ويأتي ذلك بعد تصاعد الضغوط الغربية على رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، بضرورة "حصر السلاح بيد الدولة وإنهاء ظاهرة المليشيات، وتعزيز الدولة المدنية بالبلاد"، كان آخرهم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ما أثار موجة احتجاجات من أحزاب وفصائل مسلحة اعتبرت كلامه "تدخلا بالشأن العراقي".
وبحسب مسؤول عراقي بارز في الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، فإن "ملف (الحشد الشعبي) بالنهاية محصور بيد المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، كونه هو من أفتى بالجهاد الكفائي، ودعا إلى تشكيل فصائل مسلحة للدفاع عن المدن العراقية التي كانت مهددة بالسقوط فى يد تنظيم (داعش) عام 2014"، وفقا لقوله.
وبيّن المصدر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "(الحشد) تأسس بفتوى شرعية، لذا لا يمكن حله إلا بفتوى أخرى تعلن انتفاء الحاجة لبقاء فرضية الجهاد وفقا للفقه الجعفري"، على حد وصفه.
وتابع: "رئيس الوزراء، حيدر العبادي، غير قادر على خطوة مثل هذه، وقد تتسبب بمشاكل كبيرة في العراق، لذا يبقى الموضوع بيد السيستاني، وفي حال أعلن ذلك لن يكون باستطاعة أي فصيل مسلح الاعتراض"، كاشفا، في الوقت نفسه، عن وجود خلاف كبير بين السيستاني وإيران بملف "الحشد الشعبي"، بسبب استخدام الحرس الثوري الإيراني الآلاف من عناصر "الحشد" في القتال في سورية، والتسبب بمقتل المئات منهم، في حين أن "فتوى الجهاد الكفائي لا تتعلق إلا بالعراق".
ورجّح المتحدث ذاته أنه "في حال وجود خطوة اتجاه هيكلة (الحشد)، عبر تسريح عناصرها أو توزيعهم على مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والخدمية، فستكون بموافقة المرجع السيستاني وبالتنسيق معه، وهو ما يسعى رئيس الوزراء الحصول عليه، لكن ليس قبل إجراء الانتخابات البرلمانية وحصوله على ولاية ثانية بات قريبا منها".
وتأسس أغلب مليشيات "الحشد الشعبي" عقب "فتوى الجهاد الكفائي" للسيستاني في 13 يونيو/ حزيران 2014 عقب اجتياح "داعش" مساحات واسعة من العراق والسيطرة على مدن في شمال وغرب وأجزاء من وسط العراق، بلغت نحو 48% من مجموع مساحة البلاد.
ووثقت منظمات دولية ومحلية عراقية انتهاكات وجرائم مقاتلي المليشيا، كعمليات القتل الميداني على أسس طائفية للمواطنين، وجرائم حرق وسرقة ممتلكاتهم في المناطق المحررة، كما لا تزال تتحفّظ على نحو 8 آلاف مختطف لديها ترفض تسليمهم للحكومة العراقية أو إطلاق سراحهم، فضلا عن اتخاذها من ست بلدات عراقية مقرات لها وترفض الانسحاب لعودة أهلها إليها، أبرزها مدينة جرف الصخر وبيجي ويثرب جنوب وشمال بغداد.
وتتألف المليشيا من 71 فصيلا مسلحا، أبرزها مليشيا بدر والعصائب وحزب الله والخراساني والنجباء وأبو الفضل العباس والبدلاء والإمام علي وجند الإمام والتيار الرسالي وأنصار الحجة، وفرقة العباس القتالية وروح الله خميني والإمام الحسين، فضلا عن عشرات المليشيات الأخرى.
وتتلقى تلك الفصائل، التي انضوت ضمن ما أطلقت عليه الحكومة العراقية "هيئة الحشد الشعبي"، مرتبات مالية تكافئ ما يحصل عليه الجنود العراقيون في الجيش، تبلغ نحو 750 دولاراً شهريا، فضلا عن تجهيزها بالسلاح والذخيرة اللازمة.
واعترضت دول غربية مؤخرا على تسرب قسم من مساعداتها العسكرية للعراق إلى تلك المليشيات، التي تمتلك أجنحة مسلحة لها في سورية.
وأصدر السيستاني بيانا، مطلع إبريل/ نيسان الماضي، قال فيه إن "فتوى الجهاد الكفائي لقتال (داعش) ما تزال نافذة"، عازيا ذلك إلى "استمرار موجبها"، وهو ما اعتبر حينها إشارة من المرجع الديني إلى احتمالية إعلان انتفاء الحاجة للفتوى وإيقاف العمل بها.
وجاء في نص بيان السيستاني: "قد أفتينا بوجوب الالتحاق بالقوات المسلحة وجوبا كفائيا للدفاع عن الشعب العراقي وأرضه ومقدساته، وهذه الفتوى ما تزال نافذة لاستمرار موجبها، بالرغم من بعض التقدم الذي أحرزه المقاتلون الأبطال في دحر الإرهابيين".