مع استمرار الحرب وانعدام الخدمات الأساسيّة في اليمن، شهدت البلاد موجة جديدة من تفشّي الكوليرا، الشهر الماضي، في وقت ما زالت الفئات الضعيفة من دون مراحيض. علماً أنّ المنظمات الإنسانية عاجزة، في أحيان كثيرة، عن الوصول إلى المناطق النائية وتأمين كل ما تحتاج إليه من خدمات.
ويعدّ سكان القرى في شمال البلاد الخاضعة إلى سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) الأكثر عرضة للإصابة بالكوليرا وغيرها من الأمراض الناتجة عن المياه الملوثة، لا سيما الإسهال وحمى الضنك. وهؤلاء يعانون كثيراً بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى المرافق الطبية، بسبب وعورة الطرقات من جهة، وعجزهم عن تحمّل تكاليف النقل من جهة أخرى. كما أنّ المنظّمات المعنية بالعلاج والتوعية لا تستطيع الوصول إليهم.
اقــرأ أيضاً
وفي وقت تهتمّ فيه معظم المنظمات العاملة في مكافحة الكوليرا في المناطق الحضرية ومحيطها الريفي القريب، بتنظيف المياه والتوعية بضرورة غسل اليدين وغيرها، إلا أنها تجد نفسها عاجزة في ظل الصرف الصحي المكشوف.
ويعدّ العمل على مكافحة الأمراض في المناطق النائية في غاية الأهمية، بحسب محمد العزب. يقول إن "غالبية من يُتوفون بسبب المرض هم من الريفيّين، بسبب عجزهم عن التنقل، نتيجة وعورة الطريق من جهة، وعجزهم عن دفع كلفة النقل والإسعاف من جهة أخرى". يضيف العزب لـ "العربي الجديد": "كثيرون تُوفوا في بيوتهم، إما لجهلهم بخطورة المرض الذي قد يفتك بالضحية خلال ساعات محدودة، أو لعدم استطاعتهم توفير بدل النقل إلى المستشفيات، بسبب انعدام دخل غالبية اليمنيين، للعام الثالث على التوالي".
يشار إلى أنّ عدد سكان المناطق النائية كبير، ولا تحتوي هذه المناطق على مراحيض. ويعاني الأهالي من شحّ المياه وغياب التوعية. وإذا ما أصيبوا بالكوليرا، فلا يعلمون ما أصابهم. وفي حال أسعفوا، يعانون الأمرّين بسبب ظروف السفر. ويقول العزب إن "آلاف القرى اليمنية تفتقد للمراحيض، ويقضي أهلها حاجتهم في العراء وخلف البيوت". ويسأل: "ما هي حلول المنظمات لهذه الفئات الضعيفة التي تفتقد إلى التوعية ولا تعلم شيئاً عن الكوليرا؟". ويلفت إلى أنّ المنظمات "لا تتدخل بشكل فعال وشامل للحد من المرض، بسبب ميلها إلى العمل السريع والسهل".
ويوضح العزب أنّ المنظمات تستطيع إيجاد حلول مستدامة لمشكلة الصرف الصحي المكشوف. لكنّه يشكّك في نيتها القيام بذلك، والسبب ميلها إلى التدخل السريع من دون أن تكلّف طواقمها مشقة الوصول إلى تلك المجتمعات شديدة التأثر".
وتتعدّد أسباب غياب المراحيض في المناطق الفقيرة والنائية، وقد تكون ناتجة عن الفقر أو الجهل. وفي وقت لا تملك عائلات ما يكفي لبناء مراحيض. هناك معتقدات وأساطير تجعل البعض يفكّر في أنّ المرحاض يتصل بالشيطان والأرواح الشريرة. في تهامة الساحلية غرب البلاد، مجتمعات كثيرة تطلق على الحمام اسم "بيت الشيطان". هؤلاء يعتقدون أنّ روح الشيطان قد تخطف الأطفال إذا ما دخلوا البيت، ولا تعيدهم أبداً. هكذا، تنصرف الأجيال الجديدة عن بناء المراحيض أو "بيوت الشيطان" حين تكبر، وإن كانت ظروفهم المادية جيدة. وفي بعض مناطق الجوف الصحراوية في أقصى شمال البلاد، تنعدم المراحيض، "الأمكنة التي يتجمّع فيها الرجس والشياطين". أمّا في مناطق كثيرة في محافظات شبوة وحضرموت البدوية شرقاً، فإن وجود المرحاض يقلّل من كرامة البيت وأهله. لذلك، تخصّص له العائلات منطقة منعزلة عن بقية مرافق المنزل، وتجعله ضيقاً يمكن رؤيته من الخارج على شكل مكعب ناتئ، يرتكز على أعمدة خشبية للدلالة على خروجه عن كيان المنزل.
