مسرح الدُّمى القطري: جولة في تونس

04 يناير 2019
جابت العروض المدارس والمسارح التونسية (العربي الجديد)
+ الخط -
ما زال مسرح العرائس فناً فتياً في قطر، إلا أنه تمكن من حصد نجاح كبير في عروضه في تونس. عروض في مهرجان "نيابوليس"، وأخرى في مدينة الثقافة، حظيت بإعجاب الأطفال والكبار على حد سواء، لما حملته من مضامين ورسائل هادفة. ورغم اختلاف اللهجة، فإن المعنى كان واضحاً، وجذب الأطفال التونسيين الذين طالبوا بفتح باب النقاش في موضوع المسرحيات والتداول فيها.
أربعة عروض متتالية في إطار يوم مسرح الدمى القطري احتضنها مسرح الجهات بمدينة الثقافة، يروي كل منها قصة مختلفة تدور حول مفاهيم إنسانية.
ووصف محمد علي حمودة، المخرج التونسي المتعاون مع مركز شؤون المسرح القطري، التجربة بالناجحة، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن التصفيق الذي تلا العرض ومواكبة الأطفال للمسرحيات الأربع المتتالية على امتداد أكثر من خمس ساعات، يدل على أن العرض مشوق ونال إعجاب الطفل التونسي. شاركت المسرحيات في اليوم الوطني القطري وفي مهرجانات عربية وصولا إلى مهرجان نيابوليس، حيث حجزت كل المقاعد وبقي مئات الأطفال خارج قاعة العرض، وتنقلت إلى محافظات أخرى أيضا.
ويعتبر مهرجان نيابوليس لفن العرائس، الذي سجل هذه السنة دورته الثالثة والثلاثين، الاستثناء مقارنة بالمهرجانات العربية المختصة بهذا الفن، إذ يعد موعداً سنوياً يلتقي فيه المسرحيون بالمشاهدين. ويغص نيابوليس كل سنة بأعداد غفيرة من الأطفال وعائلاتهم الذين يأتون لمشاهدة العروض، ويعول بن حمودة على أن تنتقل التجربة إلى قطر ويقبل الجمهور أكثر على هذا النوع من العروض.
يوضح حمودة أن الطفل القطري أخذ في التعود على فن مسرح الدمى، إذ عادة ما تشهد اللقاءات الأولى مع الجمهور قلة حضور، بيد أن القائمين على مركز شؤون المسرح أصروا على أن تتواصل العروض وتجوب المدارس والساحات والفضاءات العامة، إلى أن حقق ذلك نتيجة؛ فأصبح لمسرح الدمى جمهوره. ويعود ذلك أيضا إلى إسناد سياسي وتشجيع من القيادة القطرية التي وفرت الدعم اللازم، إضافة إلى دعم وسائل الإعلام المحلية التي روجت لهذا الفن الفتي.
وحتى يتضاعف جمهوره، يعمل مركز شؤون المسرح القطري على تكوين فرقة مؤلفة من شبان مختصين في صنع الدمى والتحريك وصياغة النصوص التي توضع وفق منظور ومحاور تضمنتها لائحة منظمة اليونسكو، متمثلة في إشراك الطفل في الحوار واحترام الآخرين واحترام الكبير والتطلع إلى الغد.
ويعول القائمون على هذا الفن على أن يتواصل العمل على تطويره إلى أن يصبح ركيزة أساسية في ثقافة الطفل والفن الذي يقبل عليه.
يتجاوز مسرح الدمى كونه مجرد عرض "فرجوي" يقدم للأطفال بمضامين بسيطة، إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، ولا سيما في ظل تحديات هذا العصر. فتطور التكنولوجيا ووسائل التعليم والترفيه التي تجذب المتلقي وتغريه أثر بشكل واضح على أدوات الثقافة التقليدية ودرجة الإقبال عليها.
وأوضح صلاح الملا، مدير مركز شؤون المسرح، في هذا الصدد، لـ"العربي الجديد"، أنه تمت منذ سنتين فقط إعادة ترتيب هذا المسرح إثر توقفه خلال الثمانينيات في قطر، ونجح في تقديم أعمال شاركت ونافست في مهرجانات عريقة لها تقاليدها في هذا الفن. وحسب ردود الفعل، كانت المشاركة إيجابية والأعمال مميزة وفي مستوى يرقى إلى مستوى منافسيها من دول لها تاريخ في مسرح العرائس.
وخلافا لما قد يذهب إليه البعض للحط من قيمة هذا الفن، شدد صلاح الملا على ألا يسقط مسرح الطفل في استسهال المتلقي واستصغار هذا "الركح"، فهذا الفن في اليابان وإيطاليا وروسيا وأوروبا الشرقية يراهن على الطفل ويقدم محتوى متطورا على مستوى المضامين وحتى على مستوى الدمى التي تطورت بدورها وأصبحت المسارح تبذل إمكانيات مادية مهمة من أجل صناعتها بأشكال فريدة وعجيبة تستجيب للنص وتجذب المتفرج. واستدرك محدث "العربي الجديد" بالتنويه ببراعة الممثلين وقدرتهم على جعل دمية جامدة تلتحم بأرواحهم، وهو ما يتطلب قدرات كبيرة للاندماج مع الشخصية ونقل ما يحسونه عند تجسيدهم للشخصية إلى مختلف تفاصيل الدمية، في مشهد يكاد يجعلها تنبض حياة.
المساهمون