في خضم المشهد العراقي المعقّد سياسياً وأمنياً، ومع اتساع رقعة احتجاجات الجنوب وخصوصاً في البصرة، لا يمكن عدم ملاحظة التصعيد الجديد بين رئيس الوزراء حيدر العبادي، وقيادات في مليشيات "الحشد الشعبي"، معظمهم من الذين يدينون بالولاء للمرشد الإيراني علي خامنئي، مثل أبو مهدي المهندس وهادي العامري وقيس الخزعلي وأكرم الكعبي وأوس الخفاجي وآخرين.
وألقت الأزمة السياسية التي يمر بها العراق، وصراع الكتلة الكبرى، بظلالها على طبيعة العلاقة المتشنجة بالأساس بين العبادي وزعامات "الحشد الشعبي"، والتي أطاح العبادي أخيراً بزعيمها الأول فالح الفياض، بسبب الخلاف السياسي بينهما.
وطالبت مليشيات مسلحة أطلقت على نفسها اسم "فصائل المقاومة الإسلامية"، تعرّضت مقراتها للحرق على يد محتجين في البصرة، في بيان مشترك أمس الجمعة، باستقالة العبادي، محمّلة إياه مسؤولية "الانفلات الأمني في البصرة"، وذلك بعد أيام من تصريحات مماثلة لقيادات في "الحشد" رفضت قرار العبادي إقالة فالح الفياض، وأخرى هددت بعدم الانصياع لأوامر العبادي، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر عسكرية عراقية إلغاء الأخير قرارات كان قد أصدرها الفياض وأبو مهدي المهندس بالانسحاب من مناطق شمال وغرب العراق وإجراء تنقّلات في مكان وجود فصائل معينة، خصوصاً على الحدود مع سورية.
وقال مسؤول عراقي في بغداد، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن العلاقة بين "الحشد" والعبادي في أسوأ حالاتها، لافتاً إلى أن "الصراع حالياً ليس لتفكيك الحشد كما يزعم الطرف الآخر، لكن لتصفية الزعامات التي تدين بالولاء لإيران أكثر من العراق".
ووفقاً للمسؤول، وهو موظف رفيع في مكتب القائد العام للقوات المسلحة في بغداد والذي يرأسه دستورياً العبادي، فإن "فرقة العباس القتالية وفصائل عراقية أخرى تتبع المرجعية الدينية في النجف، تقف إلى جانب رئيس الوزراء في تحركاته تلك، وكذلك رجال دين في النجف"، موضحاً أنّ "تعيين العبادي نفسه قائداً مباشراً للحشد، منحه قوة وفرصة لإملاء ما يريده".
وكشف أنّ "العبادي قام خلال اليومين الأخيرين باستبدال عدد من قادة الحشد الميدانيين في مدن مختلفة، ممن حشروا أنفسهم في الشأن السياسي كما ظهر في تسجيلات مصورة لهم نشرت على فيسبوك"، مشيراً إلى أنّ "العبادي شكّل لجنة أمنية خاصة، تعمل كشبكة تجسس داخل الحشد الشعبي، لإيصال أي معلومة عن أي تحرك، أو أي محاولة مشبوهة"، موضحاً أنّ "لهذه اللجنة حق الاتصال المباشر بالعبادي شخصياً من دون وسطاء، في حال استشعار الخطر".
وبحسب المسؤول نفسه، فإن "العبادي بصدد اتخاذ إجراءات جديدة، سيكون من بينها توزيع قوات الحشد على مناطق متفرقة في البلاد، وإيجاد مقرات لها وحصر القرارات كلها به شخصياً، وتحجيم دور القيادات الولائية (المقربة من إيران)، كما أنّه رفض طلبات ضم مقاتلين جدد للحشد، بدعوى عدم وجود موازنة مالية كافية".
اقــرأ أيضاً
مخاوف العبادي من خطورة دخول "الحشد" إلى ساحة الصراع السياسي، أكدها احتجاج المليشيا على قراره بإقالة الفياض، إذ قالت المليشيا في بيان، إنّ "إصدار قرار إعفاء الفياض من رئاسة هيئة الحشد الشعبي وجهاز الأمن الوطني ومستشارية الأمن الوطني بادرة خطيرة"، وإنّ "هذا القرار أدخل الحشد الشعبي والأجهزة الأمنية في الصراعات السياسية وتصفية الحسابات الشخصية".