وعن الحلول، يؤكّد باحث في المجالين الإغاثي والتنموي، فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن الحلّ يكمن في بناء مراحيض لكل منزل مزودة بمغسلة، والتوعية في سبيل تشييدها. ويوضح أنّ المنظمات لا يجب أن تكتفي بتوعية الأهالي بضرورة النظافة لمواجهة الكوليرا، بل تساعد في بناء مراحيض في المناطق النائية، "وتعريف الأهالي بالصلة المباشرة بين التلوث البيئي والأمراض". ويشير إلى إمكانية تحفيز الأهالي المتضررين على بناء المراحيض بكلفة بسيطة، ويمكن استخدام مواد بناء محلية متوفرة.
وكانت منظمات والصندوق الاجتماعي للتنمية قد عملوا على بناء مراحيض في بعض المناطق الريفية، وتحفيز الأهالي على بنائها، ما أدى إلى تفاعل وتنافس غير عاديين بين المجتمعات لبناء المراحيض. إلا أن الحاجة كبيرة، ما يتطلب مشاركة بقية المنظمات، بحسب الباحث.
ويشير إلى أنّ معالجة الكوليرا وبقية الأمراض المتصلة بالمياه في مرفق صحي عام مدعوم من قبل المنظمات "لا يمثل بالنسبة للريفيين الفقراء معالجة مجانية متاحة للجميع، بل إن الحصول عليه مجاناً يتطلب من هذه الشريحة كلفة كبيرة من أجل إيصال المصاب بسيارة خاصة إلى المرفق، مع تحمّل بدل الفحوصات الطبية".
اقــرأ أيضاً
وبحسب وثيقة الاحتياجات الإنسانية التي تعدّها منظمات الأمم المتحدة، فإن 50 في المائة من مديريات اليمن في حاجة ماسة إلى خدمات الصرف الصحي، في وقت لا تملك 30 في المائة من المجتمعات الريفية مراحيض، ما يزيد خطر الإصابة بالكوليرا.
ويعدّ سكان القرى في شمال البلاد الخاضعة إلى سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) الأكثر عرضة للإصابة بالكوليرا وغيرها من الأمراض الناتجة عن المياه الملوثة، لا سيما الإسهال وحمى الضنك. وهؤلاء يعانون كثيراً بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى المرافق الطبية، بسبب وعورة الطرقات من جهة، وعجزهم عن تحمّل تكاليف النقل من جهة أخرى. كما أنّ المنظّمات المعنية بالعلاج والتوعية لا تستطيع الوصول إليهم.
وفي وقت تهتمّ فيه معظم المنظمات العاملة في مكافحة الكوليرا في المناطق الحضرية ومحيطها الريفي القريب، بتنظيف المياه والتوعية بضرورة غسل اليدين وغيرها، إلا أنها تجد نفسها عاجزة في ظل الصرف الصحي المكشوف.
ويعدّ العمل على مكافحة الأمراض في المناطق النائية في غاية الأهمية، بحسب محمد العزب. يقول إن "غالبية من يُتوفون بسبب المرض هم من الريفيّين، بسبب عجزهم عن التنقل، نتيجة وعورة الطريق من جهة، وعجزهم عن دفع كلفة النقل والإسعاف من جهة أخرى". يضيف العزب لـ "العربي الجديد": "كثيرون تُوفوا في بيوتهم، إما لجهلهم بخطورة المرض الذي قد يفتك بالضحية خلال ساعات محدودة، أو لعدم استطاعتهم توفير بدل النقل إلى المستشفيات، بسبب انعدام دخل غالبية اليمنيين، للعام الثالث على التوالي".
