ردّد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، ومسؤولون إماراتيون آخرون، في أكثر من مناسبة، أكاذيب فنّدتها إسرائيل، ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو تحديداً، عن وقف الضمّ الإسرائيلي لغور الأردن وشمالي البحر الميت، كإنجازٍ، أو ثمن قبضته الإمارات مقابل إشهار التطبيع مع دولة الاحتلال والتنكر لقضية فلسطين، والالتحاق بركب الاتفاقيات المنفردة، لوقف "حالة حرب" لم تكن أصلاً قائمة.
ويشير محلل الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إلى قلق مصري وأردني من "تراجع حظوة هاتين الدولتين لدى واشنطن، وفقدانهما لتأثيرهما على سياسات إسرائيل". والواقع أن كثيرين وقعوا في وهم التأثير على سياسات إسرائيل وسياسييها منذ أن فقد الرئيس المصري أنور السادات كلّ هيبة مصر وسطوتها بمجرد وصوله لمنتجع كامب ديفيد الأميركي. فما أن دخل السادات في المباحثات مع مناحيم بيغن، حتى فقد كل أوراق المفاوضات. وسرعان ما اتضح للسادات أن 98 في المائة من أوراق الحل، التي كانت بحسب اعتقاده في أيادٍ أميركية، لم تكن إلا أسواطاً سلّطها جيمي كارتر عليه، وصولاً إلى التهديد المعروف، عندما جمع السادات حقائبه للعودة، لكن كارتر وجّه له الإنذار المشهور بأن "دخول الحمام مش مثل خروجه"، وأن مغادرته كامب ديفيد تعني قطع الولايات المتحدة لعلاقاتها مع مصر ووقف التمويل والمساعدات وغيرها.
خضع السادات للتهديد، ومنذ ذلك اليوم فقدت مصر أيّ تأثير فعلي على مجريات الصراع، بعد خروجها منه، ولم يستطع السادات فعل شيء تجاه الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان في "عملية الليطاني" (1978)، ولا تمكن خليفته حسني مبارك من فعل شيء، سوى استدعاء السفير الإسرائيلي في القاهرة بعد اجتياح الدبابات الإسرائيلية عاصمةً عربية، هي بيروت (1982)، ناهيك عن الصمت إزاء حصار أبو عمّار، وسقوط آلاف الشهداء في غزة والضفة الغربية المحتلة في الانتفاضة الثانية، وفي الحروب المتكررة على غزة ولبنان. وما عجزت عنه مصر السادات ومبارك، عجزت عنه أيضا المملكة الأردنية الهاشمية، رغم توقيعها هي الأخرى اتفاقية سلام مع إسرائيل.
هذا "التأثير المأمول" لن يكون مُتاحاً للإمارات، ولا لرفيقة سفرها إلى واشنطن، البحرين. المزاحمة الكاذبة على "استيطان قلب إسرائيل"، على أمل التأثير فيها، ليست إلا لغرض بقاء العروش، وتقديم فلسطين قرباناً في المذبح الإسرائيلي، وصولاً إلى فؤاد الولايات المتحدة الأميركية، ولا شيء غير ذلك.