مسلسل الإقالات العسكرية يعكس تخبط حكومة العبادي

22 مايو 2015
إقالة 281 قائداً بالجيش منذ ديسمبر (أحمد الرباعي/فرانس برس)
+ الخط -
تعكس عملية الإقالات المتكررة في صفوف قيادات الجيش العراقي حالة ضعف وارتباك عند حكومة حيدر العبادي، نتيجة الضغوط السياسية التي تمارس عليها من الكتل السياسية، وتقاطع الأجندة الإيرانية والأميركية في البلاد، التي تحولت الى ساحة معركة باردة بينهما.

ومنذ أواخر ديسمبر/كانون الأول العام الماضي، أصدر العبادي أوامر إقالة في حق 281 قائداً في الجيش العراقي، من بينهم معاون رئيس أركان الجيش، الفريق أول الركن، عبود قنبر، وقائد القوات البرية العراقية الفريق الركن، علي غيدان، وقادة الجيش في المنطقة الشمالية والغربية والوسطى، وخمسة من قادة الفرق. كما تم إحالة 200 عسكري الى التقاعد ودائرة المحاربين برتب مختلفة، فضلاً عن سلسلة طويلة من التنقلات، التي قام بها الرجل دون أن يؤدي ذلك الى أي تحسن ملموس على أداء الجيش المنقسم على نفسه أصلاً، بين الولاء للطائفة والولاء للوطن أو لتلك الأحزاب.

ولعل آخر سلسلة الإقالات التي أعلن عنها العبادي، هي إقالة كل من قائد عمليات الجيش في الأنبار اللواء الركن، قاسم محمد المحمدي، ثم قائد قوات التدخل السريع، الفرقة الأولى في الجيش زياد الفهداوي، ومن بعده قائد شرطة الأنبار اللواء، كازم محمد فارس، المعروف بلقب أبو كف، وذلك عقب سقوط الأنبار وعاصمتها الرمادي في يد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وفرار المئات من الجنود، وترك أسلحتهم ومعدات الجيش ومخازنه غنيمة في يد مقاتلي التنظيم.

اقرأ أيضاً: انهيار كامل للقوات الحكومية في الرمادي أمام "داعش"

وقال العميد الركن فاضل الساعدي، أحد القادة المقالين من الجيش عقب سقوط مدينة الشرقاط في محافظة نينوى العام الماضي، لـ"العربي الجديد" إن "غالبية قادة الجيش كانوا، سابقاً، يعتمدون على الأميركيين في تأمين العراق، ولا يفعلون، شيئاً، سوى التقاط الصور والاستعراض أمام الفضائيات، لكن عندما انسحب الأميركيون فشلوا في أول اختبار لهم، وهو إثبات وطنيتهم وولائهم للعراق، وفشلوا في حماية البلاد من (داعش) وصدّ هجومه".

ولفت الى أن "العبادي يعاني من أزمة قادة في الجيش بعد إقالته العشرات من القادة والمئات من الضباط بمراتب مختلفة، واستدعائه لعدد من قادة الجيش السابق خير دليل على ذلك".

ووصف عملية الإقالات بأنها "لن تحل المشكلة، غير أنّها بالتأكيد ستخلق عامل خوف وضبط عسكري في الجيش وتبعد السيئين".

من جهته، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، محمد الدليمي، إن "سلسلة الإقالات، هي وسيلة لإعادة هيكلة الجيش العراقي من جديد بشكل تدريجي؛ فالمالكي خلق قادة أحزاب ومليشيات داخل الجيش أساءت للمؤسسة العسكرية كثيراً، وكسبت عداوة مكونات عدة من الشعب العراقي بسبب طائفيته".

وبين في حديث لـ"العربي الجديد" أنه "لا فوائد عسكرية سريعة، حالياً، على مستوى الحرب على (داعش)؛ فالقائد الممتاز يحتاج الى جندي ممتاز".

وأضاف أن المؤسسة العسكرية تعاني من الفساد الإداري والمالي وخير دليل اكتشاف 100 ألف جندي وهمي أو ما يعرفون بالفضائيين.

وفي السياق نفسه، رأى الخبير الأمني بالشأن العراقي، رافد حسين العويني لـ"العربي الجديد" أن "الإقالات والطرد والتقاعد والنقل كلها وسائل يسعى العبادي فيها أولاً إلى تهدئة الشارع الناقم ويرسل إشارات بأنه يسعى لإصلاح ما أفسده (نوري) المالكي، سابقاً، لكنها غير ناجعة في الوقت الحاضر، فهو أشبه ما يكون بوضع الماء على جسد لفحته النار وتيبس".

وبيّن أنّ "الاكتفاء بالإقالة أو الطرد وعدم توصل لجان التحقيق التي يعلن عنها كل مرة الى نتائج دليل على أن الرجل يتخبط في ملف الجيش، خصوصاً أن لجنة التحقيق حول سقوط الموصل تقترب من إعلان نتائج التحقيق، في وقت يتم تشكيل لجنة مماثلة تبحث في أسباب سقوط الرمادي، وهو أمر مخجل للحكومة ومضحك بالنسبة للشارع، الذي خفض سقف مطالبه من تحرير المدن الى الحفاظ على المدن الأخرى".

أما عضو جمعية المحاربين العراقيين القدامى، اللواء مؤيد عبدالله الناصري، فرأى أن "الحل في وضع حد لانهيارات الجيش، هو هيكلته، بمعنى أن تتحول الفرقة الى لواء واللواء الى فوج والفوج الى سرية من خلال إخضاع عناصر الجيش للقانون العسكري المهمل. وسيكون لدينا فرقة واحدة منضبطة بدلاً من 17 فرقة لا تجيد سوى الانسحاب التكتيكي، كما تعلن في كل مرة".

وبين أن هذا الاقتراح، هو ما قدمه الأميركيون للعبادي قبل مدة، غير أنه لم يوافق على تنفيذه وبالتأكيد سيوافق مرغماً إذا ما استمر مسلسل تساقط المدن الواحدة تلو الأخرى وتفكك الجيش مقابل تصاعد قوة المليشيات في العراق.


اقرأ أيضاً: العبادي إلى موسكو لتعويض سلاح سيطر عليه "داعش"