أثبتت مشاريع التسوية والحلول السياسية فشلها في العراق، وكشفت عن خلافات خطيرة، ليس بين الفرقاء السياسيين فحسب؛ بل حتى داخل التحالفات نفسها، الأمر الذي عكس عمق الخلافات في البلاد ووصولها إلى طريق مسدود، ما جعل الفشل نتيجة متوقّعة لأي حل سياسي، بينما تحاول جهات سياسية أخرى، إحياء مشروع المصالحة الوطنية الذي لم يحقق شيئًا.
وقال نائب قريب من التحالف الوطني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "زعيم التحالف الوطني، عمّار الحكيم، أيقن أخيرًا بفشل مشروعه الذي طرحه تحت مسمى التسوية السياسية، بعد أن كشف عن خلافات كثيرة مع كافة الكتل السياسية، وحتى داخل كتل التحالف الوطني".
وأوضح أنّ "الفرقاء السياسيين (تحالف القوى العراقية والتحالف الكردستاني) لم يوافقا على المشروع، وطرحوا تعديلات عليه جوهرية، أفرغته من محتواه، الأمر الذي لم يقبل به الحكيم، والذي اعترف صراحة بفشل المشروع وجمّده في الوقت الحالي".
وكان الحكيم قد طرح مشروع تسوية سياسية لحل أزمات البلاد، لكنه ووجه برفض من الكتل السياسية، وحتى من الكتل المنضوية داخل تحالفه، الأمر الذي عكس تعقيدا كبيرا في المشهد السياسي في البلاد، وعمق الخلافات المتجذّرة والتي لا يمكن تجاوزها بسهولة.
من جهته، دعا النائب عن التحالف الوطني هشام السهيل "للعودة إلى مشروع المصالحة الوطنية".
وقال السهيل، وهو عضو لجنة المصالحة في البرلمان، في تصريح صحافي، إنّ "تسمية مشروع المصالحة الوطنية أصبحت تسمية كريهة للشارع العراقي، ولكن هذا شيء مفروض علينا ولا يمكن تركه"، مؤكدًا على وجوب "الاستمرار بمشروع المصالحة، سواء أكان اسمها مصالحة أم تسوية أم أي مسمّى آخر، لأنّ المسميات غير مهمة؛ بقدر أهميّة التوصل إلى حلول سياسية تنزع فتيل الخلافات والأزمات".
ودعا إلى "البدء بالعمل من الآن للمصالحة أو التسوية والمصالحة المجتمعية الضرورية للبلاد"، مشدداً على "أهمية جلوس السياسيين إلى طاولة مستديرة، والاتفاق على الأسس الرئيسية لا يمكن تجاوزها من أي جهة سياسية".
وأضاف "نحن اليوم أحوج ما يمكن إلى المصالحة الوطنية، إلى أن نجلس مرة أخرى ونتفق على القضايا الخلافية في البلاد، للمضي بالبلد نحو برّ الأمان"، مؤكدًا أنه "لا يمكن للبلاد أن تسير إلى الأمام مع وجود هذه الخلافات العميقة".
بدوره، رأى عضو "التيّار المدني" العراقي، علي المسعودي، أنّ "المطالبة بالعودة الى مشروع المصالحة الوطنية هي محاولة لإحياء ميت، والبلاد لا تحتاج لهذه المشاريع الفاشلة التي كشفت عمق الخلافات والتقاطعات السياسية بين الكتل".
وقال المسعودي، لـ"العربي الجديد"، "إنّ مشاريع التسوية والمصالحة وغيرها من الطروحات، أكدت للجميع أنّ الأزمة في البلاد هي أزمة بين الكتل السياسية وصراع على المنافع الخاصة، وأنّ الشعب هو الضحية".
وأشار الى أنّ "الحلّ الوحيد للبلاد هو التغيير، واستبدال كل هذه الوجوه المتصارعة والمتنازعة على المنافع الشخصية"، مؤكدًا أن "الشعب لا يحتاج لمشاريعهم التي ترصد لها ملايين الدولارات، والتي لا تخرج منها أي نتائج إيجابية".
يشار إلى أنّ مشروع المصالحة الوطنية تبنّته الحكومة السابقة برئاسة نوري المالكي، وعيّنت له وزيرًا خاصًّا، ورصدت له موازنة كبيرة، دون نتائج تذكر في المحصّلة، كما فشلت حكومة العبادي بإنجاح المشروع، وفشلت معه كل المشاريع الأخرى التي عكست الخلاف داخل الكتل السياسية.