يشار إلى أنّ عدد سكان المناطق النائية كبير، ولا تحتوي هذه المناطق على مراحيض. ويعاني الأهالي من شحّ المياه وغياب التوعية. وإذا ما أصيبوا بالكوليرا، فلا يعلمون ما أصابهم. وفي حال أسعفوا، يعانون الأمرّين بسبب ظروف السفر. ويقول العزب إن "آلاف القرى اليمنية تفتقد للمراحيض، ويقضي أهلها حاجتهم في العراء وخلف البيوت". ويسأل: "ما هي حلول المنظمات لهذه الفئات الضعيفة التي تفتقد إلى التوعية ولا تعلم شيئاً عن الكوليرا؟". ويلفت إلى أنّ المنظمات "لا تتدخل بشكل فعال وشامل للحد من المرض، بسبب ميلها إلى العمل السريع والسهل".
ويوضح العزب أنّ المنظمات تستطيع إيجاد حلول مستدامة لمشكلة الصرف الصحي المكشوف. لكنّه يشكّك في نيتها القيام بذلك، والسبب ميلها إلى التدخل السريع من دون أن تكلّف طواقمها مشقة الوصول إلى تلك المجتمعات شديدة التأثر".
وتتعدّد أسباب غياب المراحيض في المناطق الفقيرة والنائية، وقد تكون ناتجة عن الفقر أو الجهل. وفي وقت لا تملك عائلات ما يكفي لبناء مراحيض. هناك معتقدات وأساطير تجعل البعض يفكّر في أنّ المرحاض يتصل بالشيطان والأرواح الشريرة. في تهامة الساحلية غرب البلاد، مجتمعات كثيرة تطلق على الحمام اسم "بيت الشيطان". هؤلاء يعتقدون أنّ روح الشيطان قد تخطف الأطفال إذا ما دخلوا البيت، ولا تعيدهم أبداً. هكذا، تنصرف الأجيال الجديدة عن بناء المراحيض أو "بيوت الشيطان" حين تكبر، وإن كانت ظروفهم المادية جيدة. وفي بعض مناطق الجوف الصحراوية في أقصى شمال البلاد، تنعدم المراحيض، "الأمكنة التي يتجمّع فيها الرجس والشياطين". أمّا في مناطق كثيرة في محافظات شبوة وحضرموت البدوية شرقاً، فإن وجود المرحاض يقلّل من كرامة البيت وأهله. لذلك، تخصّص له العائلات منطقة منعزلة عن بقية مرافق المنزل، وتجعله ضيقاً يمكن رؤيته من الخارج على شكل مكعب ناتئ، يرتكز على أعمدة خشبية للدلالة على خروجه عن كيان المنزل.
وعن الحلول، يؤكّد باحث في المجالين الإغاثي والتنموي، فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن الحلّ يكمن في بناء مراحيض لكل منزل مزودة بمغسلة، والتوعية في سبيل تشييدها. ويوضح أنّ المنظمات لا يجب أن تكتفي بتوعية الأهالي بضرورة النظافة لمواجهة الكوليرا، بل تساعد في بناء مراحيض في المناطق النائية، "وتعريف الأهالي بالصلة المباشرة بين التلوث البيئي والأمراض". ويشير إلى إمكانية تحفيز الأهالي المتضررين على بناء المراحيض بكلفة بسيطة، ويمكن استخدام مواد بناء محلية متوفرة.
وكانت منظمات والصندوق الاجتماعي للتنمية قد عملوا على بناء مراحيض في بعض المناطق الريفية، وتحفيز الأهالي على بنائها، ما أدى إلى تفاعل وتنافس غير عاديين بين المجتمعات لبناء المراحيض. إلا أن الحاجة كبيرة، ما يتطلب مشاركة بقية المنظمات، بحسب الباحث.
ويشير إلى أنّ معالجة الكوليرا وبقية الأمراض المتصلة بالمياه في مرفق صحي عام مدعوم من قبل المنظمات "لا يمثل بالنسبة للريفيين الفقراء معالجة مجانية متاحة للجميع، بل إن الحصول عليه مجاناً يتطلب من هذه الشريحة كلفة كبيرة من أجل إيصال المصاب بسيارة خاصة إلى المرفق، مع تحمّل بدل الفحوصات الطبية".
وبحسب وثيقة الاحتياجات الإنسانية التي تعدّها منظمات الأمم المتحدة، فإن 50 في المائة من مديريات اليمن في حاجة ماسة إلى خدمات الصرف الصحي، في وقت لا تملك 30 في المائة من المجتمعات الريفية مراحيض، ما يزيد خطر الإصابة بالكوليرا.