وأكد المتظاهرون على التمسك بالمطالب الديمقراطية للحراك الشعبي، مطالبين بالإفراج عن الناشطين الموقوفين في السجون.
وتصدرت شعارات الاعتراض على انتخابات 12/12 مسيرات الثلاثاء في الجزائر، وتصاعدت الدعوات لتنفيذ إضرابات عمالية وطلابية قبل الانتخابات لإحباط تنظيمها.
واحتشد الطلبة في ساحة الشهداء قبل أن تنطلق المسيرة الطلابية إلى ساحة البريد المركزي والجامعة المركزية، مرورا بشارع العربي بن مهيدي والساحة التي تضم تمثال الأمير عبد القادر، ورددوا هتافات "ماكانش الفوط" ( لا توجد انتخابات، ننفذ إضرابا)، في إشارة إلى دعوات للإضراب عن التصويت ومقاطعة مكاتب الاقتراع، كما رُفعت لافتات كتب عليها "دوز دوز (12-12) لا يجوز"، ولافتات أخرى كتب عليها "لا انتخابات مع نظام العصابات".
وهتف المشاركون في المسيرات "دولة مدنية وليس عسكرية" و"الشعب لا يريد الجنرالات من جديد" و"لا نريد لا نريد، حكم العسكر من جديد"، ورفعت في المظاهرات أيضا لافتات كتب عليها "بوعزة واسيني يريد أن يكون السيسي"، في إشارة إلى رئيس جهاز الأمن الداخلي، واسيني بو عزة.
كما رُفعت صور المرشحين الخمسة، علي بن فليس وعبد المجيد تبون وعبد القادر بن قرينة وعبد العزيز بلعيد وعز الدين ميهوبي، وعليها شارات حمراء، في إشارة لرفضهم وبوصفهم من رموز نظام بوتفليقة.
وجدد المتظاهرون تمسكهم بالنضال السلمي، وبالذهاب إلى مسار ديمقراطي حقيقي يمهد لدولة مدنية وديمقراطية حقيقية، ويستبعد الجيش من التأثير في رسم الخيارات السياسية وفرضها على الجزائريين.
وانتقد المتظاهرون وسائل الإعلام الحكومية والمستقلة، بسبب مقاطعتها لتغطية مسيرات الحراك الشعبي يومي الجمعة والثلاثاء، في مقابل تغطيتها الواسعة لمظاهرات السبت الماضي المؤيدة للانتخابات وللجيش.
وكُتب على إحدى اللافتات "سلطة رابعة أم زوجة رابعة"، في إشارة إلى الهيمنة الكاملة للسلطة على الصحافة والقنوات، بما فيها المستقلة التي تواجه ضغوطا كبيرة وإكراهات لمنعها من تغطية الحراك الشعبي.
وقال الناشط الطلابي ربيع بشني إن "وسائل الإعلام في الجزائر متواطئة وتشارك في مسرحية ضد المهنة أولا، وضد الشعب ثانيا وضد التاريخ ثالثا، وسيكتب التاريخ ذلك، وسيؤرخ أن الصحافة لم تتخذ موقفاً وطنياً، برغم أننا نعرف أن هناك صحافيين أحرارا ولديهم مواقف مشرفة".
وقالت الطالبة نجاة بلخروبي إن انتخابات ديسمبر مسرحية سياسية جربها الجزائريون كثيرا، موضحة لـ "العربي الجديد" أنه "ليس هناك اعتراض على المرشحين الخمسة فقط" مشيرة إلى أن جميعهم من رموز نظام بوتفليقة ويمثلون دورا سياسيا في "مسرحية انتخابية ستمكن النظام من إعادة نفسه وإحباط ومنع الجزائريين من الذهاب إلى ديمقراطية تشاركية".
وفي مدينة تيزي وزو، خرج الطلبة في مظاهرة كبيرة رفضا للانتخابات الرئاسية، وانضم إليهم آلاف الناشطين والمواطنين. ووصف المتظاهرون انتخابات 12 ديسمبر/كانون الأول بالمسرحية السياسية، وتزامن ذلك مع مظاهرة حاشدة لطلبة جامعة بجاية شرقي الجزائر.
ودعا المشاركون الشعب الجزائري الى مقاطعة الانتخابات، والدعوة إلى إقرار مسار انتقالي ديمقراطي يؤسس لدولة مدنية لا يكون فيها الجيش المهيمن على الخيارات والقرارات.
من جهة أخرى، نشرت السلطات الجزائرية أعدادا كبيرة من قوات الأمن والشرطة في أهم ساحات المظاهرات، كما أُغلق الطريق المؤدي إلى محكمة "سيدي محمد" وسط العاصمة، لمنع وصول الطلبة إليها، حيث تُصدر هذه المحكمة أغلب قرارات إدانة الطلبة وناشطي الحراك الشعبي.
قائد الجيش: بصدد العبور إلى الانفراج
أكد قائد الجيش الجزائري الفريق أحمد ڨايد صالح، الثلاثاء، أن "الجزائر بصدد العبور الآمن من الأزمة الراهنة إلى حالة انفراج"، ووصف مظاهرات السبت الماضي الرافضة للتدخل الأجنبي، والداعمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والجيش، بأنها "رد صارم من الجزائريين على كل محاولات التدخل الأجنبي".
وقال قايد صالح في خطاب جديد خلال زيارته إلى الناحية العسكرية الثانية بوهران، غربي الجزائر، إن "رد الشعب الجزائري كان قويا في التعبير عن رفضه، وبشكل قطعي، محاولة البرلمان الأوروبي التدخل في شؤونه الداخلية"، معتبرا أن "ما تشهده البلاد في الفترة الأخيرة من هبة شعبية قوية ومسيرات سلمية تعكس قوة الإرادة الشعبية لتخطي هذه المرحلة الحساسة التي تشهدها الجزائر، وتبشر باقتراب انفراج الوضع والمرور بالجزائر إلى بر الأمان".
وشهدت الجزائر السبت الماضي مظاهرات في العاصمة وعدة مدن جزائرية، نظمتها جمعيات ومنظمات موالية للسلطة، رفضا للائحة أصدرها البرلمان الأوروبي الخميس الماضي ضد السلطة في الجزائر، اعتبرت تدخلا في شؤون البلاد الداخلية.
وتضمنت تلك اللائحة إدانة شديدة الاعتقالات التعسفية والملاحقات ضد الصحافيين والنقابيين والمحامين والطلاب والمدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني وجميع المتظاهرين السلميين، ودعت السلطة إلى "إقامة حوار سياسي لإيجاد حل سلمي للأزمة، ويؤسس لانتقال ديمقراطي سلس في البلاد، وتحرير العدالة واحترام الاقليات الدينية".
واعتبر قائد الجيش أن انتخابات 12 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، و"تصميم الشعب الجزائري وإصراره، عبر كامل ربوع الوطن على المشاركة بقوة في الاستحقاق الرئاسي المقبل يوم 12 ديسمبر 2019، والتفافه حول جيشه، هي الممر الوحيد إلى انفراج الأزمة".
وبرأي قائد الجيش، فإن "الشعب الجزائري يستحسن بشدة، وبارك المواقف التي عبرت عنها المؤسسة العسكرية منذ بداية الأزمة"، لكنه يبدي تجاهلا واضحا للمظاهرات الشعبية يومي الثلاثاء والجمعة الرافضة للخيار السياسي الذي فرضه الجيش لحل الأزمة.