يرى مسؤولون فلسطينيون وخبراء أن المصادقة الوشيكة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي على إقامة عشرات الوحدات الاستيطانية الجديدة في مستوطنة "نوف تسيون" على سفوح جبل المكبر جنوب القدس المحتلة، هي واحدة من مراحل عدة سينتهي البناء فيها وتوسعتها حتى تصل إلى 550 وحدة استيطانية، وبناء فندق بسعة 150 غرفة، وسيكون لها تداعيات كبيرة على مستقبل ما تبقى من أراضي المقدسيين.
وأوضح مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية التابعة لبيت الشرق، خليل تفكجي، لـ"العربي الجديد"، أن سلطات الاحتلال كانت شيدت في وقت سابق ما مجموعه 132 وحدة استيطانية، في حين ستصادق هذه السلطات غداً الأحد، على بناء 179 وحدة جديدة، من أصل العدد الإجمالي النهائي لهذه الوحدات. ووفقاً، لتفكجي، فقد كانت مجموعة استثمارية يهودية، يملكها عبود ليفي، وجاك ناصر، تقدمت مطلع تسعينيات القرن الماضي بمشروع لبناء مئات الوحدات الاستيطانية في جبل المكبر على ما مساحته 114 دونماً، وتمت المصادقة على هذا المشروع في عام 1993، في حين، تم تأجيل البناء حتى عام 2002، وقررت الشركة بناء جدار حول المنطقة تحت حراسة الأمن الإسرائيلي بعد الاحتجاج الفلسطيني على المشروع، وبعدها تمت إقامة الأبنية وإسكانها بالمستوطنين. وكان يشرف على شركة "ديغل للاستثمار والصيانة المحدودة الضمان" آرييه عميت، وهو قائد حرس الحدود السابق في ما يسمى بـ"شرطة لواء القدس" الاحتلالية، فيما يملك الشركة الآن كل من يهودا ليفي، ومئير شامير، وهي عبارة عن شركة عامة تباع أسهمها في البورصة. وتشتمل المرحلة الأولى من المشروع على بناء 350 وحدة سكنية، وفندق، وقطار هوائي. أما في المرحلة الأخيرة من المشروع، فسيتم بناء 550 وحدة استيطانية، وفندق مكون من 150 غرفة وبنايات للخدمات العامة.
وفيما يتعلق بالمخطط الاستيطاني الجديد الذي تمت المصادقة عليه لإقامة 4500 وحدة استيطانية جديدة، قال تفكجي، إن "هذه الوحدات الاستيطانية ستقام على أنقاض القرية القديمة المهجّرة والمهدّمة في عام 1948، في حين كانت سلطات الاحتلال وسعت خلال السنوات الماضية منطقة نفوذها وسيطرتها على ما تبقى من أراضي القرية في الجزء الواقع من الأراضي المحتلة عام 1967". وفي تعليقه على المخططات الاستيطانية الجديدة جنوب القدس المحتلة، أكد وزير القدس ومحافظها، عدنان الحسيني، أن هذه مخططات ذات أبعاد استراتيجية وسياسية، سيكون لها تداعيات كبيرة على مستقبل ما تبقى من أراضي المقدسيين، بينما ستفضي إلى توتير الأجواء، خصوصاً في منطقة جبل المكبر، التي باتت واحدة من المناطق الأكثر استهدافاً من قبل الاحتلال ومشاريعه التهويدية. وشدد، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أنه "لا يمكن فصل هذه المخططات عن عمليات الاستيلاء على عقارات المقدسيين وسلبها، كما حدث في حي الشيخ جراح شمال البلدة القديمة من القدس، قبل أيام، إذ أخليت عائلة شماسنة المقدسية من منزلها ليسلم إلى المستوطنين، بينما يتهدد الإخلاء أكثر من 30 عائلة أخرى في الحي ذاته، ليتاح بعد ذلك توطين نحو 400 مستوطن جديد في الحي، ويتحول بالتالي إلى واحدة من أكبر البؤر الاستيطانية على تخوم البلدة القديمة من القدس".
وبالنسبة إلى تفكجي فإن توسيع مستوطنة "نوف تسيون" على أراضي جبل المكبر سيحوّلها إلى أكبر مستوطنة تقام جنوب البلدة القديمة من القدس، تليها مستوطنة رأس العامود إلى الشرق من البلدة القديمة، حيث شيد هناك 132 وحدة استيطانية، وعشرات الوحدات الاستيطانية في الصوانة على جبل الزيتون، وعلى أنقاض منزل المفتي الحاج أمين الحسيني من أراضي الشيخ جراح، في منطقة تعتبر حيوية واستراتيجية للاحتلال، حيث تقع وزارات حكومية ومقرات أمنية وشرطية، وفنادق، ومقرات للجامعة العبرية، ومستشفى هداسا على جبل المشارف المتاخم لبلدة العيسوية شمال شرق القدس. ويحذر مسؤولون فلسطينيون من أن التصعيد الاستيطاني الإسرائيلي الجديد على أراضي جبل المكبر والولجة والشيخ جراح، وما يرافقه من سلب مزيد من عقارات المقدسيين والتلويح بعمليات استيلاء جديدة، سيفضي إلى توترات أمنية بالغة الخطورة. وقال القيادي في حركة "فتح"، حاتم عبد القادر، لـ"العربي الجديد" إن "هبة الأقصى الأخيرة، قد تقود بعد حين إلى هبّات وانتفاضات أخرى، إذ تزداد شدة القبضة الحديدية وتزداد ممارسات الاحتلال وحشية".