مساع جديدة لإعادة توحيد أحزاب وتيارات "إخوان" الجزائر

22 سبتمبر 2016
مؤتمر ضم "الإخوان" و"النهضة" الجزائرية عام 2014(فاروق بطيش/فرانس برس)
+ الخط -
بدأت كوادر من قيادات الصف الثاني في حركة الإخوان المسلمين في الجزائر، مساعي جديدة لتوحيد المجموعات السياسية للحركة، بعد فشل محاولات سابقة للوحدة على المستوى المركزي. وعقدت قيادات وشخصيات بارزة في جماعة الإخوان المسلمين في الجزائر، يوم الجمعة الماضي، اجتماعاً لبلورة خارطة طريق لإعادة توحيد صفوف الحركة المشتتة في أربعة أحزاب سياسية. وأتى الاجتماع ضمن "الندوة الفكرية الموحدة بين إطارات مدرسة الشيخ نحناح" في منطقة وهران، غرب البلاد، لدراسة آليات إعادة توحيد الصف وتجاوز الخلافات الراهنة بين الأحزاب الأربعة.

وتمت مناقشة سبل تجاوز إخفاق القيادات بشأن مشروع الوحدة منذ بدء مساع جدية في هذا السياق عام 2013. وحضر الاجتماع شخصيات كانت تشغل مناصب قيادات مركزية في أحزاب "الإخوان"، وهي خطوة جدية للتوصل إلى تقارب وإنجاز الوحدة على الصعيد المحلي.

وتطرح هذه المبادرة خطوات عملية لكسر الحواجز السياسية بين فروع الطيف السياسي لـ"الإخوان" في الجزائر. وتعكس رغبة جدية في تجاوز العقبات التي اعترضت محاولات الوحدة السابقة. لكن توقيتها والضغط السياسي الذي قد يشكله اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في مايو/أيار المقبل، قد يشكل عقبة في وجه هذه الخطوة، بسبب الضغط الذي تشكله العملية الانتخابية على هذه القواعد، لكن في المقابل، يمكن استغلالها كفرصة لتكريس التقارب وطرح قوائم انتخابية مشتركة، لا سيما أن مؤشرات تؤكد على عدم استعداد قيادة حركة مجتمع السلم (الحزب المركزي لـ"الإخوان") لتكرار تجربة التحالف الإسلامي الذي جمعها مع حركة النهضة وحركة الإصلاح في انتخابات 2012.

وبدأت مسارات الانشقاق في الحزب المركزي لـ"الإخوان" في الجزائر، مباشرةً بعد وفاة مؤسسها الروحي، محفوظ نحناح، عام 2003. وكان لافتاً أن نحناح كان يجمع، بفضل الكاريزما السياسية التي كان يتمتع بها، عدداً من التيارات داخل حركة مجتمع السلم.

وبعد فترة قليلة من وفاته، عقد المؤتمر العام الذي انبثقت عنه قيادة جديدة للحركة بزعامة أبو جرة سلطاني. لكن تياراً داخل الحركة أعلن رفضه لتلك القيادة، وبدأ مساعي للسيطرة خلال المؤتمر الذي عقد عام 2008. غير أن تلك المحاولات باءت بالفشل، ما دفع مجموعة من كوادر الصف الأول، بقيادة وزير الصناعة السابق عبد المجيد مناصرة، وقيادات تاريخية أخرى، إلى إعلان الانشقاق عن الحركة الأم وتأسيس حزب سياسي تحت اسم جبهة التغيير. وهذا الحزب انشق بدوره، إذ أعلنت كوادر فيه تأسيس حزب بات هو الثالث لـ"إخوان" الجزائر، تحت اسم حزب البناء. وقد أخفقت تدخلات ومساعي شخصيات إسلامية جزائرية ودولية في رأب هذا التصدع.


وفي عام 2011، تعهد رئيس الحركة السابق، أبو جرة سلطاني، بالعمل على استرجاع الكوادر المنشقة وتوحيد صفوف الحركة. وأعلن أن عام 2012 سيكون عام "عودة الطيور المهاجرة" على حد وصفه. لكن مساعيه اصطدمت بتمسك المجموعات السياسية المنشقة بمسارها، واختلاف تحالفاتها السياسية، لا سيما خلال الانتخابات البرلمانية. وظهرت للمرة الأولى قوائم انتخابية لأحزاب سياسية منشقة عن الحركة الأم، حركة مجتمع السلم، كقوائم جبهة التغيير. وفيما كانت الحركة تعلن في يونيو/حزيران 2012 تحولها إلى خيار المعارضة ورفضها المشاركة في الحكومة، احتجاجاً على نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو/أيار 2012، كانت كوادر أخرى من الحركة بقيادة وزير النقل حينها، عمار غول، تحضر للانشقاق عن الحركة وتأسيس حزب رابع باسم حزب تجمع أمل الجزائر. وأتت هذه الخطوة بسبب رفض غول وأنصاره لخط المعارضة الذي تبنته الحركة بعد الانتخابات البرلمانية.

وتكرس التباين في المواقف بين الكتل السياسية المشكلة لـ"الإخوان" في الجزائر خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت في إبريل/نيسان 2014. وفيما قاطعت حركة مجتمع السلم الانتخابات ورفضت دعم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعدما دعمت ترشحه في الولايات الرئاسية الثلاث في انتخابات 1999 و2004 و2009، قررت الأحزاب الثلاثة الأخرى المنشقة عنها، حزب تجمع أمل الجزائر وجبهة التغيير وحزب البناء، تأييد ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة.

وفي عام 2013، بدأت مساع جدية لإعادة توحيد الصفوف بين قيادة حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير. وتم تشكيل لجنة مشتركة عملت على وضع ترتيبات لإعادة توحيد الحزب المركزي. لكن هذا المشروع ظل يراوح مكانه، ما دفع القاعدة الشعبية وكوادر الصف الثاني إلى التذمر واليأس من نجاح جهود الوحدة. وزادت الخلافات المستجدة داخل الحزب المركزي بين الرئيس السابق، أبو جرة سلطاني، والرئيس الحالي للحزب، عبد الرزاق مقري، حول المسار السياسي وسط مخاوف من انشقاقات جديدة. وهو ما دفع بكوادر من الصف الثاني في هذه الأحزاب إلى محاولة تخطي فشل القيادات وطرح مشروع للوحدة وبلورة خطة تحرك على صعيد إعادة تجميع أطياف "إخوان" الجزائر تحت سقف سياسي واحد والعودة إلى ما قبل الانشقاقات عام 2008.