تفاصيل آخر ما وصلت إليه مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية: حراك أميركي ببغداد

29 اغسطس 2018
عمليا تحالف العبادي-الصدر حقق حتى الآن 132 مقعدا (Getty)
+ الخط -

آخر ما أفضت إليه الحوارات السياسية بين الكتل والقوائم الفائزة بالانتخابات الأخيرة لتشكيل الحكومة العراقية، بنسختها السادسة منذ الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، بحسب مسؤولين وسياسيين بارزين في أربيل وبغداد، هو تقدم واضح لصالح المعسكر المدعوم أميركيا، والذي يعد حيدر العبادي ومقتدى الصدر وإياد علاوي أبرز اقطابه، وبات يطلق عليه اسم تحالف "كتلة النواة"، أو "تحالف بابل"، في إشارة إلى فندق بابل الذي شهد قبل أيام اجتماعا للزعامات الثلاث، إلى جانب عمار الحكيم وشخصيات أخرى، على حساب المعسكر الآخر.

ويأتي هذا التطور وسط عودة مشهد التشتت بين الكتل السنية العراقية حيال عدة ملفات، أبرزها منصب رئاسة البرلمان، والتحفظ الذي تبديه أطراف مختلفة، من بينها عمار الحكيم ومقتدى الصدر، على دخول "كتلة القرار" بزعامة خميس الخنجر معها، وقرب الأخير من كتلة نوري المالكي والقيادي بـ"الحشد الشعبي" هادي العامري، وهو ما أكده قيادي بارز في "تحالف القوى" من أن الكتل السنية ستنقسم الى معسكرين، وسيذهب كل معسكر إلى طرف من الأطراف الحالية، بينما يصرّ الأكراد على حسم ملف كركوك قبل توقيع أي اتفاق.

وقال مسؤول عراقي في بغداد، لـ"العربي الجديد" اليوم الأربعاء، إن مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون التحالف بريت ماكغورك، والسفير الأميركي لدى بغداد، دوغلاس سيليمان، يتواجدان في العاصمة العراقية وهما يتبادلان الاجتماعات الآن مع مختلف الأطراف". وأضاف "عمليا تحالف العبادي- الصدر حقق حتى الآن 132 مقعدا من دون الأكراد أو السنة، بعد التحاق عدد من الأعضاء في تحالف "الفتح" به"، مؤكدا أن "الحراك الأميركي الآن يتركز على السنة والأكراد خلال هذه الساعات، وستعلن الكتلة فور حسم المفاوضات".

ولفت المسؤول العراقي إلى أن "هناك حالة ابتزاز يشعر بها الجميع من قبل الكتل الكردية حيال مطالبهم، وبالنسبة للسنة الاتجاه هو تفكك وشيك، حيث يتوقع أن يذهب خميس الخنجر وآخرون معه إلى جانب معسكر نوري المالكي وهادي العامري، وبالنسبة للحزب الإسلامي (الإخوان المسلمين) فقد حسم أمره على ما يبدو بعد آخر اجتماع مع الأميركيين، وقرر العدول عن الدخول مع نوري المالكي وهادي العامري في أي تحالف، وبات قريبا من التحالف مع معسكر العبادي- الصدر"، وفقا لقوله.

وأكد المتحدث ذاته أن "الخلافات ما زالت قائمة حول من سيكون رئيس البرلمان، فهناك تنافس بين كتل "الحل" و"الحزب الإسلامي" و"القرار" في فرض مرشحيها على الأخرين"، مشيرا إلى أن "النقطة الخلافية الحالية هي كركوك مع الأكراد، وحسمها يعني انتهاء أزمة التحالفات، وعمليا السنة حصلوا على وعود بضمانات أميركية حول مطالبهم، ومن أبرزها إعادة الإعمار وتعويض ضحايا الإرهاب والعمليات العسكرية في مدن شمال وغرب ووسط العراق"، في إشارة إلى المحافظات السنية المدمرة. 

في غضون ذلك، دعا "تيار الحكمة" بزعامة عمار الحكيم، اليوم الأربعاء، ما سماها الكتل الكردية والسنية إلى "عدم إضاعة فرصة تشكيل تحالف وطني"، مبينا أن استمرار تلك الكتل بعدم حسم موقفها سيجبر الكتل الشيعية على التحالف فيما بينها وإعلان الأغلبية الشيعية.

 

وأوضح القيادي بالتيار، حبيب الطرفي، في تصريح نقلته وسائل إعلام عراقية، اليوم أن "استمرار الكتل السنية والكردية بعدم حسم أمرها وانتظارها تنفيذ مطالبها من قبل الكتل الشيعية غير ممكن، سيما مع اقتراب انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب"، وأضاف أن "الكتل السنية والكردية ستفقد فرصة تاريخية بتشكيل تحالف وطني يضم جميع المكونات، وستجبر الكتل الشيعية على التحالف مع بعضها بتشكيل تحالف خماسي يضم أكثر من 190 نائبا، يمكنها من تشكيل الحكومة بأريحية دون الحاجة إلى الطرف الآخر".

وتابع الطرفي أن "المفاوضات مازالت مستمرة، إلا أن الأمور لم تتضح لغاية الآن بسبب الإعلانات المتناقضة للكتل السنية والكردية بشأن التحالفات"، مبينا أن "الفريق الشيعي حسم موقفه بانقسامه إلى فريقين: الأول هو "الفتح" و"دولة القانون"، والثاني "سائرون" و"الحكمة" و"النصر"، بالإضافة إلى "الوطنية". 

في المقابل، قال مصدر سياسي كردي مقرب من "الحزب الديمقراطي الكردستاني" إن وفدا كرديا مشتركا رفيع المستوى سيزور العاصمة العراقية خلال الساعات المقبلة، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن "هذه الزيارة ستضع اللمسات النهائية لانضمام الأكراد إلى الكتلة التي تمثل الأغلبية البرلمانية".

واوضح أن "الأكراد لم يحسموا أمرهم لغاية الآن بالانضمام إلى أي من المعسكرين المتنافسين في بغداد"، في إشارة الى كل من محوري (العبادي – الصدر) من جهة، و(المالكي – العامري) من جهة أخرى، لتشكيل الكتلة الكبرى.

وأضاف أن "الأكراد لا خطوط حمراء لديهم على أحد"، مبينا أن "التحالف سيتم مع الطرف الذي يقدم ضمانات بحفظ حقوق الشعب الكردي التي حددها الدستور".

وأشار المصدر ذاته إلى وجود توافق بين الحزبين الكرديين الرئيسيين في إقليم كردستان (الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني) بشأن التفاوض مع بغداد، لافتا إلى وجود محاولات لإقناع أحزاب أخرى في الإقليم بالانضمام إلى الكتلة الكردية.

وعقد "الحزب الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني"، أمس الثلاثاء، اجتماعا مشتركا لبحث مسألة الانضمام للكتلة البرلمانية الكبرى.

وقال المتحدث باسم المكتب السياسي لـ"الاتحاد الوطني الكردستاني"، سعدي أحمد بيره، إن الاجتماع تطرق إلى حوارات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، مبينا، خلال مؤتمر صحافي، أن المجتمعين ناقشوا أيضا "السبل الكفيلة بإعادة الأوضاع في محافظة كركوك إلى طبيعتها من أجل منح جميع المكونات الفرصة للعيش المشترك".

 

المساهمون