تحمل الستينية أم حسام لبد تقارير مرضها الخطير، وتطوف بها بين وزارتي الصحة والشؤون المدنية ومؤسسة رعاية مرضى السرطان في غزة، على أمل أنّ يجد سعيهاً حلاً قد يخفف ألمها، ويحول بينها وبين الموت.
لبد وقفت إلى جانب العشرات من مريضات السرطان خلال اعتصام أمام مقر وزارة الشؤون المدنية في مدينة غزة، دعا إليه برنامج العون والأمل لرعاية مرضى السرطان في قطاع غزة، احتجاجاً على نقص الأدوية، ومنع مرضى السرطان من السفر.
وتقول أم حسام لـ"العربي الجديد"، إنّ صراعها مع المرض بدأ قبل أربع سنوات، شعرت خلالها بمرارة كبيرة لعدم توفر العلاج الإشعاعي والكيماوي، والأدوية اللازمة، علاوة على منعها من السفر، مشيرةً إلى أنّ "مرضنا خطير، ويجب حل مشكلتنا بأي حال من الأحوال".
اقرأ أيضاً: ثالوث مدمّر في مصر
وبلغ عدد مرضى السرطان في غزة 14.600، حسب إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية في العامين المنصرمين، ويبلغ عدد الحالات الشهرية المسجلة في قسم الأورام بمستشفى الشفاء وحده 130 حالة شهرياً.
وتقول أم صالح الحمامي: "أعاني من ورم في الكلى، وبحاجة إلى استئصال للورم، لكنني عندما أدخل غرفة العمليات أصاب بتشنجات واحتقان وازرقاق في الجسم، تم تحويلي قبل ثلاثة أعوام إلى مستشفى مار يوسف في القدس، وأخبروني بضرورة الاستئصال". وتضيف بحزن واضح على ملامحها المرهقة: "في مستشفى الشفاء أخبروني بعدم أهمية الخروج للقدس، على عكس تأكيدات الخبراء في القدس، أرجوكم أخرجونا من دائرة خلافاتكم، نرى الموت كل يوم".
أما أم محمد محيسن، والتي تعاني من سرطان الثدي، فتقول لـ"العربي الجديد": "أصبت بالمرض نهاية عام 2011، وقدمت مرتين للحصول على تحويلة للعلاج لكنني لم أحصل عليها، رغم حصولي على موعد في مستشفى أسوتا في تل أبيب". وتلفت إلى أنها قبل ثلاثة أعوام قامت بعمل مسح ليزر لجسدها، لكن لم يسمح لها بعد ذلك بالخروج من قطاع غزة لاستكمال إجراءات العلاج. وتتابع "يجب أن أعرف مستجدات هذا المرض الصامت اللعين الذي ينهش جسدي".
بدورها، تقول المديرة المالية والإدارية لبرنامج العون والأمل لرعاية مرضى السرطان وفاء موسى، إنّ منع سفر المرضى ناتج من أسباب غير مفهومة، ولا يوضحها أحد، في ظل رفض أكثر من 30 في المائة منهم لـ"دواع أمنية". وتشير إلى أنّ تجاهل علاج المرضى، وتأخير حصولهم على مواعيد من المستشفيات، يؤخر تلقي المرضى لجرعاتهم العلاجية في الوقت المناسب.
وطالبت موسى وزارة الشؤون المدنية (المكلفة بتنسيق السفر من غزة للكيان والضفة الغربية) بوضع قضية تصاريح المرضى على رأس سلم أولوياتها، بصفتها الجهة المخولة بضمان هذا الحق لهم، ووزارة الصحة بتوفير الأدوية داخل غزة، وتخفيف معاناة مرضى السرطان وإنقاذ حياتهم.
من ناحيته، قال رفعت محيسن مسؤول التنسيق والارتباط بوزارة الشؤون المدنية، إن مرضى السرطان أصبحوا يشكلون 60 في المائة من نسبة الحالات المحولة، لعدم توفر الأدوية، وجهاز الإشعاع، موضحاً أن الأزمة تفاقمت في الشهور الثلاثة الأخيرة بسبب تغيير الطواقم العاملة على الجانب الإسرائيلي.
ولفت محيسن في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الأزمة زادت بعد اشتراط الجانب الاسرائيلي أنّ يكون عمر المرافق للمريض لا يقل عن 55 عاماً، مبيناً أنّ هذه المستجدات أثرت سلباً على حياة مرضى السرطان، وعلى الاستجابة لتلبية حاجتهم في دوراتهم العلاجية.
ويؤكد محيسن أنّ هناك تدخلات من وزارتي الصحة والشؤون المدنية، واجتماعات مع الجانب الإسرائيلي من أجل احتواء الأزمة، مضيفاً: "بدأ الوضع بالتحسن، ونأمل في القريب العاجل أن تحل كل الإشكاليات، ولتدارك الموقف أرسلنا القوائم حتى يتمكنوا من الفحص الدائم، والخروج للعلاج".
اقرأ أيضاً: سرطان الثدي الأكثر انتشاراً في موريتانيا