يمكن القول إن كلّ الدورات السابقة من عمر "مهرجان مراكش الدولي للفيلم" (أكبر وأهم مهرجان سينمائي بالمغرب وأحد أبرز المهرجانات العالمية) قد نالت نصيبها من النقد وشكّلت بعض تفاصيلها مواد للسّخرية والجدل. السجال كان أحياناً يخصّ كيفية التعامل مع الصحافيين المغاربة، واختيارات لجنة انتقاء الأفلام وإدارة الظهر للسينما المغربية في بلدها، دون أن ننسى من كان يقحم قضايا أخرى كالسخاء الكبير في دعم المهرجان الذي ينال نصيب الأسد من ميزانية دعم السينما على حساب مهرجانات أخرى.
في كلّ هذه الدورات كانت تثار نقاشات كثيرة، وكان المهرجان رغم كل ذلك، يجد من يدافع عنه، في جوانب عديدة منها الحرفية والقدرة على التواصل مع نجوم السينما في العالم وجلبها إلى مراكش، بفضل دائرة العلاقات التي تشتغل من داخلها مديرة المهرجان ميليتا توسكان دي بلانتيي. وكذلك اختياراته للأفلام التي كانت تحتكم إلى الجودة. وكان هناك قسم آخر، يرى أن الأمر يتعدى ذلك ويقول بضرورة النظر بأفضلية إلى السينما المغربية وأهلها ما دام المغرب هو المنظم لهذه الحدث.
لكن اللافت في الدورة الحالية، وقوف الجميع في صف واحد، هو صف المنتقدين، لأن حجم الإهانة وحّد الجميع، وجعل الكل يرى في الدورة الحالية الأسوأ من حيث اختيارات الأفلام، التي ركّزت على الأفلام الأولى والثانية لمخرجين شباب.
المسابقة الرسمية لهذه السنة لم تشمل أي فيلم مغربي! وهو أمر لا يمكن إرجاعه لعامل الجودة كما كان يحلو للمنظمين أن يرددوا، بدليل برمجة أفلام بمستوى متواضع، لا يمكن اعتبارها أفضل من بعض الأفلام المغربية المنتجة هذه السنة.
المسألة الثانية التي عادت إلى الظهور هي جدوى وجود إدارة فرنسية تلقى الدعم لتنظيم مهرجان مغربي، الأمر دعى سينمائيين مغاربة كالمخرج الشريف الطريبق إلى اعتباره استعماراً فرنسياً فنياً، وتساءل في مقالة كتبها عن الموضوع "ألم يحن الوقت بعد، إلى التخلص من هذا الاستعمار الذي دام لسنوات".
ومن بين من تحدث عن هفوات هذه الدورة نجد أيضاً المخرج عز العرب العلوي الذي قال في تدوينة من بين أخريات على صفحته بالفيسبوك: "أظن أنه حان الوقت الآن لنقول بدورنا أن السينما المغربية فعلاً لا يشرفها أن تأخذ مكاناً في برمجة باهتة". كما أن هناك رأياً غالباً يرى أنه من الواجب أن ينظر إلى السينما المحلية بنوع من الأفضلية ما دام المهرجان ينظم في المغرب.
إسم برينو بار المدير الفني للمهرجان كان هذه المرّة أكثر تداولاً، الرجل لديه تاريخ من المواقف التي وصفتها بعض الصحف المغربية بالمعاداة. هذه الدورة لم ينظر إلى أي فيلم مغربي واستمر كما العادة حضور السينما الفرانكفونية، الفرنسية تحديداً.
الأكيد بعد هذا الكلام أن مهرجان مراكش، ليس في أفضل حالاته اليوم، وهو وإن كان يراكم تاريخاً محترماً من الأسماء والأفلام المعروضة، فهو يراكم معها تاريخاً من السقطات صارت مع الوقت تنال من حجمه وصورته.