خرجت مسيرات ليلية عدة في تونس، في خرق واضح لحظر التجول المفروض في البلاد بعد انتشار فيروس كورونا الجديد. وخرج بعض المتظاهرين مساء الأربعاء، في مدن الكرم وجبل الجلود، ورادس ( ضواحي تونس العاصمة) وهي مسيرات أثارت ريبة أغلب المتابعين للوضع العام في تونس إذ يرى البعض أنّ توقيتها وتزامنها غير بريئين، وربما تهدف إلى إرباك الوضع الأمني، في حين يرى البعض الآخر أنّها قد تكون عفوية في ظل انتشار الفيروس، خصوصاً أنّ كثيرين رددوا فيها نداء "الله أكبر".
يؤكد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، خالد الحيوني لـ"العربي الجديد" أنّ أغلب الوحدات الأمنية سرعان ما تفطنت عن طريق أعوانها المتواجدين هناك لهذه التحركات الليلية والتي ضمت نساء ورجالاً من مختلف الأعمار، وبالتالي كانت الوحدات حاضرة بمجرد انطلاقها.
وكشف أنّ المحتجين يقولون إنّها جاءت للتضرع لله ولرفع البلاء، لكنّ الوحدات الأمنية طلبت منهم العودة إلى منازلهم، وسرعان ما امتثلوا للأوامر وبالتالي جرى تطويق المسألة سريعاً.
Facebook Post |
يتابع أنّ الوضع يستوجب الحذر، ولهذا يتم تطبيق مقتضيات القانون بكلّ جدية، وهدف وزارة الداخلية حماية مصلحة المواطن التونسي في مجابهة فيروس كورونا الجديد، وذلك بتطبيق القانون بالتنسيق مع النيابة العامة.
من جهته، يقول النائب عن حركة الشعب، عبد الرزاق عويدات، إنّه لا مجال لخرق القانون خصوصاً حظر التجول مهما كانت الدوافع، فالخروج ليلاً لا مبرر له مهما كانت الأسباب، وهي ممارسات خاطئة فحتى وإن كانت الدوافع سليمة أو دينية للتضرع لله فالتظاهر يعرض أصحابه للتهلكة.
يضيف أنّ ما يحصل غير عقلاني، بل صبياني، ولا بد من توعية هؤلاء المتظاهرين، فإغلاق المساجد جاء للضرورة ولحماية الناس. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ خرق الحظر مخالف للقانون، ودور الأمن والجيش منعه، ولا يمثل ذلك اعتداء على الحريات لأنّها تندرج ضمن الإجراءات الاستثنائية التي يقرها الدستور، وبالتالي على الناس التزام البقاء في بيوتهم.
Facebook Post |
ويشير الخبير الأمني، علي زرمدين بحديث لـ"العربي الجديد" إلى أنّ هذه المسيرات غير بريئة وقد تكون محاولة لجس النبض وتندرج في إطار ما يخطط له بعض الأطراف لإرباك الأنظمة القائمة. ويشير إلى أنّ على الدولة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لأنّ هناك مخاوف من أن تكون وراء هذه التحركات الجماعات الإرهابية مثل تنظيمي "القاعدة" و"داعش".
يضيف أنّ هذا العمل مقصود والغاية منه استنزاف قوات الأمن، وإرباكها وربما الدخول في مواجهات لاحقاً، فعادة بعد مرحلة جس النبض يجري الانتقال إلى خطوات تصعيدية وتكون على ضوء ما يرصد من ردّ فعل، مبيناً أنّ هناك أطرافاً قد تدخل على الخط ليس من مصلحتها استمرار حظر التجول كالمضاربين والمهربين، وبالتالي فهي تسعى لإرباك المشهد العام وإظهار أنّ الدولة غير قادرة على بسط الأمن، لتتمكن من التنقل لاحقاً.
يضيف أنّ الدولة وبقوة القانون التي تمتلكها يجب أن يكون لديها موقف صارم في مثل هذا الوضع، فالبلاد في حالة طوارئ وهذه الحالة تمكّن السلطة من اتخاذ إجراءات استثنائية.
من جهة أخرى، ترى أستاذة علم الاجتماع، درة محفوظ، أنّ هناك تفسيرين لما يحصل ليلاً من تحركات رغم محدوديتها، وهي إما محاولة من قبل البعض لاستغلال الوضع سواء كانت جهات سياسية أو حتى بعض المهربين الذين قد يدفعون إلى هذه التحركات لأنّ الوضع الاستثنائي قد ضيّق عليهم نشاطهم. وقد تكون أيضاً عفوية ففي الأزمات يجري البحث عن قوة إلهية لنجدة الناس من البلاء.
وتفسر محفوظ أنّه في حال كانت الدوافع سياسية فالتحركات غير بريئة ومخطط لها، فالبعض يتحدى القانون ولا يعترف بالسلطة ولا بالتجربة الديمقراطية وبالتالي قد تكون هناك جهات تحرك هذه الأطراف، ولذلك تزامنت التحركات مع حظر التجول ليلاً، وإن كانت عفوية فهي تعبر عن حالة من الهلع التي يتخبط فيها البعض، ففي الأزمات قد تحصل حالات هلع جماعية. وتشير إلى أنّه في الحالتين، فإنّ هذه الاحتجاجات خطر على المحتجين وعلى بقية الناس وتوقيتها خطأ ولا بدّ من تطبيق القانون إذ فيها تحدٍّ للدولة ولقرار حظر التجول.