واتهمت المليشيا رئيس الوزراء بـ"التصرف من منطلق مصالح شخصية"، عازية سبب الإقالة "إلى رفض الفياض التجديد للعبادي لولاية ثانية". وشددت على أنّ "القرار تدخّل سافر في العملية السياسية لفرض إرادة التحالف الأنغلو-أميركي على العراقيين، وتشكيل حكومة هزيلة وضعيفة". واعتبرت أن "قرار رئيس حكومة تصريف الأعمال (حيدر العبادي) كان بدفع من الولايات المتحدة"، مضيفة "سنتعامل مع الوجود الأميركي في العراق كقوات احتلال".
في موازاة ذلك، أكد مسؤولون أمنيون أنّ قرارات العبادي الأخيرة أحكمت سيطرته على مليشيا "الحشد". وقال ضابط في جهاز مكافحة الإرهاب، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العبادي استطاع أن يحد من جماح الحشد كثيراً بهذه القرارات". وأوضح أنّ "قيادات في الحشد باتت تعتبر العبادي شخصية مهددة لها، وفي المقابل هو لا يستعدي الأفراد أو عناصر تلك الفصائل بل يستهدف القادة التقليديين لها، وهو ما فُهِم منه سياسة جديدة لرئيس الوزراء تهدف إلى جعل تلك الشخصيات القيادية في المليشيا التي يفوق عدد عناصرها المائة والعشرين ألف عنصر، عبارة عن قيادات هامشية يمكن تجاوزها والتخلي عنها".
في المقابل، يخشى قادة "الحشد الشعبي" من تحركات العبادي وأهدافه عبر قراراته الأخيرة، وهو ما برز في تصريح صحافي لأبو مهدي المهندس، الذي قال إنّ "الحشد الشعبي باقٍ فوق تدخّل العمل السياسي، كقوة وطنية، ولن نقبل بتسييسه"، مشدداً على أن "الحشد ما زال وسيستمر بعمله بتقديم الدعم والإسناد إلى القوات الأمنية والدفاع عن العراق وترابه". ولفت إلى أن "الحشد الشعبي أسسته المرجعية الدينية، وهو من ساهم بإنقاذ العراق في الوقت الذي كانت فيه الأجهزة الأمنية منهارة".
من جهتها، قالت مليشيا "أنصار العقيدة"، وهي من فصائل "الحشد"، في بيان، إنّ "فصيلنا يعدّ قوة عراقية أُسست من أجل الحفاظ على وحدة البلاد، وتأتمر بأمر الحكومة وهيئة الحشد". وأكدت أنّ "صدور أي بيان من الحشد يتكلم بالأمور السياسية، لا يمثلنا، ولا يمت بأي صلة ولا بعلم لسرايا أنصار العقيدة".
وتأتي تحركات العبادي مع اشتداد الأزمة السياسية، وسط مخاوف من خطورة انعكاسها على الشارع العراقي، خصوصاً مع عمق ارتباط "الحشد" بمعسكر نوري المالكي - هادي العامري، المناهض لمعسكر العبادي. يُذكر أن هيئة "الحشد الشعبي" شُكّلت من فصائل ومليشيات كانت عاملة في العراق، من متطوعين شيعة، بناء على فتوى "الجهاد الكفائي" التي أصدرها المرجع علي السيستاني، كقوة تعمل على مقاتلة تنظيم "داعش" عقب اجتياحه للعراق عام 2014.
اقــرأ أيضاً
وألقت الأزمة السياسية التي يمر بها العراق، وصراع الكتلة الكبرى، بظلالها على طبيعة العلاقة المتشنجة بالأساس بين العبادي وزعامات "الحشد الشعبي"، والتي أطاح العبادي أخيراً بزعيمها الأول فالح الفياض، بسبب الخلاف السياسي بينهما.
وطالبت مليشيات مسلحة أطلقت على نفسها اسم "فصائل المقاومة الإسلامية"، تعرّضت مقراتها للحرق على يد محتجين في البصرة، في بيان مشترك أمس الجمعة، باستقالة العبادي، محمّلة إياه مسؤولية "الانفلات الأمني في البصرة"، وذلك بعد أيام من تصريحات مماثلة لقيادات في "الحشد" رفضت قرار العبادي إقالة فالح الفياض، وأخرى هددت بعدم الانصياع لأوامر العبادي، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر عسكرية عراقية إلغاء الأخير قرارات كان قد أصدرها الفياض وأبو مهدي المهندس بالانسحاب من مناطق شمال وغرب العراق وإجراء تنقّلات في مكان وجود فصائل معينة، خصوصاً على الحدود مع سورية.
