف الفسيفسائية، علماً أنه تخرج من كلية الفنون الجميلة. يقول إنه سعيد بعمله الذي لا يعد بعيداً عن مجال دراسته، ويوفر له مورد رزق جيداً. وقد بدأ العمل فيه بعد مضي ثلاث سنوات على تخرجه، بعدما فقد الأمل في الحصول على وظيفة.
من جهتها، تشير وزارة التشغيل إلى أن خريجي التكوين المهني الذين يتعلمون الحرف والصناعة باتوا أكثر حظاً من خريجي التعليم العالي في الحصول على عمل. ويرى البعض أن تدهور الحالة الاقتصادية في البلاد أثر سلباً على عملية التوظيف في المؤسسات العامة. فيما يقول آخرون إن ضعف مستوى خريجي التعليم العالي عرقل عملية التحاقهم بالوظائف في القطاع الخاص، التي تشترط الأقدمية والكفاءة والخبرة.
في السياق، يوضح الباحث الاجتماعي طارق بلحاج محمد لـ "العربي الجديد" أن الجامعة التونسية "تخرج أصحاب شهادات وليس أصحاب كفاءات نتيجة الخلل في المنظومة التعليمية التونسية بمختلف مراحلها من المدرسة وحتى الجامعة". يضيف أن هذه المنظومة تلقن الطالب علوماً لا تنفعه في سوق العمل، وتكون النتيجة ضعف مستواهم وعدم إتقانهم اللغات. ويشير إلى ضرورة ربط منظومة التعليم والتكوين بسوق العمل، والاقتداء بتجارب الدول الرائدة في هذا المجال.
ويرى محمد أن بعض الشباب من خريجي التعليم العالي تحدوا البطالة ووجدوا الحل في امتهان حرف أخرى توارثوها عن الآباء، أو تعلموها. يضيف أنه في ظل ارتفاع نسبة البطالة لدى خريجي التعليم العالي، اختار البعض الانتحار، الأمر الذي "فاجأنا كباحثين". يتابع أن الانتحار أصبح ظاهرة مرتبطة بشريحة شبابية جديدة ذات مستوى تعليمي عال، علماً أن سجلها يكاد يكون خالياً من الاضطرابات النفسية والسلوكية. ويلفت إلى أن القهر يعد الدافع والمحرك الرئيسي للانتحار، في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة.
إقرأ أيضاً: ضريبة على الزواج في تونس