مسجد الحسن الثاني

02 اغسطس 2016
مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (Getty)
+ الخط -
على ضفة المحيط الأطلسي في المغرب القصي، وتحديدًا في الدار البيضاء، ثمة مسجد يعدّ من أكبر المساجد في العالم، وأجملها؛ مسجد الحسن الثاني. وقد استلهم المصمم المعماري الفرنسي، ميشيل بانسو، من القرآن الكريم، جزءًا من آية من سورة هود: "وكان عرشه على الماء"، من أجل تصور هذا الصرح المهيب وإنشائه، بحيث يعكس عظمة العمارة والحضارة الإسلاميتين. ونظرًا إلى اتساعهما وثرائهما، جاء البناء متشعب الجماليات، ممتلئًا بالتفاصيل المتقنة والغنية. 
ليس البناء هو المسجد وحده، بل يمكن عدّه مجمعًا استثنائيًا، إذ يضمّ أيضًا مدرسةً قرآنية، التي بنيت على شكل نصف دائرة، ومكتبة ومتحفًا، فضلًا عن حمامات ومرافق للمؤتمرات.

لكل "جزء" من هذا المجمّع الضخم، ولكل زاوية أو ركن فيه، ثمة نافذة مشرّعة على صنوف الزخارف والمقرنصات والقناطر والأقواس والبوابات والأفاريز. ولعلّ الأرقام وحدها تعطي لمحة عن هذا الصرح.
فمئذنته ذات الطابع الأندلسي، والواقعة في الجهة الجنوبية مقابل مدينة الدار البيضاء، يبلغ ارتفاعها أزيد من مائتي متر، ومن الممكن أن تُشاهد على بعد خمسة كيلومترات، لتكون بذلك أبرز مئذنة على المحيط الأطلسي. والبناء أيضًا يمتدّ على مساحة تُقدّر بتسعة هكتارات. تتسع قاعة الصلاة في المسجد لخمسة وعشرين ألف مؤمن. ولو فُتح السقف، الذي يعمل بطريقة آلية، لصار صحن المسجد أيضًا مكانًا للصلاة، ليستوعب حوالي ثمانين ألف مصلٍ.

الصورة أعلاه، تبيّن اجتماع الفخامة وما تشيعه من ترف وثراء، بدقة الصنعة ومهارتها: جصّ وزليج باللونين الأبيض والأخضر، إشارة للسلم والحياة، ورخام غرانيتي، وخشب ثمين. كلّها مشغولة بطريقة خاصّة تجمع التقنية بالتقليد، وتبيّن أسس الهندسة الإسلامية القائمة في أصلها على المربع، بكل رمزيته ودلالته من جهة، وكلّ مرونته في اجتراح مثلثات تتتالى، لتؤلف تلك المقرنصات الجصيّة الفائقة الدقة، التي تنعقد وتشتبك ضمن نظام هندسي صارم، لطالما أثارت إعجاب الناس شرقًا وغربًا على مرّ العصور.
يجمع البناء بين التراث الأندلسي لكن بحلته المغربية، ويبدو أنه مستلهم معماريًا أيضًا من معالم مغربية طبقت شهرتها الآفاق: جامع القرويين بفاس، وصومعة حسان بالرباط، وصومعة الكتيبة بمراكش، والخيرالدة بإشبيلية الأندلسية.
المساهمون