ووفقاً للمسؤول، وهو موظف رفيع في مكتب القائد العام للقوات المسلحة في بغداد والذي يرأسه دستورياً العبادي، فإن "فرقة العباس القتالية وفصائل عراقية أخرى تتبع المرجعية الدينية في النجف، تقف إلى جانب رئيس الوزراء في تحركاته تلك، وكذلك رجال دين في النجف"، موضحاً أنّ "تعيين العبادي نفسه قائداً مباشراً للحشد، منحه قوة وفرصة لإملاء ما يريده".
وكشف أنّ "العبادي قام خلال اليومين الأخيرين باستبدال عدد من قادة الحشد الميدانيين في مدن مختلفة، ممن حشروا أنفسهم في الشأن السياسي كما ظهر في تسجيلات مصورة لهم نشرت على فيسبوك"، مشيراً إلى أنّ "العبادي شكّل لجنة أمنية خاصة، تعمل كشبكة تجسس داخل الحشد الشعبي، لإيصال أي معلومة عن أي تحرك، أو أي محاولة مشبوهة"، موضحاً أنّ "لهذه اللجنة حق الاتصال المباشر بالعبادي شخصياً من دون وسطاء، في حال استشعار الخطر".
وبحسب المسؤول نفسه، فإن "العبادي بصدد اتخاذ إجراءات جديدة، سيكون من بينها توزيع قوات الحشد على مناطق متفرقة في البلاد، وإيجاد مقرات لها وحصر القرارات كلها به شخصياً، وتحجيم دور القيادات الولائية (المقربة من إيران)، كما أنّه رفض طلبات ضم مقاتلين جدد للحشد، بدعوى عدم وجود موازنة مالية كافية".
مخاوف العبادي من خطورة دخول "الحشد" إلى ساحة الصراع السياسي، أكدها احتجاج المليشيا على قراره بإقالة الفياض، إذ قالت المليشيا في بيان، إنّ "إصدار قرار إعفاء الفياض من رئاسة هيئة الحشد الشعبي وجهاز الأمن الوطني ومستشارية الأمن الوطني بادرة خطيرة"، وإنّ "هذا القرار أدخل الحشد الشعبي والأجهزة الأمنية في الصراعات السياسية وتصفية الحسابات الشخصية".
واتهمت المليشيا رئيس الوزراء بـ"التصرف من منطلق مصالح شخصية"، عازية سبب الإقالة "إلى رفض الفياض التجديد للعبادي لولاية ثانية". وشددت على أنّ "القرار تدخّل سافر في العملية السياسية لفرض إرادة التحالف الأنغلو-أميركي على العراقيين، وتشكيل حكومة هزيلة وضعيفة". واعتبرت أن "قرار رئيس حكومة تصريف الأعمال (حيدر العبادي) كان بدفع من الولايات المتحدة"، مضيفة "سنتعامل مع الوجود الأميركي في العراق كقوات احتلال".
في المقابل، يخشى قادة "الحشد الشعبي" من تحركات العبادي وأهدافه عبر قراراته الأخيرة، وهو ما برز في تصريح صحافي لأبو مهدي المهندس، الذي قال إنّ "الحشد الشعبي باقٍ فوق تدخّل العمل السياسي، كقوة وطنية، ولن نقبل بتسييسه"، مشدداً على أن "الحشد ما زال وسيستمر بعمله بتقديم الدعم والإسناد إلى القوات الأمنية والدفاع عن العراق وترابه". ولفت إلى أن "الحشد الشعبي أسسته المرجعية الدينية، وهو من ساهم بإنقاذ العراق في الوقت الذي كانت فيه الأجهزة الأمنية منهارة".
من جهتها، قالت مليشيا "أنصار العقيدة"، وهي من فصائل "الحشد"، في بيان، إنّ "فصيلنا يعدّ قوة عراقية أُسست من أجل الحفاظ على وحدة البلاد، وتأتمر بأمر الحكومة وهيئة الحشد". وأكدت أنّ "صدور أي بيان من الحشد يتكلم بالأمور السياسية، لا يمثلنا، ولا يمت بأي صلة ولا بعلم لسرايا أنصار العقيدة".
وتأتي تحركات العبادي مع اشتداد الأزمة السياسية، وسط مخاوف من خطورة انعكاسها على الشارع العراقي، خصوصاً مع عمق ارتباط "الحشد" بمعسكر نوري المالكي - هادي العامري، المناهض لمعسكر العبادي. يُذكر أن هيئة "الحشد الشعبي" شُكّلت من فصائل ومليشيات كانت عاملة في العراق، من متطوعين شيعة، بناء على فتوى "الجهاد الكفائي" التي أصدرها المرجع علي السيستاني، كقوة تعمل على مقاتلة تنظيم "داعش" عقب اجتياحه للعراق عام 2014.