"نسيتني أمّي تحت شجرة الزيتون حين هربت من البلد (البلدة) إذ كنّا خمس بنات وثلاثة أبناء. لكنّها سرعان ما استدركت الأمر، فعادت لتصطحبني". هكذا تبدأ مريم نمر محمود رواية خروجها من فلسطين، تحديداً من قضاء صفد. في عام النكبة، لم يكن عمرها يتجاوز الأشهر.
مريم نمر من مواليد عام 1948، تحكي ما نقله لها أهلها عن ذلك الزمن. "لقد خُدعنا عندما تركنا فلسطين. قالوا لنا اخرجوا لمدّة أسبوع واحد فقط، ثم تعودون إلى بيوتكم. فخرج الناس من بيوتهم وتركوا كلّ شيء حيث هو. لم يحملوا معهم إلا بعض الملابس ومفاتيح بيوتهم". مضى الأسبوع، وتبعه آخر وثمّ أسابيع وأشهر وسنين، "وحتى اللحظة لم نعد".
تقول مريم: "بعد مجزرة دير ياسين، خرج أهلي مع كلّ الذين خرجوا من فلسطين. في البداية، توجّهوا نحو الحدود اللبنانية، ليجتازوها نحو بنت جميل (جنوب لبنان) وثمّ صور. هناك، انقسم الناس إلى قسمَين بعدما أعياهم التعب والعطش. قسم توجّه إلى صيدا (جنوب) وحطّ رحاله في مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، والقسم الثاني بقي في صور". تضيف: "في مخيّم عين الحلوة، حصل أهلي من الأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) على خيم، ورحنا ننام فوق بعضنا بعضاً. أمّا الحمّامات، فكانت مشتركة بين كلّ آهالي المخيّم. بعدها، بنينا بيوتاً متواضعة، وراحت الوكالة تقدّم لنا المعونات العينية ونحن نعجن ونعدّ الخبز في منازلنا. كذلك، أنشأت الأونروا المدارس، لكنّ التعليم لم يطاول الأطفال الفلسطينيين جميعاً".
وتتابع مريم : "بعد سنوات طويلة، تزوّجت وانتقلت للعيش مع زوجي في مخيّم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في بيروت. أنجبت سبع بنات وابناً واحداً، وكانت حياتنا مليئة بالبؤس والتعب. نحن نعيش بلا حقوق. وصار أولادنا يموتون في البحر، وقد حاولوا الهرب من الوضع السيئ الذي يعيشونه. فالموت مرّة واحدة أفضل من الموت مرّات عدة".
بعد وفاة زوجها واضطرارها إلى تربية أولادها بمفردها، فتحت مريم دكاناً صغيراً في المخيّم وعملت كذلك في التطريز. تخبر: "كنت أطرّز على ضوء الشمعة، لكي أؤمّن لقمة عيش أولادي، وعملت أيضاً في فرن جعلته في غرفة صغيرة بالقرب من بيتي. كذلك بعت الملابس والترمس والحمص، وكانت بناتي يساعدنني في بيعها". لكّنها زوّجت هؤلاء البنات وهنّ صغيرات، "حتى أرتاح من المصاريف الكبيرة التي كانت تشكل عبئاً عليّ".
اليوم، تقضي مريم معظم وقتها في مركز الشيخوخة النشطة في مخيّم برج البراجنة، فيما توصي أحفادها بالتمسّك بحقّ العودة.
اقــرأ أيضاً
مريم نمر من مواليد عام 1948، تحكي ما نقله لها أهلها عن ذلك الزمن. "لقد خُدعنا عندما تركنا فلسطين. قالوا لنا اخرجوا لمدّة أسبوع واحد فقط، ثم تعودون إلى بيوتكم. فخرج الناس من بيوتهم وتركوا كلّ شيء حيث هو. لم يحملوا معهم إلا بعض الملابس ومفاتيح بيوتهم". مضى الأسبوع، وتبعه آخر وثمّ أسابيع وأشهر وسنين، "وحتى اللحظة لم نعد".
تقول مريم: "بعد مجزرة دير ياسين، خرج أهلي مع كلّ الذين خرجوا من فلسطين. في البداية، توجّهوا نحو الحدود اللبنانية، ليجتازوها نحو بنت جميل (جنوب لبنان) وثمّ صور. هناك، انقسم الناس إلى قسمَين بعدما أعياهم التعب والعطش. قسم توجّه إلى صيدا (جنوب) وحطّ رحاله في مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، والقسم الثاني بقي في صور". تضيف: "في مخيّم عين الحلوة، حصل أهلي من الأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) على خيم، ورحنا ننام فوق بعضنا بعضاً. أمّا الحمّامات، فكانت مشتركة بين كلّ آهالي المخيّم. بعدها، بنينا بيوتاً متواضعة، وراحت الوكالة تقدّم لنا المعونات العينية ونحن نعجن ونعدّ الخبز في منازلنا. كذلك، أنشأت الأونروا المدارس، لكنّ التعليم لم يطاول الأطفال الفلسطينيين جميعاً".
وتتابع مريم : "بعد سنوات طويلة، تزوّجت وانتقلت للعيش مع زوجي في مخيّم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في بيروت. أنجبت سبع بنات وابناً واحداً، وكانت حياتنا مليئة بالبؤس والتعب. نحن نعيش بلا حقوق. وصار أولادنا يموتون في البحر، وقد حاولوا الهرب من الوضع السيئ الذي يعيشونه. فالموت مرّة واحدة أفضل من الموت مرّات عدة".
بعد وفاة زوجها واضطرارها إلى تربية أولادها بمفردها، فتحت مريم دكاناً صغيراً في المخيّم وعملت كذلك في التطريز. تخبر: "كنت أطرّز على ضوء الشمعة، لكي أؤمّن لقمة عيش أولادي، وعملت أيضاً في فرن جعلته في غرفة صغيرة بالقرب من بيتي. كذلك بعت الملابس والترمس والحمص، وكانت بناتي يساعدنني في بيعها". لكّنها زوّجت هؤلاء البنات وهنّ صغيرات، "حتى أرتاح من المصاريف الكبيرة التي كانت تشكل عبئاً عليّ".
اليوم، تقضي مريم معظم وقتها في مركز الشيخوخة النشطة في مخيّم برج البراجنة، فيما توصي أحفادها بالتمسّك بحقّ العودة.