أثارت قضية المربية التي اعتدت على طفل عمره خمسة أعوام، يدعى زياد الملاوحي، ضجة كبيرة في تونس، ووُصفت الحادثة أنها "مروعة" و"جريمة بحق الطفولة".
وعمدت مربية في منطقة جبل الجلود، أحد الأحياء الفقيرة والمهمشة وسط العاصمة تونس، إلى وضع ملعقة ساخنة على وجه الطفل زياد وأحرقته.
ونقلت مديرة الروضة الطفل المصاب إلى مستشفى الحروق في بن عروس، مدعية أن والدته هي التي أحرقته. وسارعت وزارة المرأة إلى فتح تحقيق بالحادثة، وإلى إغلاق الروضة المعنية، في حين أنّ المربية لا تزال متوارية.
وقال المندوب العام لحماية الطفولة، مهيار حمادي، لـ"العربي الجديد" إنّ إجراءات اتخذت ضد المربية التي أحرقت وجه الطفل، ومنها ملاحقتها قضائياً، إلى جانب غلق الحضانة، وتخصيص رعاية نفسية للطفل.
وأكد حمادي، أن الحادثة هي الأولى من نوعها تحصل في حضانة أطفال، مشيراً إلى رصد اعتداءات وتعنيف وضرب في السابق داخل الحضانات، لكنها لم تصل إلى الحرق، ما يعني أنها حالة استثنائية.
وأوضح أن الحادثة محل متابعة من وزارة المرأة، وأن الطفل يخضع حالياً للرعاية، مؤكداً ثبوت إصابة الطّفل بالحرق داخل المؤسّسة وليس في منزل والديه، وأنّ الاعتداء غير عادي، ويكشف أن المربية غير متوازنة من الناحية النفسية.
وأشار إلى أنّه لا بد من حسن اختيار الأشخاص الذين يتولون رعاية الأطفال، ضرورة إبراز شهادات تضمن سلامة توازنهم النفسي عند توظيفهم لأن التعامل مع الأطفال دقيق، خصوصاً وأن هناك أطفالاً يحتاجون تعاملاً دقيقاً مبنياً على المعرفة العلمية، خصوصاً من يتميز منهم بالحركة المفرطة أو الاضطرابات، أو لديهم مشاكل في التواصل، وهي مسائل قد لا يدركها الأهل، ويكون المربي هو المسؤول على تحديد مثل هذه السلوكيات والأعراض لتحديد طرق التعامل معها.
ورأى أنّ انتداب المربية في تلك الحضانة ربما كان اعتباطياً بدون اعتماد أية مقاييس خاصة، كما أن الحضانة عشوائية وغير مرخصة، مؤكداً أن قراراً صدر قبل الحادثة بإغلاقها.
يذكر أنّ فيصل الملاوحي، والد الطّفل زياد، أكّد في تصريح إعلاميّ أنّ ابنه البالغ من العمر 5 أعوام تعرّض إلى حرق في وجهه بواسطة ملعقة من إحدى المربيّات بروضة بمنطقة جبل الجلود، وهو يعاني آلاماً حادة جرّاء الحرق، مبيناً أن قوات الأمن بالجهة أغلقت الروضة، وأوقفت المشرفة على الأطفال، في حين لا تزال المربية هاربة.
ويطرح هذا الموضوع من جديد أسئلة عديدة على قطاع الحضانات ورياض الأطفال، خصوصاً بعد قرارات وزارة المرأة والأسرة بغلق الحضانات غير المرخصة، والتي توظف مربيات لا يحملن شهادات علمية، ولا خبرة لديهن في مجال التعامل مع الأطفال، مقابل مبلغ شهري زهيد، ما يحوّل هذه المؤسسات إلى شركات ربحية على حساب التوازن النفسي لمئات آلاف الأطفال.
في المقابل، ينبه الخبراء من تقاعس الأولياء وعدم تثبتهم من قانونية هذه الحضانات، وشروط إيواء الأطفال فيها، ومن طاقم المربين، مقابل دفعهم مبالغ مادية محدودة، بسبب ضيق المداخيل واضطرار المرأة العاملة إلى إيواء أطفالها في حضانة قريبة من المسكن.
ويطالب التونسيون بعودة الحضانات البلدية التي تشرف عليها الدولة، ومضاعفة أعدادها في المدن، أمام تضخم الأعداد الخاصة منها، التي ارتفعت أقساطها في السنوات الأخيرة.